الدبلوماسيون الغربيّون يتابعون التيارات الإسلاميّة

فرضت التطورات السورية الأمنية والسياسية على الدبلوماسيين الغربيين المقيمين في لبنان إيلاء الاهتمام لمتابعة انعكاس هذه التطورات على الوضع اللبناني في ظل وجود ملفات متشابكة بين البلدين.

وقد أدى اقفال عدد من السفارات الغربية والعربية في دمشق أو ترك عدد من السفراء والدبلوماسيين الغربيين والعرب لعملهم في سوريا والانتقال الى دول أخرى، الى قيام السفارات الغربية والعربية بمهمة متابعة الوضع السوري في لبنان، أو اعطاء المزيد من الأولوية لبعض الملفات التي برزت بعد التطورات السورية.

ويشكل الاهتمام بدور التيارات الإسلامية، وخصوصاً الاخوان المسلمين والتيار السلفي إحدى أبرز الأولويات لدى بعض البعثات الغربية ومراكز الدراسات الأوروبية في بيروت.

كذلك بدأ الدبلوماسيون الغربيون بالتحضير والاستعداد لمتابعة الانتخابات النيابية المقبلة عام 2013 عبر اعداد دراسات وملفات عن كل القوى والشخصيات السياسية والحزبية والتحالفات الانتخابية المقبلة ودور كل فريق في هذه الانتخابات.

وأما على الصعيد الأمني، فهناك اهتمام خاص بدور الجيش والقوى الأمنية إن لجهة تعزيز العلاقة بينها وبين الجيوش والأجهزة الأمنية الغربية، أو على صعيد دورها في ضبط الحدود اللبنانية – السورية، فيما تعبّر الأوساط الدبلوماسية الغربية عن ارتياحها واطمئنانها الى استقرار الأوضاع جنوباً وعدم حصول أية احداث وتطورات أمنية في مناطق الجنوب، وخصوصاً خلال احياء ذكرى يوم الأرض في 30 آذار الماضي.

فكيف تنظر الأوساط الدبلوماسية الغربية للتطورات السورية وانعكاساتها اللبنانية؟ وما هي نظراتها للتيارات الاسلامية ودورها المستقبلي؟

أحداث سوريا وانعكاساتها

بداية كيف تنظر بعض الأوساط الدبلوماسية الغربية في بيروت للتطورات السورية وانعكاساتها على الوضع اللبناني؟ تقول المصادر الدبلوماسية الغربية «ان الوضع السوري يواجه حالياً مرحلة صعبة بعد الوصول الى الحائط المسدود على صعيد الحراك الشعبي والعسكري لإسقاط النظام، فلا المعارضة السورية نجحت في تحقيق أهدافها ولا النظام قادر على انهاء المعارضة واعادة الأمور الى الوراء، وأما خيار التدخل العسكري الخارجي فهو مستبعد حالياً. وازاء ذلك فإن العودة الى المفاوضات بدعم روسي – غربي هي الأولوية، شرط ان يعمد النظام إلى وقف عمليات العنف وأن يوافق على الحوار الحقيقي في كل قوى المعارضة، بما يسمح بحصول تغيير ديمقراطي داخلي».

وتضيف المصادر: «لقد حصل تغير مهم في مواقف بعض الدول الكبرى، وخصوصاً روسيا من خلال دعم خطة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، وهذا يشكل نقطة انطلاق لوقف اعمال العنف والعودة الى المفاوضات السياسية مع التأكيد أنه لا يمكن العودة الى النظام السوري السابق، بل لا بدّ من حصول تغيير سياسي حقيقي».

وتبدي المصادر الدبلوماسية الغربية اهتماماً بكيفية انعكاس ما يجري في سوريا على الوضع اللبناني والدور المتزايد للجيش اللبناني في ضبط الحدود، وتعبر المصادر عن الارتياح لعدم حصول أي تدهور في الأوضاع اللبنانية بسبب الأحداث في سوريا وسقوط كل التوقعات حول احتمال تفجير الوضع في لبنان بسبب ما يجري ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وتعبّر بعض هذه الأوساط عن عدم ارتياحها لمواقف الكنيسة المارونية وبعض القوى المسيحية مما يجري في سوريا والدول العربية، وتعتبر أن هذه المواقف لا تنسجم مع مبادئ الكنيسة المسيحية.

التيار الإسلامي والانتخابات النيابية

اما الملفان الأساسيان اللذان توليهما الأوساط الدبلوماسية الغربية اهتماماً متزايداً في هذه المرحلة فهما ملفا التيارات الاسلامية والانتخابات النيابية.

فأما على صعيد الملف الأول، فإن هذه الأوساط تحرص على جمع المعلومات والمعطيات حول كل القوى الاسلامية، ولا سيما الاخوان المسلمون والتيار السلفي وظاهرة الشيخ احمد الأسير، وتشير المصادر الى وجود علاقات جيدة بين بعض السفارات الغربية ومسؤولي التيارات الاسلامية في لبنان.

وتضيف «ان بعض مراكز الدراسات الأوروبية في بيروت تتابع باهتمام التيارات السلفية وظاهرة الشيخ احمد الأسير حيث جرى اعداد دراسات مفصلة عنها».

واما بالنسبة الى الانتخابات النيابية المقبلة عام 2013 فإن المصادر الدبلوماسية الغربية وبعض المعاهد والمؤسسات الأميركية والأوروبية في بيروت بدأت تدرس بشكل تفصيلي ملف الانتخابات النيابية وقوانينها ودور القوى السياسية والحزبية فيها.

وقد أقام احد المراكز الاميركية الناشطة في بيروت ورشة عمل حول «قانون النسبية» وموقف كل الأطراف منها في مجلس النواب، وتسعى بعض المؤسسات الأوروبية لاعادة تفعيل الحملات الهادفة لاصلاح قانون الانتخابات، فيما تركز مصادر دبلوماسية غربية اهتمامها على موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وأسباب رفضه لقانون النسبية ومدى تأثير ذلك على الوضع اللبناني الداخلي.

ويتابع بعض الدبلوماسيين الغربيين باهتمام دور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومدى قدرته على تشكيل «حالة شعبية متماسكة» قد تؤهله لخوض الانتخابات المقبلة بعيداً عن التحالف مع «تيار المستقبل»، ويسأل هؤلاء الدبلوماسيون عن الدور المقبل للرئيس ميقاتي وطبيعة علاقاته مع مختلف الأطراف والقوى السياسية المحلية.

إذن، بانتظار وضوح الصورة على صعيد المشهد السوري وامكانية العودة الى طاولة المفاوضات بين النظام والمعارضة، يبدو ان الاهتمام بالوضع اللبناني وتفاصيله الداخلية سيزداد في المرحلة المقبلة بعد بدء العد العكسي للانتخابات النيابية عام 2013.  

السابق
الدين وفلسطين: أفيون الشعوب
التالي
البناء: اعتراف أممي بالعنف الذي تمارسه العصابات ومجلس الأمن يدعو لحل سياسي