مطاعم وملاحم النبطية: تعميم تهمة بيع اللحوم الفاسدة ضررٌ فادح

تراجع مبيعات اللحوم في النبطية يفتعل أزمة والإعلام هو المسؤول، المطلوب تصريح من وزارتي "الاقتصاد والصحة" حول المتاجر والمطاعم الجيدة.
غضب عارم يجتاح أصحاب المطاعم والملاحم في الجنوب، نتيجة الأخبار التي بثَّتها وسائل الإعلام حول فساد الغذاء خصوصاً اللحوم على مختلف أنواعها، كيف لا والزبائن خرجت ولم تعد خوفاً من التسمم وتأثراً بالأخبار التي أطلقتها وسائل الإعلام وعمَّمتها على كافة المناطق للفوز بسبق إعلامي وعدم التفكير بالخسائر المادية التي ألحقتها بأصحاب المصالح وتسريح العمال والموظفين على ما يقول بعض التجار.
تدخل المطاعم والملاحم في النبطية فتجدها خاوية من الزبائن. يدّعي أصحاب المطاعم أن مصادر اللحوم قانونية وموثوقة في النبطية لكنهم يتهمون الإعلام بزعزعة ثقة المواطن ، لإلقاء الضوء على مزيد من التفاصيل كان لـ"شؤون جنوبية" هذه الجولة في النبطية مع أصحاب المطاعم والملاحم:
شاهد من اهله
مطعم "الأبراج" لصاحبه حسن جمول: ما هو دور المسؤولين في قضية فساد اللحوم؟ افتتح المطعم منذ ثلاثين سنة في دير الزهراني والنبطية، وكان أشهر من نار على علم، حتى تفجّرت أزمة اللحوم الفاسدة، فشملت السمعة السيئة كافة المطاعم كالنار تأكل الهشيم، يبادر جمول إلى القول؛ إنه ضرب إعلامي، عندما تقوم وسيلة إعلامية بنشر خبر وتعممه دون أية مسؤولية فتقول في النبطية مثلاً وجد لحم فاسد على مكب للنفايات، دون تحديد المكان بالضبط شوَّش أفكار الناس ودفعهم إلى الاعتقاد أن جميع اللحوم فاسدة في النبطية. ويضيف: لماذا أثيرت قضية اللحوم الفاسدة الآن، وما دور المسؤولين في إدخالها إلى البلد؟ هل المقصود إلهاء الناس بهذه القضية؟ أم أن تسمم شخصية معروفة أثارها، ويعقّب جمول: في العام الماضي توفي شخصان، بالأحرى شابان نتيجة التسمم بالأطعمة الفاسدة، لماذا لم يُثر الموضوع في وسائل الإعلام ومرّ مرور الكرام كأي خبر عادي. ويؤكد جمول أنه لم تحصل أية حالة تسمم في النبطية وجوارها، لأن الرقابة موجودة دائماً من وزارة الاقتصاد ومن البلدية.
ويتابع جمول: الدعاية الفاسدة لوسائل الإعلام أضرَّت بمعيشة من سبع إلى ثمانية عوائل تعتاش من مطعمنا، وعدم إقبال الناس جعل العمل يخف فأضرّ بالعمال وأقعدهم في منازلهم، من أين سيعتاش هؤلاء؟

