هولاكو الشام وعرض الحرائر

من المحزن رؤية مناظر الوحشية التي يتعامل بها نظام في الشام مع شعبه، ومن المؤلم أن يستمر هذا البطش على مرأى ومسمع العالم، دون أن يكون هناك تحرك فعلي وسريع من المجتمع الدولي لإيقافه.
مشهد الرجل الذي يتم سحله بالسيارة بعد قتله وهو شبه عار من قبل أزلام النظام السوري، ولقطة دفن الشاب وهو حي وهو يردد يا الله وهم مصرون على أن يقول كلمة الكفر حتى انقطع الصوت، ومنظر قيام جنود البعث وهم ينبشون قبر أحد الشهداء، ويستخرجون جثته، ومشهد العائلة والتي غالبيتها نساء وأطفال قد قتلوا رميا أو نحرا، إنها لمناظر تقشعر لها الأبدان.
لقد استخدم النظام في دمشق كل هذه الأساليب وما هو أبشع منها من أجل أن يوقف الثورة، والسؤال هل بالفعل سيتحقق له ذلك؟
من يقرأ التاريخ يجد أن هناك من استخدم صورا من البطش مثل هذا أو أشد، لكن في النهاية انهزم جيشه وانكسر، حدث الإمام ابن الأثير واصفا حال المسلمين في القرن السابع الهجري فترة الهجمة التترية على بلاد الإسلام فكان من قوله : من الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. وقال : ولعله يجيء من بعدنا إذا بعد العهد ويرى هذه الحوادث مسطورة أن ينكرها ويستبعدها.
ونُقل عن الإمام ابن تيمية في وصف حال المسلمين تلك الفترة بقوله: نزلت فتنة جعلت الحليم حيران، والصاحي منزلة السكران، وحدث من أنواع البلوى ما جعلها قيامة مصغرة عن القيامة الكبرى.
وحق للإمامين أن يعبرا بذلك الوصف، فمما ذكرته كتب التاريخ أن التتار لما دخلوا مدينة ( بخارى ) أعطوا أهلها الأمان، ثم اتجهوا إلى قلعة تحصن بها المقاتلون وتمكنوا من دخولها فقتلوا من فيها ثم عادوا إلى المدينة فقتلوا وأفسدوا حتى قال ابن الأثير عن ذلك اليوم: كان يوما عظيما من كثرة بكاء الرجال والنساء والولدين.
ولم يكن نصيب مدينة ( سمرقند ) بأقل من أختها، إذ نصب التتر كمينا لأهلها فأوقعوا في شراكهم قرابة السبعين ألف قتلوا في يوم واحد.
وأما مدينة ( نيسابور ) فقد شهدت منظرا تهتز له المشاعر وتتفطر له القلوب، إذ قاموا بذبح أهلها وقطعوا رؤوسهم وجعلوها ثلاثة اهرامات واحدة من رؤوس الرجال والآخر من النساء والثالث من الأطفال.
وامتد افسادهم إلى أن وصلوا (بغداد )، فقتلوا الخليفة العباسي، وقتلوا من قدروا عليه من الرجال والنساء والأطفال، حتى اختبأ الناس في الآبار وزرائب الأغنام، وقني الأوساخ، وهرب بعضهم إلى السطوح فقتلوهم حتى جرت المرازيم من الدماء في الشوارع.
ووصل حال الذل بالمسلمين أن رجلا من التتار رأى مسلما ولم يكن معه ما يقتله فأمره أن يضع رأسه في الأرض وينتظر حتى أتى التتري بسيفه فقتله به.
كل هذه المشاهد لم تستمر ولم يستقر الأمر للتتار في المنطقة، إذ قام القائد قطز بعد أن وصله نبأ نية هولاكو لغزو مصر، وخرج له بعد أن حض أمراء المسلمين للخروج فكان مما قال ( يا أمراء المسلمين لكم زمان وأنتم تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون وأنا متوجه فمن اختار الجهاد فليصحبني، ومن لم يختر ذلك فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم ( نساء ) المسلمين في رقاب المتأخرين.
ثم قاتل جيش التتار في رمضان في معركة ( عين جالوت ) وحقق الله تعالى له النصر بعد أن ظن بعض المسلمين أن ذلك من المستحيلات، وقُتل نائب هولاكو وقائده في الشام ( كتبغا ) فخر قطز لله شاكرا.
رسالتي
لقد كان من أهم عوامل النصر على جيش التتار مواقف الصدق التي وقفها الأمراء والعلماء، وكان لهم الناس تبعا، واليوم الناس بل الأمة تتطلع لوقفة صادقة من الملوك والأمراء والرؤساء لدعم ثورة الشعب السوري للتخلص من طاغيته، وإن لم يفعلوا فإن انتهاك أعراض الحرائر في رقابهم.  

السابق
الخائفون على الربيع العربي
التالي
ليس ربيعاً.. إنه الخريف وسايكس بيكو جديدة!