عبود: التوترات في المنطقة أدت إلى إنسحاب معظم المستثمرين الأجانب

رأى وزير السياحة فادي عبود أن "الإضطرابات السياسية في العالم العربي قد شكلت نقطة تحول في العديد من الأنظمة السياسية التي إنعكست مباشرة على وضع الإقتصاد عامة وعلى مستوى عيش المواطن، كما على بيئة الأعمال وجذب الإستثمارات، وبالتالي اود ان اشارككم الآثار الجانبية لهذه الإضطرابات وانعكاساتها على القطاعات المنتجة وتحديدا قطاع السياحة والخدمات في لبنان".

وتابع عبود، خلال تقديم بحثه بعنوان: التغيير العربي، وانعكاساته على قطاع الخدمات، "تتفاوت التقديرات في شأن الآثار المترتبة للتوترات التي طبعت بعض البلدان العربية بحسب بعض الأبحاث والدراسات، ما بين 75 و100 مليار دولار حتى بداية العام، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى مستويات قياسية تشكل نسبة 18 في المئة أي ما يعادل 17 مليون شخص قادر على العمل جلهم من الشباب والخريجين الجامعيين، الى جانب الضرر الكبير الذي لحق بالبنية التحتية وتراجع الإنتاج مع استمرار الاضطرابات في بعض البلدان وعدم استقرار الحياة السياسية في بلدان أخرى إلى رفع الكلفة وتباطؤ التعافي الاقتصادي".

وأضاف عبود، خلال الجلسة الرابعة والاخيرة لمؤتمر ربيع العرب تحولات وانتظارات، الذي تنظمه جامعة الحكمة، في قاعة الاحتفالات الكبرى، في مقرها الرئيسي في فرن الشباك، تحت عنوان: الانعكاسات الاقتصادية والمالية للتحولات العربية، "أدت التوترات الحاصلة في المنطقة إلى تعطل معظم المشروعات وانسحاب معظم المستثمرين الأجانب، فقد انخفض حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية حسب خبراء مصرفيين بنحو 83 في المئة إلى أقل من 5 مليارات دولار، وتباطأت دورة الإنتاج في عدد من البلدان في شكل ملموس ما أثر في حجم الصادرات، وتراجعت السياحة إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، وتدنت نسبة الإشغال الفندقي في بعض الأوقات إلى أقل من 10 في المئة، ما تسبب في إغلاق بعض الفنادق والمطاعم، وارتفاع البطالة ونقص حاد في الوارد من العملات الأجنبية، إضافة إلى الضرر في القطاعات المعتمدة على السياحة مثل الطيران والعقارات وقطاع الخدمات. ومن غير المتوقع أن تحقق اقتصادات البلدان العربية نموا اقتصاديا كبيرا في العام الحالي".

واشار الى "ان القطاع السياحي في لبنان لم يسلم من الأزمة في العالم العربي، فكان له حصته السلبية من هذه الإضطرابات، حيث بلغ عدد الوافدين الإجمالي للعام 2011، مليون و655 الف زائر، حيث يلاحظ تراجع بنسبة 24% في المئة بالمقارنة مع سنة 2010 إذ بلغ عدد الوافدين الاجمالي مليونان و168 الف زائر، إذ أن السبب الرئيسي لهذا التراجع هو صعوبة المرور من سوريا على المعابر الحدودية خاصة للسياح الأردنيين والإيرانيين الذي يصل عددهم إلى حوالي 300 ألف سائح سنويا وهذا الرقم هو الفرق المنخفض والذي تراجع بنسبة 70% عن السنة الماضية، وقد رافق هذا التراجع عدم توفر مطارات بديلة وطيران رخيص ينوب عن المعابر البرية. وبالتالي فإن الأرقام تعتبر جيدة نسبيا، حيث أن لبنان كان البلد الأكثر إستقرارا على الصعيدين الأمني والإقتصادي من بين البلدان العربية، إذ أنه لم يتعرض لخضات أمنية أو لإنحدار أوضاعه الإقتصادية".