قتلُ سمعة المطاعم
دخلت مطعم بيدو، استقبلني الموظف رفيق هاشم بحزن بادٍ على وجهه كيف لا والمطعم خال من الزبائن.
يقول هاشم: الخسارة قوية فثقة المواطن ذهبت كيف لا ووسائل الإعلام زعزعت هذه الثقة، ومشاهد اللحوم الفاسدة قتلت سمعة المطاعم وتكاد تقفلها. وعندما سألته عن مصدر لحومه أجاب: لحم الغنم والبقر نحضره من مسلخ علي كالوت في السراي، وهو معروف أما لحم الدجاج فنحضره من معمل نصور في جبشيت.
حال المبيع عدم يقول هاشم: بعد أن كنا نبيع 300 سندويش في اليوم بتنا لا نصل إلى بيع الـ20 سندويشاً في اليوم. ويضع اللوم على الإعلام الذي "قتل" المطاعم ويعزو قضية فساد اللحم إلى قضية أكبر منه فوزارة الصحة كشفت عن فيلم سينمائي طويل أخرجته لعبة سياسية، انتهت اللعبة بموت المطاعم والملاحم والأفران والله يعوض علينا.
دخلت مطعم "الطربوش الأحمر" فوجدته حال بقية المطاعم بعد أن كان يعج بالناس. بادر معلم الشورما محمد ريحاني بالقول: خفّت الثقة فخفّت معها نسبة الشراء 90%، كنا نبيع يومياً بحجم السوق 50 كيلو لحم أما الآن فمبيعنا لا يتجاوز الـ10 كيلو يومياً وكغيره حمَّل مسؤولية الخسارة لوسائل الإعلام التي شنت حرباً إعلامية على أصحاب المطاعم والملاحم وغيرهم. (أخذوا الجميع بجريرة واحد، المفروض أن يتحاسب التاجر الأساسي إلي كمشوا اللحمة الفاسدة عنده). أما الحل برأي ريحاني: وقْف الفساد الإعلامي في نشر قضية فساد.

الحق على الدولة
ملحمة "الزوادة" لصاحبها محمد طالب، يبدو الحاج محمد طالب أكثر ثقة عندما يتكلم عن ملحمته لأن البلدية دلت بعض الإعلاميين عليه، عندما سألوها عن لحمة نظيفة مشيرة إلى ملحمته.
رغم ثقته فقد تأثرت ملحمة الزوادة نتيجة هذه الازمة. فالإقبال خفّ 40% رغم ذلك فإن زبائننا الدائمين لديهم ثقة بنا لأن مصدر لحمتنا معروف، فلحم البقر والغنم نحضره من مسلخ النبطية ولحم الدجاج من "مسلخ الشريف"، وهذه أماكن موثوقة. الإعلام ضرب قطاع اللحمة والحق على الدولة لماذا لا تعلن اسم المحلات التي باعت لحوماً فاسدة، لماذا تترك لوسائل الإعلام حرية القرار؟ لماذا يتحمّل الجميع مسؤولية الفرد؟ ولماذا تتحمّل مدينة النبطية المسؤولية بأكملها عمّا حدث في بقية المناطق.
أما الحلّ برأي طالب فيكمن بفتح صفحة جديدة وتحديد مكمن الفساد والإعلام عن الأسماء وعدم إلقاء التهم جزافاً.

تدهور
الملحمة "العصرية" لصاحبها الحاج علي: يتولى محمد الأخضر الكلام كونه موظف في الملحمة منذ العام 1975 أي منذ افتتاح الملحمة، رغم نظافة الملحمة الظاهرة والرائحة الزكية للحمة المعلّقة. يقول الأخضر: تراجع المبيع عندنا بنسبة كبيرة فبعد أن كنا نبيع بمليونين ليرة لبنانية في النهار أصبح المبيع 500 ألف ل.ل.

إشاعات مغرضة؟
رغم شهرته الواسعة طالت مطعم "العبد الله" في حاروف الشائعات، كغيره من المطاعم فجعلت فروجه مثلج وشمّعت الشائعات المطعم بالشمع الأحمر وعُلِّق الضبط على بابه وهو ما يزال مفتوحاً. ما حدا بصاحبه حسين العبد الله رفع دعوى على وزارتي الاقتصاد والصحة. الجدير ذكره لم يُصرح عن مطاعم ومحلات تم ضبطها في منطقة النبطية وحاورف. "وينفي العبد الله الإشاعات التي طالته وهي عارية عن الصحة ويؤكد أن مصادرة محلية والذبح والتسليم يومي". هذه الرسالة أرسلها حسين العبد الله إلى 120 ألف شخص عبر (SMS) واضعاً رقم وزارة الاقتصاد ضمنها، ما حدا بأكثر من 10 آلاف شخص الاتصال بوزارة الاقتصاد للاستفسار عن صحة الخبر أي إقفال المطعم ظانين أنه رقم هاتف المطعم.
ويؤكد العبد الله أن الدجاج المستخدم في مطعمه مصدره المسلخ الذي يملكه في حاروف وذبحه يومي. ما يؤكد أن الإشاعات مغرضة وهي إحدى المضاربات المطاعم كونه معروف على صعيد الجنوب. ورغم نظافة ملفه قانونياً في وزارتي الاقتصاد والصحة، لم يتم نشر بيانٍ بهذا الصدد لأن المصادر الرسمية لا تعطي أهمية لهكذا تصريحات رغم معرفتها بصحة المعلومات إنما تترك لوسائل الإعلام حرية التعبير حتى لو أضرّت بمصلحة المواطن.

