أنا كاثوليكي ـ عوني… إذاً أنا وزير

مطلوب مواطن لتولي وزارة العمل. الشرط الأول أن يكون كاثوليكياً. الشرط الثاني أن يكون متقناً لفن التوقيع. الأولوية في التوظيف لـ«عناصر» التيار الوطني الحر، بعدما أثبتت تجربة شربل نحاس أن تطويع من هم خارجه صعب

مساء الثلاثاء، أوعز رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى المحيطين به بوجوب جمع السير الذاتية لكل مرشح محتمل لخلافة الوزير شربل نحاس في وزارة العمل، آخذين بالاعتبار أن الوظيفة الشاغرة كان يشغلها وزير بقامة نحاس، ولا بدّ بالتالي أن يتوافر لدى المرشح لخلافته معلومات عامة وخاصة وحضور إداري وسياسي أكثر بقليل من الحد الأدنى. ومذ قبلت استقالة نحاس، لم يوح الجنرال لأحد أنه خليفة نحاس المنتظر، رغم تهافت كثيرين في التيار وخارجه على شراء البذلات الرسمية الجديدة. مع تأكيد أحد المقربين جداً من الرابية أن الاتجاه الأساسي هو لاختيار شاب في منتصف العمر، لديه مؤهلات علمية وحضور سياسي وإعلامي، من خارج نادي الأسماء العونية اللامعة أو المعروفة.
بعيداً عن الرابية، دارت الفكرة: «أنا كاثوليكي ـــــ عوني إذاً أنا مرشح محتمل» في رؤوس كثيرة:
ـــــ عضو مجلس نقابة المحامين السابق جورج نخلة يتمتع بالشرطين اللذين يؤهلانه للمنصب. لكن وسط المقربين من رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، هناك من يجزم بأن نخلة لا ينتمي إلى نادي العونيين «المرضيّ عنهم»، ولم ينسَ الجنرال بعد أن نخلة، وحتى وقت قريب، كان أحد المقربين من كمال يازجي الذي خرج من التيار وعنه.

ـــــ مسؤول التيار في الشوف غسان عطا الله لا يحلم ـــــ حسب تأكيده لـناـــــ بشغل كرسي نحاس لإيمانه، وفق قوله، بوجوب صعود الدرج درجة درجة، ولديه اليوم ـــــ عشية بدء الاستعداد للانتخابات النيابية ـــــ ملف تنظيمي وإداري لا يستطيع الانشغال عنه بقضايا الوزارة. لكن في التيار من يشيرون إلى اكتشاف الجنرال أن تعيين عطا الله قبل نحو عام مسؤولاً عن التيار في الشوف أثمر نتائج إيجابية جداً، وسبّب ارتباك جنبلاط في الكثير من البلدات، مع تأكيد هؤلاء أن عون أظهر أكثر من مرة تمسكه بتوزير شوفيّ، فضلاً عن رغبة عون الشديدة بإظهار حضوره الشعبي انتخابياً في الشوف، الأمر الذي يدفع باتجاه وهب الشوف الحقيبة الوزارية.
ـــــ الطبيب شارل جزرا الذي يعد نفسه بالترشح عن المقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي الذي يشغله اليوم النائب إدغار معلوف. ينفي الأخير أن يكون الجنرال قد «فاتحه في الموضوع»، مشيراً إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة، ولا سيما أن المرشحين المفترضين لتولي الحقيبة ليسوا كثراً. مع تشديده في النهاية على وجوب عدم تأكيد أي شيء أو نفيه، نقلاً عنه.
أما من خارج التيار، فبرز اسمان أساسيان من العائلة نفسها: القاضي سليم جريصاتي والقاضية آرليت جريصاتي.
ـــــ الأخبار: «آلو، مرحبا معالي الوزير».
ـــــ سليم جريصاتي: «الله يخليك، دخيلك لأ. أولاً أنا لا أشبه هذه الوزارة. ثانياً لا علاقة لي إدارياً بهذه الحقيبة. ثالثاً، نحاس استشارني وأيدت موقفه. رابعاً يريدون وزيراً يخفف المشاكل في الحكومة لا يصعبها أكثر». لكن إذا حصل «تدخلٌ كبير ورأيتُ أن المصلحة العليا تقتضي مشاركتي، فسأوافق عندها».
بدورها تشغل القاضية جريصاتي موقع رئيس غرفة في محكمة التمييز. زوجها جوزف جريصاتي كان مديراً عاماً لرئاسة الجمهورية في عهد الرئيس أمين الجميّل، وهي قريبة من التيار الوطني الحر. قضت غالبية عمرها المهني في لجان العمل التحكيمية. لكن «مشكلتها» الوحيدة أنها مارونية متزوجة كاثوليكياً، وكانت من بين الأسماء المطروحة لرئاسة مجلس القضاء الأعلى بصفتها مارونية أولاً.

بعيداً عن كل هؤلاء، في نقاشات الرابية وما يتفرع عنها، ثمة رجل أمضى أمس كعادته هادئاً في منزله، متنقلاً بين قراءاته المتعددة، واستقبال بعض الأصدقاء. لم يتخيل نفسه على طاولة مجلس الوزراء ولم يحلم بموكب وزاري أو بهتاف ناطور بنايته في استقباله «أهلاً معالي الوزير». اسمه نديم لطيف. لواء التيار الوطني الحر كاثوليكي بالصدفة، عوني بتجربة عشرين عاماً. لكنه أحد أولئك العونيين النادرين الذين يرفضون توقيع ما يناقض قناعاتهم، حتى لو كان صديقه الجنرال هو الذي يطلب بنفسه التوقيع. هو القامة العونية شبه الوحيدة حتى الآن التي يخيل لمن هم في التيار وخارجه أن باستطاعتها الجلوس بارتياح على كرسي نحاس، فيمد قدميه لتلامسا الأرض، بعكس كثيرين ممن لن تطال أقدامهم الأرض إن جلسوا على كرسي نحاس. إيجابية لطيف التي لا يملكها أي عوني (كاثوليكي أو غير كاثوليكي) أو غير عوني تكمن في قدرته بحسب مصادر عونية متعددة على إحداث صدمة عونية إيجابية تضع حداً للصدمة العونية السلبية التي خلفها قبول عون استقالة نحاس. فهو يكاد يكون الوحيد القادر على إثبات الآتي: أولاً، إن النضال في التيار الوطني الحر لا يضيع هباء، ويمكن النظفاء في التيار الوصول إلى مواقع مؤثرة في الدولة. ثانياً، إن طاولة التكتل تتسع لرجل قادر على رفع يده لمعارضة موقف جنراليّ. وثالثاً، إن الجنرال يستمع (أحياناً) إلى من يسدونه نصائح أثبتت التجارب المتراكمة أنها كانت دائماً مصيبة.
الضابط ـــــ المحامي الذي انقطع عن الجنرال ونشاطات التيار كان قد جلس على يمينه في احتفال مهندسي التيار يوم السبت الماضي. فاجأ بحضوره غالبية الحاضرين، فيما برر لطيف الذي لا يشارك منذ عامين باحتفالات التيار، وجوده في فندق الحبتور، برغبته في مشاركة الجنرال في عيده السابع والسبعين.  

السابق
الصورة الأخيرة
التالي
تمديد المحكمة الدولية الى 2015.. وجنبلاط عاد بالامس الى الساحة نفسها