نحن مع الأسلاك

إأقسى أنواع الخيارات هو ذالك الذي يُدفع الإنسان إليه ليجد نفسه ما بين المطرقة والسندان.
هذا ما شعر به كل إنسان حرّ يوم أمس وهو يشاهد نموذجاً عن فكر استبدادي، ونموذجاً عن فكر سلفي متشدّد تفصل بينهما أسلاك شائكة.
ما بين الفكرين السالفين ربما كانت الأسلاك الشائكة هي الخيار الأفضل قياساً الى الخيارات المتاحة عندنا وأمام كل منا ممن ينتمي الى الأفكار الرحبة التي توفرها العدالة والديموقراطية.
التظاهرتان في ساحة الشهداء أمس نجحتا موقتاً في إبعاد الفكر المعتدل الذي مثّله الجثمان المسجّى هناك.. فلا السلفي توقف عنده لقراءة "الفاتحة" ولا الاستبدادي تذكره بعدما اصطدم به طويلاً.
والنصب واقف ينظر الى الفراغ مفتقداً صرخات الحرية وصداها كأنما لا شيء يغريه على الأرض هناك، متطلعاً نحو المجهول.

حين يغيب الاعتدال ينمو التطرّف. ليس من العدل أبداً أن نُرمى في اليم مكتّفين ويُقال لنا: إياكم والبلل.
ما بين ساحة الشهداء "من فوق" وساحة الشهداء "من تحت" لن نختار بينهما أحداً. لسنا مع هذا ولسنا مع ذاك، ثمة خيارات أخرى بالتأكيد أهمها ذاك الذي كان يمثله ابراهيم قاشوش ومحمد البوعزيزي ورفيق الحريري.
نحن إذن مع الأسلاك الشائكة وما تمثله من "وسط" يعاند الاستبداد ويقاوم التحجّر، وسط يعني الاعتدال واعتدال يعني الثورة على الظلم والجور.
الصورة باتت واضحة الآن. خيارات ثلاثة ولا مكان بعد لتردد وانتهازية. تقوم الأوطان على مفاهيم واضحة. تدوم الأوطان دوام المساواة والمواطنة.
  

السابق
الراي: الاعتصام السلفي ناشد المسيحيين الصمود في أرضهم والبعثي هاجم خادم الحرمين وأمير قطر
التالي
لماذا يكرهوننا؟!