القذافيون

في بلاد العرب عندما ينزل الحاكم عن كرسي الحكم، يعتبر نفسه حاكما بأمر الله، حاكما الى الابد، حاكما يتفضل على رعيته انه قبل بحكمهم، حاكما يتبعه وينتسب له كل شعبه، فهو قائدهم واباهم وجدهم وامهم ايضا، يمجده الادباء، ويصفق دوما له الوزراء، ويتغزل بعينه الشعراء، ويدعى له بطول العمر والنصر من قبل عبيد السلطان في مساجد الله… والناس على دين ملوكهم حتى لو كان ملكهم بلا دين!

يعتبر نفسه خير السلاطين، ودينه خير الاديان، ومذهبه ارقى المذاهب، وعائلته انقى العائلات، وعشيرته افضل العشائر، وقبيلته اعلى القبائل، ومسقط رأسه مركز الكون واطهر البقاع، هو واهله نزلوا الى الارض بعربة مجنحة من الشمس، وبقية الخلق عبيد وصعاليك خلقوا ليكونوا تحت امرته… والغريب ان العبيد مستمتعون بعبوديتهم… «والله يخلي سلطاننا وحاكمنا وولي نعمتنا…»!

وكما ان اصابع اليد ليست متشابهة، كذلك شعب السلطان، فلا يجوز ان يكونوا متساوين، أليس «الله خلق وفرق»، وجعلهم شعوبا وقبائل من اجل ان يتعارفوا؟، وليس من اجل ان يحكموا، لهذا يكفي الحاكم ان يتعرف على بقية الاصناف في مملكته، لهذا في أي من بلاد العرب لابد من وجود فرق بين، المسلم والمسيحي، الشيعي والسني، الحضري البدوي، الاصيل والبيسري، المدني والقروي، الشمالي والجنوبي، العربي والبربري… فلا يجوز ان يتساوى الشعب!

ولابد في كل بلاد العرب هيلق، ولفو، وطراثيث، وغجر، وطرش البحر، وشعوب اطراف، هناك دائما مواطنون ومستوطنون، لا يحق لهم ان يحكموا، ولا يرتقوا بوظيفة، ولا يحملوا شهادة، ولا يمسكوا منصبا، ويقفون في اخر الدور لعلهم يحصلون على فتات بقايا المائدة العامرة!
«القذافيون» يملكون عقلا واحدا بوجوه مختلفة، كان القذافي يريد توحيد العالم العربي، وتوحيد افريقيا، وتوحيد الارض، والمجموعة الشمسية، تحت علمه، ولكن تبين انه لم يستطع حتى توحيد شعبه، وتبين ان شعارات الوحدة التي ازعج العالم بها، كانت تخفي تحتها قيم التفرقة والتمييز بين ابناء البيت الواحد!

السابق
السلطة تصدر مذكرة دولية لاعتقال محمد رشيد
التالي
إلى متحاورين لا إلى متحاربين