الحياة: بعد اشتباكات عنيفة ليلا بين التبانة وجبل محسن.. اشتباكات عائلية نهارا

راقب أمس، أهالي طرابلس دخول آليات الجيش اللبناني إلى الأحياء التي شهدت اشتباكات دموية بين جبل محسن وباب التبانة، فيما كانوا يحصون عدد قتلاهم وجرحاهم والأضرار التي خلفتها القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة التي أطلقت نيرانها باتجاه الأحياء السكنية منذ الأحد الماضي، من دون أن يفهموا أسبابها الفعلية.
فالانتشار الذي نفذه الجيش فجراً لم يأتِ على خلفية رفع الاعتصام الذي يواصل تنفيذه السلفيون في المدينة احتجاجاً على توقيف شادي المولوي والأسلوب الذي نفذت فيه عملية التوقيف. إذ أكد المعتصمون بلسان الشيخ سالم الرافعي أن «مطالبات سياسية تلقاها المعتصمون لفتح الطريق في محيط مكان الاعتصام في ساحة النور والإبقاء على اعتصامنا في الوقت نفسه، وأبدينا الرغبة في ذلك لكننا نريد أولاً إزالة الأسباب أي إطلاق الشاب المولوي الذي اعتقل ظلماً وتعسفاً
وطالب الرافعي رئيس الجمهورية بالعمل على إطلاقه «بأسرع وقت ممكن
. وأكد أن الاعتصام «لن يكون إلا في ساحة النور وليس في مكان آخر
، رداً على ما تردد عن أن شباناً حاولوا قطع الطريق الدولية في اتجاه عكار باعتصام آخر تضامناً مع اعتصام ساحة النور، وقال الرافعي: «لا علاقة لنا بقطع الطريق الدولية والذين يقومون بذلك لا علاقة لنا بهم، هم إخوة لنا أرادوا التضامن معنا
اشتباك «عائلي
وظهراً، خرق حركة التعافي الأمنية في عاصمة الشمال اشتباك سجل بين عائلات حراش ونشار ونعنعي في منطقة الرفاعية (سوق العطارين) وتصاعدت حدته بعد الظهر. وأدت هذه الاشتباكات إلى سقوط جريحين هما أحمد داهود وتوفيق حمود. وشملت رقعة الاشتباكات سوق الصاغة، وطلعة الخبيزة، والمهاترة ومسجد المعلق. واستخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية.
وتمكن الجيش من تطويق الاشتباكات لاحقاً ودخل عناصره المنطقة وهي عبارة عن أزقة ضيقة.
وذُكر أن الحادث ليس الأول من نوعه، إذ سبق لهذه العائلات أن واجهت خلافات في ما بينها بلغة «الرصاص
عملية انتشار الجيش
وكانت وحدات الجيش بمؤازرة قوى الأمن الداخلي بدأت قرابة الثامنة صباحاً انتشارها في شارع سورية، أي المنطقة الفاصلة بين باب التبانة وجبل محسن، بعدما قام فوج الهندسة في الجيش بتمشيط الشارع من القنابل غير المنفجرة. ورافق انتشار الجيش دخول جرافات عملت على رفع الأتربة والحواجز التي وضعها المسلحون.
ولم تواجه عملية الانتشار بعد مرور ثلاث ساعات على بدئها أي مقاومة سوى بعض الخروق التي تمثلت بإطلاق النار في منطقة الزاهرية من قوى الأمن على مسلحين كانوا موجودين في الأزقة الداخلية.
وأخليت محاور التماس التقليدية في القبة وحارة البقار والمنكوبين بين جبل محسن وشارع سورية، من المسلحين مع وصول الجيش الذي انتشر بكثافة ونصب حواجز ثابتة وسيّر دوريات راجلة ومؤللة.
كما أقيمت حواجز أمنية في أحياء المدينة كافة لا سيما في الساحات والطرقات العامة وعند المداخل وفي منطقة أبو سمرا.
وأعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان «أن وحدات الجيش استكملت انتشارها خصوصاً في أحياء جبل محسن وباب التبانة وشارع سورية وأعادت الوضع إلى طبيعته، وتقوم بتسيير دوريات وإقامة حواجز في شوارع المدينة لمنع الإخلال بالأمن ولتمكين المواطنين من ممارسة حياتهم الطبيعية، كما جرى تعزيز قوى الأمن الداخلي في المدينة للمساعدة في تسيير أمور المواطنين وحفظ النظام
وأسفت قيادة الجيش «لسقوط الضحايا البريئة في صفوف المدنيين والعسكريين
، مؤكدة «أن فرض الأمن هو حاجة وطنية لكل اللبنانيين وأن الفوضى لن تكون في مصلحة أحد وأن وجود الجيش في طرابلس أو في أي منطقة أخرى هو لحماية الاستقرار فيها، وليس لمواجهة الأهالي أو الاشتباك معهم ولهذه الغاية لا تعنيه المواقف التحريضية أو الاستفزازية الصادرة من هنا أو هناك والتي تدعو الجيش مرة لعدم التدخل ومرة لضرب شعبه وبالتالي توريطه في أوضاع تسيء إلى دوره ولا تخدم أمن المواطنين واستقرارهم
وأعلنت قيادة الجيش أنها «تراهن مجدداً على وعي أهل المدينة ووقوفهم إلى جانب جيشهم، وتؤكد قرارها الحاسم إزالة كل المظاهر المسلحة من المدينة بما في ذلك إطلاق النار من دون إنذار باتجاه أي مسلح فور مشاهدته، كما أنها ستقوم بكل ما من شأنه الحفاظ على السلم الأهلي ومنع الفوضى

