المطلوب ورشة وطنية

  يقترب لبنان من الاستحقاق الأهم الذي ينتظره اللبنانيون، وهو الانتخابات النيابية المقررة في سنة 2013، والتي تتيح التغيير المطلوب لإخراج البلد من التردّي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

يطمح اللبنانيون إلى قيام "ورشة" وطنية لصوغ قانون انتخاب، تأخذ في الاعتبار التنوع اللبناني حفاظاً على الوحدة الوطنية والصيغة اللبنانية. الوقت داهم ولم يبق على موعد هذا الاستحقاق سوى قرابة سنة ليس إلاّ… ومن واجب الدولة ومسؤوليتها تأمين قانون انتخاب يعتمد النسبية التي تحل إشكالية كبيرة على مستوى التمثيل السياسي والشعبي، لأن هذا هو القول الفصل في بداية التغيير الحقيقي، والابتعاد بقدر الإمكان عن المذهبية والطائفية والحزبية العمياء، والبناء على قانون ديمقراطي يمثل القوى كافة المدنية والاجتماعية والاقتصادية الفاعلة التي لا ترتبط إلا بمواقف وطنيّة، وتحرص على خدمة الصالح العام وقضايا المواطنين. لذا، نقول إن الإصرار الدائم على إقرار قانون انتخاب يعتمد النسبية، يعيد إلى لبنان توازنه بما يمنع تكرار تجربة "البوسطات" و"المحادل" والفوز بالتزكية. وهذه المسألة في غاية الأهمية وهي مصيرية بكل ما للكلمة من معنى، لأن إنقاذ البلد يتطلّب التطلّع إلى إخراج لبنان من مأزق الجمود والمراوحة. ولذلك، يبقى ملحاً عدم التنازل عن مطلب التوصل إلى صيغة قانون جديد منصف وعادل يعتمد النسبية، ودوائر انتخابية تؤدي إلى الحد الأعلى من التمثيل السليم لكل الفئات.

لذا، فإننا في حزب الحوار الوطني نلحّ على إنجاز مشروع القانون لئلاّ نقف بعد سنة أمام مشهد مؤسف جديد تضيع معه فرصة التغيير المطلوب على الساحة السياسية، علماً أن ما يجري اليوم لا يوحي جدية حقيقية لإحداث اختراق في هذا المجال. بل يمكن القول إن نهج تبادل المنافع وتأمين المصالح والمقايضات والاستغفال لذاكرة اللبنانيين، لا يزال سائداً ويا للأسف!

يجب أن نعي جميعاً مخاطر إبقاء لبنان مفتوحاً على الأزمات الإقليمية القائمة حالياً، لكن الأهم هو العمل المجدي لإخراج لبنان من دائرة المراوحة والانتظار. فمن علامات الخروج من مأزق سنوات ما بعد عام 2005، كان اتفاق الدوحة في أيار 2008. ولكن الواقع اللبناني أثبت أن "الترقيع" الذي رعاه اتفاق الدوحة جاء لطمر "الفتنة" موقتاً، إذ لم يئدها، وخصوصاً أنه تشظى حصصاً ومكاسب. والدليل على هذا واضح في كل ممارسات القوى السياسية التي شاركت في الدوحة، حيث اتفق على قانون للانتخاب يكرّس الطائفية والمذهبية ونظام الحصص الطائفية والمذهبية، ومن ثم عادت البلاد إلى حالتها الصعبة.

لذا، نأمل مع اللبنانيين في ألاّ يجري اليوم في موسم التحضير للانتخابات، "غرس" جديد للفتنة في ما بين الطوائف والملل وكل مكونات الشعب اللبناني. والحل بيد الحكومة ومجلس النواب اللذين يستطيعان قبل سنة من موعد هذه الانتخابات، إقرار قانون عادل يعتمد النسبية ويسحب فتيل التأزم والمراوحة، ويتيح للبلد فرصة صوْن مؤسساته وقيام دولته وتعزيزها مجدداً.

السابق
حافلة الوطن
التالي
الاستقرار اللبناني بين فيلتمان ورحيمي