وقال: "أود ان اشير الى انه كان بإمكاننا الإفادة أكثر سياحيا من الأزمة العربية الراهنة عبر استقطاب السياح الذين كانوا متوجهين الى مصر، وسوريا، وتونس، واليمن، وليبيا نحو لبنان، والذي بالرغم من الأزمة الراهنة، يبقى البلد العربي الأكثر أمانا وهدوء، إلا ان غياب البنى التحتية اللازمة والسياسات الملائمة من الطيران الرخيص وغيرها حالت دون الإفادة ايجابا من هذه الأزمة. وهنا اود ان اشير بأن الأردن إستقطب أكثر من 35 ألف زائر ليبي منذ إنتهاء الأحداث الأليمة في ليبيا من أجل النقاهة والسياحة الصحية، كما تستقبل عشرات الآلاف من العراق والسودان. أعتقد انه يوجد امكانات في لبنان لإستقطاب سواح من أجل السياحة الصحية والنقاهة، وعلينا العمل جديا على هذا الصعيد".

وتابع "من اهم التحديات التي نواجهها اليوم هي عدم قدرتنا على الإفادة بشكل كامل من الفوائد السياحية ويعود ذلك إلى غياب التخطيط والتنسيق بين الوزارات، فوزارة السياحة لا تمتلك الموارد البشرية والمادية اضافة الى تشابك الصلاحيات مع اكثر من ادارة وجهة رسمية، كل ذلك يمنع وزارة السياحة من ان تكون عنصرا فاعلا في تحقيق انماء سياحي شامل، وذلك اذا اردنا ان نقارن مع تجارب بلدان اخرى حيث تكون وزارات السياحة شريكا حقيقيا في تحديد السياسات العامة وفي اقامة مشاريع هامة على الصعيد الوطني.وبالرغم من ذلك نجحت الوزارة في تحقيق إنجازات أبرزها تنظيم القطاع السياحي ومراقبة الجودة، تفعيل الرقابة وقمع المخالفات، حث المؤسسات السياحية على الإلتزام بمعايير التصنيف الدولية عبر التعاون مع شركة Bureu Veritsإطلاق حملات إعلانية متطورة والتعاقد مع شركات علاقات عامة متخصصة في الأسواق الواعدة مثل أوروبا، الصين، روسيا وغيرها".

وأوضح عبود "نهدف اليوم الى مضاعفة افادة لبنان من القطاع السياحي عبر مضاعفة عدد السواح القادمين من مليوني سائح في 2010 الى 4 ملايين سائح في 2015، ووضعنا لذلك عدة خطوات ومشاريع، الا ان هذا الهدف لن يتحقق من دون التزام حقيقي من كافة الوزارات والادارات في لبنان بوضع الخطط الاستراتيجية والخطوات العملية التي يكون هدفها تنمية السياحة وخاصة ان ورقة العمل تتضمن عدة محاور مرتبطة بوزارت وادارات اخرى. والأهم في المرحلة المقبلة هو إيجاد طرق عملية وفاعلة لتنفيذ الإتفاقات في مجالات السياحة والخدمات بين الدول العربية، ليكون التعاون حقيقي لا مجرد مؤتمرات ولقاءات لا تنتج عن شيء".

وختم: "أخيرا، ان أي اقتصاد يجب ان يستند على مبدأ الإنتاج، وإستغلال الفرص واستحداثها، ويجب على المرحلة المقبلة أن تكون فرصة فريدة لإعادة النظر بكافة الإقتصادات العربية بحيث يتم إعتماد إقتصادات منتجة تعود بالنفع على الشعوب العربية والشباب العربي وتقوم بدفع عجلة الإقتصاد وبلوغ تنمية اقتصادية مستدامة، ويجب على لبنان أن يكون شريك فعلي مع كافة الدول العربية لتفعيل دوره كمقصدا سياحيا من الدرجة الاولى. إسمحوا لي في الختام أن أوضح نقطة مهمة، إذ أود ان اشير الى ان العلاقة بين العمال واصحاب العمل في لبنان ليست متوترة كما اشيع مؤخرا وكاننا على ابواب حرب طبقية، وأود ان اوضح بان الحد الأدنى للأجور في لبنان يشكل مبلغا يقارب مستوى الفرد في لبنان، ما يجعله من الأعلى في عالم. لذا يجب علينا ان نعمل على تمتين العلاقات الإيجابية بين العمال وأصحاب العمل وهذا يعتبر عاملا أساسيا لجذب الإستثمارات الى لبنان. كما يجب أن نعمل جديا لإعادة التنافسية للإقتصاد الوطني لأنه وبكل بساطة يجب علينا ان ننتج خدمة او سلعة يريد الناس ان يشتروها، هذه هي قواعد اللعبة".  

السابق
حرفة وعبقرية النكد من يتقنها اكثر … المرأة ام الرجل ؟
التالي
قبيسي: هناك من أضاع البوصلة السياسية ويسعى لإنتصارات تهدد الوطن