الأضرار
وسبقت عملية دخول الجيش اشتباكات وصفها الأهالي بأنها «الأعنف
خلال ليل أول من أمس، وأوردت الوكالة «الوطنية للإعلام
أسماء ثلاثة أشخاص أحضروا مصابين ليلاً وصباح أمس نتيجة المواجهات، وهم: فادي أسعد (مواليد 1975)، ومحمد عبدالرافع عثمان (مواليد 1985) وعمر الناغي (مواليد 1992)، وجرت معالجتهم وغادروا المستشفى.
وكشفت ساعات النهار حجم الأضرار التي لحقت بالممتلكات والمحال والسيارات والشقق السكنية لا سيما في منطقتي البقار والتبانة. وباشر الأهالي الذين كانوا نزحوا بسبب الاشتباكات بالعودة إلى منازلهم لتفقدها وإزالة آثار الدمار منها. ونشطت حركة السير لكن معظم المحال والمدارس والجامعات والدوائر العامة والمصارف بقي مقفلاً.

المتابعة السياسية
وأثنى رئيس الجمهورية ميشال سليمان على خطوة انتشار الجيش، وأوضح مكتبه الإعلامي أنه بقي على اتصال مستمر مع المعنيين، لا سيما قائد الجيش العماد جان قهوجي «من أجل أن تكون خطوة الانتشار حاسمة في حفظ الأمن والاستقرار في المدينة ومنع تكرار ما حصل بإبقاء الساحة الداخلية هادئة وبعيدة من انعكاس التطوارات الحاصلة في الدول المحيطة بنا
. والتقى سليمان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أطلعه على الوضع ما بعد الانتشار.
وإذ تجرى مفاوضات وراء الكواليس مع المعتصمين في ساحة النور على خلفية توقيف المولوي لفتح الطرق المحيطة بالساحة نهاراً لتسيير أمور الناس ثم العودة إلى إقفالها مساء، من دون أن يجري التوصل إلى اتفاق على هذا الأمر، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام
أن المستشار لدى محكمة التمييز القاضي نبيل صاري قدم اقتراح قانون إلى كل من وزير العدل شكيب قرطباوي والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا يقضي «بتشكيل هيئة للمجلس العدلي استثنائية برئاسة رئيس مجلس قضاء أعلى متقاعد وقضاة متقاعدين أو قضاة من الدرجة السادسة عشرة وما فوق متفرغين، لعقد جلساتها ثلاث مرات في الأسبوع لمحاكمة الموقوفين الإسلاميين في ملف نهر البارد، نظراً إلى كثرة عددهم واستغراق تشكيل الخصومة وقتاً طويلاً أو إلى تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية بحيث يمكن محاكمتهم مجموعات متفرقة، إما تبعاً للجرم، أو تبعاً لأوراق الطلب التي توالت في حقهم
وكان وزير المال محمد الصفدي الذي اُستُدرِجَ المولوي إلى أحد مكاتبه لتوقيفه، اعتبر في تصريح «أننا تجاوزنا القطوع في طرابلس، وانتشار الجيش كان ضرورياً لضبط الأمور، لافتاً إلى «أن تأخير الانتشار ولد مخاوف من خطة لإقحام الجيش واستهدافه في فتنة ما
وتحدث الصفدي عن «عمل جاد لمعالجة قضية الموقوفين الإسلاميين، مشيراً إلى «اتجاه سريع لإطلاق سراح بعضهم أما الحل النهائي لمشكلة هؤلاء فيحتاج إلى بضعة أشهر
أما وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي فاعتبر أن الجيش اللبناني «استخدم تكتيكاً ذكياً جداً بالدخول أولاً إلى جبل محسن بعد الغطاء السياسي الذي أمنه له المجلس الأعلى للدفاع، وقام بضبط الاشتباكات ثم انتشر في شارع سورية في باب التبانة
وطالب بالتعاطي مع موضوع الموقوفين الإسلاميين «بجدية أكبر
، لافتاً في هذا الإطار «إلى وعد تلقاه من رئيس الحكومة ببت هذا الموضوع قريباً
وكان النائب تمام سلام زار رئيس الجمهورية ورأى في تصريح وزعه مكتبه الإعلامي أن أحداث طرابلس «ليست حصيلة خلل أمني أو سياسي عابر، بل نتيجة لتراكمات مضى عليها ما يزيد عن السنة في ظل حكومة تمارس سلطتها متعثرة ومرتبكة نتيجة تفرد قوى سياسية في السيطرة على مقدرات البلد بينما نحن في أمس الحاجة إلى تضامن وطني وحكومة وحدة وطنية لمواجهة التطورات السلبية التي ترخي بظلها على لبنان واللبنانيين
ونبه إلى ضرورة تفادي «الانزلاق في متاهات العنف والعنف المضاد، خصوصاً أن السلاح غير الشرعي والمتفلت من رقابة ضبط السلطات الشرعية يساهم في تخويف فئة كبيرة من اللبنانيين مهما كانت مبرراته أو دوافعه التي تصب في النهاية في عرقلة الحوار وإمكان التوصل إلى حلول وطنية

السابق
اللواء: هدنة تبحث عن تفاهمات غائبة والجيش ينتشر في طرابلس
التالي
الشرق الأوسط: طرابلس ضحية اشتباكات متنقلة تطال أسواقها العتيقة والإسلاميون يعتصمون ويغلقون مدخلها الرئيسي