الاخبار: الأسير مستمر في تحركه والأمــن يقسم ساحة الشهداء

إذا لم يطرأ أيّ تطوّر مفاجئ خلال الساعات القليلة المقبلة، فستستعيد ساحة الشهداء صورتها عامي 2007 و2008. حينذاك، كانت الساحة ساحتين، تفصل بينهما أسلاك شائكة ورجال أمن. وعلى طرفيها، تناقضات لبنان

وسط البلبلة التي أحدثتها دعوة إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا الشيخ أحمد الأسير الى الاعتصام في ساحة الشهداء في بيروت عند الساعة الواحدة من بعد ظهر غد الأحد «نصرةً للشعب السوري وحمص»، في الأوساط السياسية والحزبية والشعبية، أكد الأسير أن الدعوة إلى الاعتصام ما زالت قائمة من دون تغيير في الزمان والمكان.

وأشار خلال مؤتمر صحافي عقده في منزله في عبرا أمس، الى أن «هناك اتصالات مع الأجهزة الأمنية منذ السبت الفائت، وأبلغونا أنه ليس هناك مشكلة، كما اتصلنا بالمحافظ (محافظ بيروت ناصيف قالوش) وأعطانا جوابًا شفهيًا، وقال ليس هناك أية مشكلة، كما اتصل المحافظ بالأجهزة الأمنية ليجري التنسيق في ما بيننا، وهذا ما حصل بالضبط».
واتهم الأسير أحزابًا وفئات تابعة لـ «8 اذار» بأنها « تريد النزول إلى الشارع وقطع طرقات وافتعال بعض التوترات في الساحة وما شابه»، وقال: «نحن نعيش في دولة لا في غابة، وعلى الدولة أن تحمينا. نحن نتحرك بالتظاهرة سلميين»، مطالبًا «الأجهزة الأمنية والحكومة بأن تضرب بيد من حديد كل من يريد أعمال الشغب، حتى لو كان في صفوف المعتصمين». من جهته، قال المحافظ قالوش إنّ القرار بمنح رخصة للاعتصام الذي دعا إليه الأسير لم يُتّخذ بعد. ورداً على سؤال عمّا إذا كان تعدّد الطلبات لتنظيم اعتصامات في الوقت نفسه، قد يؤدي إلى رد طلب الأسير، أشار قالوش إلى أنّه أحال الموضوع على الأجهزة الأمنية، وهي التي تقرّر.
وقال مرجع أمني رفيع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إن اللواء أشرف ريفي رد على كتاب المحافظ ناصحاً بعدم منح الإذن لتنظيم الاعتصام. ولفت المرجع إلى أن الأمر صار بعهدة وزير الداخلية مروان شربل، متوقعاً أن تمنح السلطة السياسية الإذن للتظاهرة. وكان ريفي، بحسب المرجع ذاته، قد أوفد قائد منطقة الجنوب في الدرك الإقليمي العميد ديب الطبيلي للقاء الأسير، والطلب إليه عدم تنظيم التظاهرة، إلا أن الأسير رفض التجاوب مع مسعى ريفي، علماً بأن الأسير كان قد اتصل بأكثر من جهة أمنية قبل أيام، واضعاً إياها في صورة تحركه، ومطالباً الأجهزة الرسمية بأن تقوم بواجباتها في حماية الاعتصام.
وقال المرجع إن القوى الأمنية ستتصرف كما لو أن التظاهرة قائمة، وهي ستقسم ساحة الشهداء إلى جزءين: شمالي لتظاهرة الأسير، وجنوبي للتظاهرة التي قال الوزير السابق فايز شكر (حزب البعث العربي الاشتراكي) إنه سينظمها رداً على تظاهرة الأسير. وقال المرجع الأمني إنه لا يتوقع مشاركة كبيرة في ما دعا إليه شكر، «وخاصة أن حزب الله وحركة أمل لن يشاركا فيها، وخاصة أن معلومات توافرت لدينا عن توجيهات تنظيمية على مستوى الحزب والحركة تمنع المناصرين من الاحتكاك بالمشاركين في تظاهرة الأسير». وقال المرجع الأمني «إن القوى الامنية، إذا لم تُلغَ التظاهرتان، ستكون مضطرة إلى مدّ أسلاك شائكة ونشر قوة من مكافحة الشغب بين جزءي الساحة، خشية الاحتكاكات التي يمكن أن تعقب التحرك». وقال المرجع الأمني «إن قوى الأمن ستحوّل السير الآتي من صيدا للمشاركة في تظاهرة الأسير من منطقة الكولا إلى الخط البحري (الرملة البيضا، الروشة المنارة، عين المريسة فساحة الشهداء)، لمنع مروره في أماكن حصلت فيها احتكاكات سابقة». وذكّر المرجع الأمني بمشهد انقسام الساحة في السنوات التي كان فيها اعتصام قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر قائماً في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وشهدت تجمعات كبيرة لقوى 14 آذار في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وفيما قدّر أكثر من مسؤول أمني أن تتمكن مسيرة الأسير من حشد نحو 5 آلاف شخص، قال مقربون من الرئيس سعد الحريري لـ «الأخبار» إن «ظاهرة الأسير هي الظاهرة الطبيعية في ظل إقصاء الاعتدال السني». ورغم تأكيد اكثر من مصدر في مناطق إقليم الخروب وبيروت وصيدا أن مناصرين لتيار المستقبل يسهمون في حشد المشاركين في تظاهرة الأسير، نفى المقرب من الحريري هذه المعلومات، مؤكداً أن «تيار المستقبل والجماعة الإسلامية، وحتى حزب التحرير يرفضون تحرك الأسير في وسط العاصمة، خشية حدوث ما يعكر صفو الأمن». وفي المقابل، أكد مقربون من الأسير أنه مستمر في تحركه، وسينزل إلى ساحة الشهداء في بيروت غداً، «ولو وحيداً».