ضوابط صحية
ما هو رد رئيس اللجنة الصحية في بلدية النبطية الدكتور أحمد ضاهر: "أجرينا جولة تفتيشية على المطاعم والملاحم في النبطية ولم تظهر لدينا أية لحوم فاسدة. منذ خمسة أشهر تم ضبط بعض الملاحم لغشها وخلط اللحم المثلج مع الطازج وغُرِّمت الملاحم بـ15 مليون ل.ل. وتحولت للقضاء".
كما قامت بلدية النبطية بإجراء لقاءات ودورات تثقيفية حول الشروط الصحية والقانونية للملاحم والمطاعم والموظفين فيها. بالنسبة للدكتور ضاهر فإن مسلخ النبطية هو الوحيد المرخص، وهناك مسلخان غير مرخصين في المنطقة المجاورة كما تقوم البلدية بمتابعة مرور اللحوم على مسلخ النبطية حيث تفحص من قبل طبيب مختص وكذا تفحص المواشي قبل وبعد ذبحها، أما السمك فقد وضعت البلدية ضوابط لمنع بيعه على الطرقات أو في السيارات.
وتقوم لجنة الصحة خلال جولتها على المطاعم والملاحم بطلب الفواتير لمعرفة مصدر اللحوم، بالإضافة إلى توزيع المراييل البيضاء والقليل التزم بلبسها.
بعض أصحاب المطاعم الذي كان يشكو من الهجمة الإعلامية على قطاع اللحمة، كان يضع سيخ الشاورما في بانيو الحمام، ويضع الدجاج النيء في براميل الزبالة قبل وضعها في الشواية أو لدى مجيء الرقابة. يضع الدكتور أحمد ضاهر اللوم على المسؤولين الكبار، لأن التاجر الصغير لا يجرؤ على الغش والاحتيال إلا إذا سُمِح له. ويجب على السلطة الإجرائية من درك وقضاء أخذ الإجراءات اللازمة.

المشكلة في الاستيراد من الخارج
المسؤول عن مسلخ النبطية الدكتور يحي بدر الدين أشار إلى أن عمله كطبيب بيطري، الإشراف على المواشي وفحصها قبل وبعد ذبحها في مسلخ النبطية، ويقوم بدوريات للمراقبة مع مندوب مصلحة الصحة في النبطية وعدد من شرطة البلدية.
يُطمئن بدر الدين إلى أن المواشي يتم فحصها في البور قبل شحنها إلى النبطية. المشكلة في اللحّامين الذين يحضرون اللحمة من خارج مسلخ النبطية. بالنسبة إلى الدكتور بدر الدين فإن مسألة اللحوم مضبوطة في النبطية، والبلدية تقوم بالحملات والدوريات منذ أشهر، أما اللحامون المخالفون فقد سطرت محاضر ضبط بحقهم وغُرِّموا ملايين الليرات، كما طالبت البلدية اللحامين بوضع إعلان عن اللحم المثلج وسعره، رفض اللحامون الفكرة وقرروا وقف بيع اللحم المثلج والذين خالفوا سطرت محاضر ضبط بحقهم.
  

السابق
إطلاق نار كثيف بين طريق الجديدة وكورنيش المزرعة
التالي
حماده حذر من اختراق إيراني للمناطق المسيحية