كتاب التاريخ مشروع انقسام جديد

منهج كتاب التاريخ ما زال مشروعا خلافيا في ضوء ما اثاره من ردود افعال واخذ ورد ونقاشات منذ اسابيع عدة، خصوصا بعد تعديلات اللجنة الزوارية للنص.
وقد تفاقم النقاش حوله بعد تعرض طلاب الكتائب والاحرار للضرب اثناء تظاهرتهم الاخيرة اعتراضا على المضمون الحالي لمنهج التاريخ. وعلى رغم اعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سحب الموضوع من التداول، الا ان النقاش حوله ما زال يأخذ حيزا لا بأس به من الخطاب السياسي في لبنان.
وفي هذا الاطار كانت دعوة المطران بولس مطر الى ندوة نظمها المركز الكاثوليكي للاعلان عن كتاب التاريخ تحت عنوان "اما ان يكون كل تاريخ لبنان وتاريخ كل لبنان او يكون مشروع انقسام جديد في البلاد".
بداية اشار المطران ممطر الى ان مشكلة تدوين التاريخ وكتابته الموضوعية هي من اصعب المشكلات حلا وتسهيلا، "والسؤال المطروح في الاوساط الفكرية عامة يتمحور حول امكان ان يكتب التاريخ بصورة موضوعية، اي بوضع مسافة بين ذاته وذاته".
واكد انه ما من شك في ان هذه القراءات العقائدية لحوادث التاريخ، قد تتسرب تطبيقات لها في كتابة اي تاريخ، في لبنان او في اي بلد او شعب ومنطقة".
اضاف: "اذا كان اللبنانيون شعبا متنوعا وواحدا في الوقت عينه، فلا ضير ان يعكس كتاب تاريخ لبنان حقيقة هذا الشعب كما هو بتنوعه في آن معاً، واذا كان اللبنانيون يتطورون في مواقفهم حيال موضوع، فيجب عل كتاب التاريخ ان يبين هذا التطور لانه يكون حقيقة تاريخية موضوعية أكيدة، واذا ما حدث للبنانيين ان اختلفوا في امر من امورهم فلا ضير اذا التاريخ هذا الاختلاف لعلهم ينظرون اليه مع الزمن نظرة موضوعية تساعدهم
تاريخية موضوعية اكيدة، واذا ما حدث للبنانيين ان اختلفوا في امر من امورهم فلا ضير اذا تضمن التاريخ هذا الاختلاف لعلهم ينظرون اليه مع الزمن نظرة موضوعية تساعدهم في تخطيه وفي تلافي الاخطاء حياله".
وسأل كيف يكتب تاريخ لبنان؟ ورأى انه يجب الاجابة على هذا السؤال قبل الشروع في وضع اي كتاب عن هذا التاريخ. "اننا نتطلع الى عدم تكرار ما حدث اثناء تظاهرة طالبية كان القائمون بها يطالبون بأن يعكس تاريخ وطنهم حقيقة نضال جميع اللبنانيين من اجل لبنان، من دون استثناء، وان لا يغيّب اي نضال من طريق الحذف والاجتزاء".
بعدها تحدث الدكتور عصام خليفة، شارحا اهداف تدريس التاريخ. فالهدف الاول "تعريف التلميذ او الطالب على هويته الوطنية. هذا الهدف هو الاكثر اهمية، فمن خلال تعريف التلامذة على تاريخ شعبهم يستوعبون القيم التي يختزنها مجتمعهم، والقيادات التي كافحت لترسيخ الكيان الوطني والاخطاء المحدقة بهذا الكيان". ومن هنا يرى خليفة انه يجب الحذر من المفاهيم التعصبية، لاسيما في مجتمع متعدد كالمجتمع اللبناني.
اما الهدف الثاني، وفق خليفة، فهو امتلاك الثقافة التاريخية، "في المناهج الجديدة للتاريخ يجب الا يقتصر التركيز على الاحداث السياسية والعسكرية، بل يجب الاهتمام بالتاريخ الاجتماعي، والديموغرافيا التاريخية، الاقتصاد، التربية والثقافة". اما الهدف الثالث، فيكمن في "اهمية المواطنة واولوية الانتماء للبنان الوطن".
ثم تطرق خليفة الى الخلفية التاريخية لمناهج التاريخ في لبنان منذ العام 2000 وصولا الى مبادرة وزير التربية السابق حسن منيمنة التي ألف بموجبها لجنة نصفها من الاكاديميين المستقلين ونصفها الآخر من اكاديميين ممثلين للقوى السياسية.
وانهى خليفة بالدعوة الى اعتماد سياسة حازمة لتنمية قدرات المعلمين، "هؤلاء الذين يجب ان يدربوا والا يكونوا مستودعات للمعارف".
من جهته، وافق النائب سامي الجميل على تسعين في المئة من مقاربة خليفة، كما قال، واكد انه وحزب الكتائب لن يعترفا بدولة لا تعترف بتضحياتهم كما تعترف بتضحيات الاطراف الأخرى. واشار الى ان الواقع الحالي في لبنان هو ان ابناء كل منطقة يتدربون بمعزل عن ابناء المناطق الاخرى "فأحدهم لا يعرف الآخر".
ورفض الجميل وصف جزء من اللبنانيين بأنهم ميليشيات، فيما يوصف الجزء الآخر بالمقاومين، "عندها ستكون المقاومة محصورة في فريق واحد بمواجهة عدو واحد".
وشدد الجميل على انه لا يعترض على ذكر تضحيات المقاومة في الجنوب لكنه يعترض لان منهج التاريخ يلغي كل تضحيات اللبنانيين الآخرين، "نحن لا نتعدى على تاريخ احد، لكن لا يجب ان يتعدى احد على تاريخنا".
اضاف: "اذا كان اتفاق الطائف قد صنف اللبنانيين في الحرب بين مقاومين ومنتمين الى ميليشيات، فلا يمكن تصحيح هذا الخطأ اليوم بخطأ اكبر".
وتحدث مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده ابو كسم، فسأل: "هل آن الاوان واصبحنا مهيئين في لبنان لاصدار كتاب تاريخ يتكلم على احداث الحرب اللبنانية".
وأكد ان الزمن لم يحن بعد، "لأننا ما زلنا منقسمين سياسيا ومرتبطين بمحاور اقليمية ودولية ولم نصل بعد الى سن الرشد الذي يؤهلنا للخروج من منطق العصبيات المذهبية والطائفية".
وختم: "قبل كتابة التاريخ، المطلوب اليوم هو ما ينادي به البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، من العمل على صوغ عقد اجتماعي جديد يؤسس لبناء الدولة المدنية التي تحفظ للطوائف حقوقها وتعزز قيمة الشخص البشري وتزرع الروح الديموقراطية في المجتمع اللبناني".  

السابق
علاج بالموسيقى
التالي
ميقاتي: لتربية الاجيال على التسامح