سليمان يحذّر

في الشأن السياسي الداخلي، أنهى رئيس الجمهورية ميشال سليمان زيارتين إلى كل من رومانيا وتشيكيا. وتمنى خلال استقباله السفراء العرب المعتمدين لدى تشيكيا « ألا يحدث أي تجاوز أو تفرد باستثمار النفط والغاز من دون رضى لبنان». وإذ حذّر «من أن أيّ اعتداء على حقوقنا النفطية سيؤدي الى حرب»، أعلن أن لبنان «سيبدأ الإجراءات العملية للتنقيب في وقت قريب، ونحن نعوّل على هذه الثروة في تعزيز اقتصادنا».
وعن مشاركة لبنان في القمة العربية المقبلة المزمع عقدها في بغداد، أكد رئيس الجمهورية «أن لبنان يهمه جداً اجتماع الجامعة العربية، وأنه سيشارك فيه على المستوى الشخصي، إلا إذا حدث طارئ حال دون ذلك».

ميقاتي في إجازة

بدوره، غادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيروت عصر أمس في إجازة تستمر يومين من دون تحديد وجهته. وكان ميقاتي قد استقبل الأمين العام للمجلس الأعلى السوري ـــــ اللبناني نصري خوري، الذي أوضح أنه وضع رئيس الحكومة «في أجواء النشاطات التي تقوم بها الأمانة العامة في إطار العلاقات السورية ـــــ اللبنانية، والأمور المشتركة التي تتولى معالجتها في هذه المرحلة، وأهمية متابعة ما طُرح من مواضيع». وأكد أنه وجد لدى ميقاتي «كل تفهم واستعداد للتعاون ولتطوير العلاقات، وبالتالي المساهمة في كل ما من شأنه المساعدة على ضبط الحدود بين البلدين، ومتابعة كل هذه الأمور التي من شأنها أيضاً المساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار في سوريا».
وعما إذ اكان ما طرح يتصل بموضوع النازحين السوريين، قال: «بحثنا في كل الأمور، وأبدى الرئيس ميقاتي تجاوباً حيال كل القضايا والأمور ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة بالنسبة الى لبنان وسوريا». كذلك زار خوري قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي كان قد استقبل قبل ذلك السفير السوري علي عبد الكريم علي.
وفي سياق آخر، كانت لافتة أمس حركة سفر المسؤولين اللبنانيين إلى الخارج. وفي هذا الإطار غادر بيروت أمس النائب وليد جنبلاط والنائب مروان حمادة الى باريس، التي عاد منها وزير الاتصالات نقولا صحناوي والنائب أحمد فتفت، كما عاد الى بيروت مساءً وزير الدفاع الوطني فايز غصن من طهران. وتوجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى قطر، في زيارة رسمية يرافقه فيها عقيلته النائبة ستريدا جعجع، ومسؤولون حزبيون. من جهة أخرى، أفاد بيان للحزب السوري القومي الاجتماعي أن وفدًا من قيادة الحزب برئاسة وزير الدولة على قانصو زار بغداد، حيث التقى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، كما التقى الوفد رئيس التحالف الوطني، الرئيس السابق للحكومة إبراهيم الجعفري، ووزير الأمن الوطني فالح فياض.
ومن روما، دعا رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، بعد لقائه وزير الدفاع الإيطالي جيان باولو دي باولا، إلى «إعادة إنتاج ميثاق جديد بين اللبنانيين مستند الى ميثاق عام 1943 واتفاق الطائف، وعلى قاعدة: لبنان للبنانيّين واللبنانيون للبنان».  

السابق
النهار: جماعة إجرامية في القرار الاتهامي المعدّل
التالي
من إسرائيل إلى البعث