السجال الطائفي

المناقشات التي جرت في مجلس النواب، على مدى ثلاثة أيام، أبعد ما تكون عن المناقشات المفيدة، الأقرب إلى تصرفات الأطفال الغرائزية، كلاماً وتحركاً وتهجماً، بالكاد رؤيتها في الأزقّة.
المناقشات بما تضمنت، والخطب التي ألقيت، كانت طائفية بامتياز، أصابت المشاهد، والقارئ، بالإشمئزاز، واثبتت أن من جمعتهم المسؤولية، هم الحريصون على إذكاء الروح الشريرة، التي زرعوها في النفوس، وهم القدوة في إضرام نار الفتنة، البارعون في السياسات الكيدية، وترسيخ ما ابتكروه من أصناف الفئوية، عامودياً وأفقياً.

من خلال المناقشات، بدت وبوضوح لا يرقى إليه شك، أن الطائفية والمذهبية، تنام قريرة العين، مطمئنة، إطمئنان الشيطان في قلب الخطايا، وعلى مقاعد مريحة، لا أحد يجرؤ على إزعاجها أو التصدي لها، كما غابت الملحة الوطنية عن المناقشات، كذلك غابت مصلحة المواطن، وهموه وشجونه، التي أخذتهم الخطب الرنانة والكلمات المنمّقة ماخذ النسيان المبرمج.
المناقشات جاءت بمجملها صورة صادقة عن أصحابها، فضائح وسمسرات، تجاوزات وأطماع، وهيمنة وتحالفات داخلية واقليمية ودولية، أدرك من خلالها المواطن، التردّي المستمر والتدهور المعيشي المتمادي، الذي يتخبّط به، وأدرك مدى استحالة معالجة ملّفاته الحيوية، وان يقف وراء الإنقسامات الحادة، التي ترسّخت في فوفه، ومن يحول دون حلّها أو مواجهتها.

اللامبالاة التي طغت على مناقشات الأيام الثلاثة، والمستوى الهابط، الذي انطوت عليه، بعث «القرف» في النفوس، والتساؤل عن مدى إمكانية التبديل والتعديل إما في النصوص أو النفوس، وبخاصة مابان لدى خروج النواب، ومعارضة وموالاة، بعد انقضاء «المسرحية» من مصافحات وضحكات، وحتى النكات مع بعضهم البعض، وكأن شيئاً لم يكن.
ترى، ماذا استخلص المواطن المراقب لكل فصول «المسرحية المهزلة» ولا سيما أن موسم الانتخابات قد بدأ، فهل سيحسن الإختيار، أم سيعود ليتقن «البصم بالعشرة» «كما تكونوا يولى عليكم».

السابق
من يخاف ذكر الطائفيّة؟
التالي
النهار: مشاورات انتخابية لسليمان والتشكيلات الديبلوماسية على نار حامية