اللواء: سليمان يتصل بالأسد رافضاً أعمال التفجير وتحذير أميركي للمصارف اللبنانية وملاكمة سياسيّة على حلبة الإنفاق

بقي ملف الإنفاق المالي في واجهة الاهتمام الرسمي والسياسي والدبلوماسي، ليس من زاوية "تقنية" أو قانونية – دستورية، وحسب، بل أيضاً، وهذا هو الأهم، من زاوية سياسية، نظراً للمنحى الذي اتخذته قوى 8 آذار بطرح نقاط ثلاث بوجه "الشريك الوسطي حملة على الرئيس سليمان"، حشر للنائب وليد جنبلاط، وتحويل الحكومة إلى "حلبة ملاكمة" من باب الإستقالة أو هزّ الحكومة أو بقائها..
وإذا كان النائب جنبلاط ردّ على محاولة حشره بتحديد خياراته سياسياً بالاقتراب من قوى الرابع عشر من آذار، وحكومياً بالالتزام بالبقاء في الحكومة على خلفية الالتزام بالاستقرار العام، فإن فريق الثامن من آذار الذي ارتأى، أقلّه الآن، تحييد الرئيس نجيب ميقاتي، يسدّد سهامه على رئيس الجمهورية ويتهمه بأنه "راعي الظل لفريق 14 آذار".
ويأخذ هذا الفريق على الرئيس سليمان الابتعاد عن تثبيت صلاحيته بامتناعه عن توقيع مرسوم الـ 8900 مليار ليرة لبنانية.

