“أديان” تطرح التنمية البشرية عنواناً للعيش المشترك

"التنمية البشرية والاجتماعية ركن للعيش المشترك" بهذه العبارة عنونت مؤسسة اديان ندوتها التي اقيمت امس الاول في مركز بيت عنيا للمؤتمرات – حريصا. واستكمالا لمشروع "معاً" الذي تسعى اديان من خلاله الى توطيد العيش المشترك بين كل المكونات الطائفية في مختلف المناطق اللبنانية من خلال اقامة مشاريع تنموية يشترك في تنفيذها شباب من مختلف الانتماءات والطوائف.
يروي احد المشاركين قصة عائلة طرابلسية ساعدت اطفال مسيحيين خلال الحرب الاهلية ورفضت تسليمهم الى بعض الميليشيات الاسلامية آنذاك الذين كانوا يريدون التفاوض عليهم مع الميليشيات المسيحية، واكد ان العائلة لم تستكن الا عندما سلمت هؤلاء الأولاد الى الصليب الأحمر ليعودوا سالمين الى أهاليهم.

مشارك آخر تحدث عن مساعدة بعض المسلمين للمطران سليم غزال لكي لا يقع في يد بعض المسلحين المسلمين خوفا عليه من الأذى.
قصص كثيرة تناقلها المشاركون في الندوة قبل دخولهم الى القاعة، تنافسهم فيها كان على من يملك القصة الأكثر تعبيراً في المضمون عن معاني المحبة والوحدة بين اللبنانيين.
في الندوة كانت الكلمة اولا لرئيس مؤسسة اديان الأب فادي ضو الذي رفض ان تكون الاديان سببا للتفرقة، والتعاليم الدينية واحدة في اطاعة الرب واحترام الانسان، وشدد أيضاً على ان الانسان الذي يدعي حبّ الرب الذي لا يراه، في حين انه لم يستطع حب اخيه الانسان الذي يعيش معه، هو كاذب.
واشار ضو الى طغيان المفاهيم الطائفية في مجتمعاتنا، "لقد تحول الايمان الى حالة من التقوقع، لذلك يجب علينا ان نسأل انفسنا، لماذا وصلنا الى هذه الحالة".

واعتبر ضو ان برنامج "معاً" ليس الا محاولة متواضعة لفتح ثغرة في الجدار لان التطبيق الحقيقي للاديان يتخطى كل الاختلافات بين البشر.
بعد ضو اشار مدير البرامج في الهيئة الدولية للابحاث والتعاون (آيركس) بيتر سلوم الى ان "دراسة الاولويات التنموية في المجتمع اللبناني التي حصلت منذ سنتين تؤكد ضرورة تعزيز التسامح الديني والمذهبي كحاجة مجتمعية ملحة لاستدامة الاستقرار في لبنان".
واضاف: "لقد ارتأت "آيركس" بالتعاون مع شركائها ان تدعم مبادرات التنمية للمؤسسات الدينية من اجل بناء مجتمع اكثر تماسكا".
وعدد سلوم اهداف برنامج معا مشيدا بدور المؤسسات الدينية التي لم تتوقف عن القيام بمسؤولياتها على صعيد التنمية البشرية والمحلية.
من جهته، اشار منسق المشاريع في "نهار الشباب" عياد واكيم الى ان مشروع "معاً" الذي انطلق منذ نحو سنة "سار في حذر، تعثر، توقف ثم انطلق مجددا بقوة".

اضاف: "لاننا كنا مؤمنين بقدرة كل منّا على اضافة حجر زاوية على مداميك هياكل السلام، نجتمع اليوم لنؤكد ان مشروع معا سيكمل رغم كل الصعوبات".
خلال الندوة ايضا عرضت المشاريع التنموية ضمن برنامج "معا من اجل مجتمع متضامن" الذي اطلقته "اديان" بالتعاون مع جمعية نهار الشباب، ومولته الهيئة الدولية للابحاث.
وفي الندوة ايضا كلمة لرئيس اللجنة الاسقفية للحوار في مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك المطران عصام درويش، اشار فيها الى انه يحمل معه شغف العمل مع جميع المواطنين من كل الديانات، "لان السلام سيكون من خلال هذه الديانات".
واشار الى ان الحوار بين الاديان من أهم مرافق التنوع الثقافي في المجتمعات، ورأى ان الحوار ينتج تراثا مشتركا بين المتحاورين ويقلل الاختلافات بين الشعوب.

واعتبر درويش ان في لبنان انتماء الى الطائفة قبل الانتماء الى الدولة، "وهذا ربما لان الانماء والتقديمات لا تأتي الا من خلال الطائفة، الامر الذي ادى الى تباعد بين مكونات المجتمع اللبناني".
ودعا درويش الى تخيل ان الدولة هي المبادرة الاساسية لكل عمل تنموي تسبك من خلالها كل المناطق، الم يكن هذا سيؤدي الى اشعار المواطن بانه متساو مع اخيه المواطن؟
وتحدث السيد هاني فحص عضو الفريق العربي للحوار الاسلامي المسيحي مؤكدا التلازم بين الثقافة والحوار والعيش المشترك، "فالثقافة تعني المعرفة، واذا تفرد طرف في انتاج الثقافة فانها تنقص، لأن الثقافة لا تنمو الا بالمشاركة".
واشار الى "اننا في المنطقة عطّلنا الجدل بين المعرفة والثروة، الامر الذي ادى الى ضياع الثروة".

ودعا الى تحويل الصدقة من سلوك يلبي حاجات آنية الى انتاج متكامل، "كذلك يجب تحويل المجتمع الاهلي الى مدني لأن المجتمع الاهلي انتهى".
بعد انتهاء كلمتي فحص ودرويش أدار مدير تحرير جريدة النهار غسان حجار نقاشا بين الحاضرين في المواضيع المطروحة.  

السابق
فتاوي أم بلاوي
التالي
ورقة عمل لمنظمة “كفى عنف واستغلال”