كرة الإستقالة
وكشف مصدر وسطي واسع الاطلاع لـ "اللواء" أن تحويل الحكومة إلى كرة، يجري تقاذفها، عبر التلويح بالاستقالة، من هذا الفريق أو ذاك، من شأنه أن يضعف الرهان على المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والسياسي، بالرغم من القصور الحكومي، سواء في ملف التعيينات، أو الإنفاقات، أو إنجاز الموازنة، أو قانون الانتخابات، وخلاف ذلك، ويؤدي في أحسن الأحوال، إلى ملاقاة قوى 14 آذار عند منتصف الطريق، وهي تطالب برحيل حكومة ميقاتي، غير المؤتمنة على إجراء الانتخابات النيابية العام المقبل.
ونقل الذين التقوا الرئيس ميقاتي أمس عنه قوله: لن أستقيل، والإنفاق المالي سيجد له حلاً في الأيام القليلة المقبلة، في إشارة غير مباشرة إلى جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل في القصر الجمهوري، والمفترض أن تنعقد على خلفية اتفاق جرى تداوله ويقضي بأن يقدم وزير المال محمد الصفدي مشروعاً مقبولاً للسير به.
وعلمت "اللواء" من مصدر محايد أن الرئيس ميقاتي تلقى بالواسطة رسالة من "حزب الله" مؤداها "أنك إذا أردت الاستقالة، فنحن جاهزون للاستقالة قبلك".
بالتزامن، كان مصدر في قوى 8 آذار يعلّق على موقف الرئيس سليمان من مناقشات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بقوله أن على "رئيس الجمهورية أن يدرك أن بقاء الحكومة أو عدم بقائها ليس رهن موقفه بل نتيجة قرار سياسي تراه مكونات 8 آذار وتعتقد أنه يقضي ببقاء حكومة ميقاتي حتى الانتخابات النيابية المقبلة بصرف النظر عن تسوية الخلافات أو استمرارها داخل مكوناتها".
اتصال سليمان بالأسد
وفي خضم هذا المناخ، توقفت الأوساط السياسية عند تطورين يحملان غير معنى، ويتركان انعكاسات مباشرة على الوضع السياسي العام في البلاد:
1 – اتصال الرئيس سليمان بنظيره السوري بشار الأسد. هذا الاتصال الذي كشف عنه بيان صادر عن القصر الجمهوري من دون أن يُحدّد توقيته، وإن كان يرجح انه أتى بعد الانفجارين اللذين هزا دمشق أمس وأديا إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى.
فحسب البيان الرسمي اللبناني، فان الرئيس سليمان اعتبر أن استمرار أعمال التفجير في سوريا لا يُشكّل الوسيلة لبلوغ الديمقراطية، والسبيل الأمثل هو الجلوس إلى طاولة الحوار والبحث بهدوء في الوسائل الحضارية لتحقيق الانتقال إلى الديمقراطية ضمن تفاهم يضع مصلحة سوريا والشعب السوري فوق أي اعتبار.
ورأت الأوساط أن هذا الاتصال يُعيد الحرارة إلى خط قصر بعبدا – قصر المهاجرين بعد الحملات الترويجية والاتهامية من أن رئيس الجمهورية يقترب من قوى الرابع عشر من آذار لارضاء المحور الغربي – الإقليمي المناوئ لسوريا.
التحذير الأميركي
2 – أما التطور الثاني، فهو ذو بعد اقتصادي – دبلوماسي، ومع انه ليس جديداً الا ان توقيته يرتدي دلالة استثنائية في ضوء ما تردد من تقارير عن ان النظام السوري ينجو من العقوبات الدولية المفروضة عليه عبر البوابات الحدودية اللبنانية.
وتمثل هذا التطور بإعلان نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب ديفيد كوهين ان الولايات المتحدة اوصت المصارف اللبنانية ب"توخي الحذر الفائق" حيال الاعمال المالية مع سوريا لتجنب إخفاء نظام دمشق وداعميه الأموال في الخارج، قائلاً: "نريد ان نتأكد قدر الامكان من أن النظام وداعميه وحلفائه الذين قد يحاولون إخفاء اموالهم لن يتمكنوا من ذلك".
كوهين، وأثناء مائدة حوار مستديرة في واشنطن، أضاف "إننا نعمل على الأخص مع القطاع المصرفي اللبناني المرتبط بشكل وثيق بالنظام المصرفي السوري"، مؤكداً أن "احد الأمور التي تحرص واشنطن عليها هي ابدائهم تيقظاً فائقاً في مراقبة العمليات المالية مع سوريا".
وإذ أشار إلى "وجود تسرب لرؤوس المال من سوريا"، تابع كوهين: "نريد تسهيل إخراج رؤوس المال السورية العائدة لأفراد لا يؤيدون النظام ويريدون مغادرة سوريا ونقل اموالهم معهم، ولا سبب على الإطلاق كي نتدخل في ذلك".
ويأتي هذا الموقف الأميركي بعد اعلان كل من الرئيس ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن ملاءة مالية جيدة في المصارف اللبنانية، فضلاً عن تحقيق نسبة نمو قدرها رئيس الحكومة بخمسة بالمائة العام الماضي، والذي كشف ان النقاش الدائر اليوم حول الانفاق المالي يتعلق بقوننة هذا الانفاق وليس بتوافر المال الذي يحقق فائضاً جيداً.
اما حاكم مصرف لبنان، فالتقى مع ما ذهب إليه الرئيس ميقاتي، وكان كلا المسؤولين يتحدثان في "منتدى الاقتصاد العربي" الذي افتتح أعماله أمس في "فندق فينيسيا"، مؤكداً ان صندوق النقد الدولي يتوقع نمواً حقيقياً هذا العام بنسبة ثلاثة بالمائة، وتحدث سلامة عن احتمال ارتفاع الودائع بحوالى ثمانية بالمائة، كاشفاً أن لبنان لم يتأثر بأزمة الديون السيادية في أوروبا باعتماده نموذجاً مصرفياً خاصاً به أبعد عنه فقدان السيولة بسبب المضاربات.
لجنة تحقيق بالمرحلة العونية
أما في اليوميات السياسية، فبقيت السجالات تدور عند محاور شبه ثابتة تتعلق بأسس الانقسام العام في البلاد، فالرئيس سعد الحريري اعتبر ان الاولوية الآن هي لاسقاط نظام الوصاية والفساد والاغتيال والتسلط فيما ذهب الرئيس فؤاد السنيورة إلى رفع الصوت بوتيرة أعلى بقوله: إن الحكومة الحالية لا يمكن ان تؤتمن على إدارة الانتخابات، وهي باقية بإرادة "حزب الله" وايران وسوريا.
وعلى صعيد لجان التحقيق النيابية، فقد كشف عضو لجنة المال النيابية جمال الجراح انه قدم امس إلى رئاسة مجلس النواب اقتراحاً بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الاموال العمومية التي صرفت منذ نهاية عهد الرئيس امين الجميل إلى بداية عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، اي بشكل رئيسي الفترة التي اصبح فيها النائب ميشال عون والذي كان حينها قائداً للجيش رئيساً للحكومة العسكرية المؤقتة والتي بقيت حتى العام 1990.
وأكدت مصادر نيابية في لجنة المال ان الصورة لم تختلف في موضوع الانفاق المالي بين اليوم والامس وان الخلافات باقية على حالها، خصوصا في ظل اصرار الفريق العوني على عدم المس بمشروع الـ8900 مليار ليرة الموجود في مجلس النواب، واعراب الرئيس نبيه بري صراحة انه لن يتدخل في هذا الشأن، وتأكيد فريق الرابع عشر من آذار على تبني طرح الرئيس السنيورة وكتلة "المستقبل" لجهة رفع سقوف الانفاق بشكل مؤقت من خلال مشروع تتقدم به الحكومة على ان تسرّع ارسال مشروع موازنة 2012 وان

السابق
وفاة الامين العام للجامعة الاسلامية في لبنان سميح فياض
التالي
النهار: مهلة ميقاتي في مواجهة الانسداد الحكومي وحماية التخابر ملف جديد بعد الداتا؟