اللواء: تفاهم عين التينة يكرِّس قوّة الطبقة السياسية .. وبلبلة في الساحة العونية

قدم النائب ميشال عون رأس "الوزير المشاكس" شربل نحاس على مذبح غداء عين التينة الذي تردد ان كلا من الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وضعا في جوه وباركاه.
وبصرف النظر عن "السيناريو" الذي حاول عون فرضه على الرأي العام، عبر تصويره القصة وكأنها خلاف بين الوزير والتكتل، فإن النقاشات التي دارت في اجتماع تكتل "الاصلاح والتغيير" على قلة جرأتها، وضعت امام عون مشكلة انتكاسة شعبية التيار، فرد بأن "مصلحة التكتل فوق اي اعتبار".
ودلت الدقائق الاولى التي سبقت موعد الاجتماع ان عون وخلافاً لما اعلنه في مؤتمره الصحافي عن تقدير كفاءات وزير العمل، وجه صفعة معنوية لنحاس اذ امتنع عن استقباله، فاضطر النائب آلان عون، ابن شقيقته، ان يستلم نص الرسالة ويسلمها الى خاله رئيس التكتل، فيما انصرف نحاس كاظماً غيظه، معزياً نهايته بأنه امتنع بأن يبقى مستشاراً لدى جنرال الرابية وذكّره بأنه هو الذي دفعه الى هذا الموقف بادئ الامر، متسائلاً عن ثمن تخليه عن هذا الموقف؟!
وقال قيادي في "التيار الوطني الحر" ان عون صدم لتمنع نحاس عن توقيع مرسوم بدل النقل، كما طلب منه، فهدده باتخاذ اجراء، لأن التكتل ليس مجلس وزراء، وعليه ان ينصاع لاوامر رئيسه، فانسحب نحاس وقرر الاستقالة من الحكومة والتكتل معاً في كتاب وجهه الى عون ليحمله المسؤولية مباشرة عن ادائه ازاء قواعده وجمهوره.
والسؤال الآن: ما البقية التي يتعين ان تأتي وفقاً لمعلومات "اللواء" التي نشرتها امس الاول، عندما كشفت ان الرئيس بري اقنع عون بأن لا مناص من توقيع نحاس قبل الجلسة النيابية؟
المصادر العونية الاعلامية والنيابية تتسابق على الكشف ان الاستقالة الخطية سترسل عند الساعة التاسعة من صباح اليوم، إلا اذا طرأ ما يمنع ذلك لجهة الصعوبات التي تواجه المزاوجة بين الاقتراحين المقدمين من النائب في كتلة "المستقبل" نبيل دو فريج وهو الاقتراح الذي تقبله الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، ومن نائب تكتل التغيير والاصلاح ابراهيم كنعان والذي ترفضه الهيئات لوضعه بدل النقل في تعويض نهاية الخدمة، داعية الى اخذ العبرة من تجربة نحاس مع طرفي الانتاج.
غير ان معلومات اخرى توقعت ان يتمهل عون في احالة كتاب استقالة نحاس الى رئاسة الحكومة اليوم، قبل ان يضمن اقرار اقتراح نائبه كنعان، وهو أمر متعذر نظراً لاعتراض الهيئات الاقتصادية عليه، ومعها الرئيس ميقاتي، فيما تميل كتل المعارضة النيابية إلى تأييد اقتراح دو فريج الذي طبق اتفاقية منظمة العمل الدولية، والتي تنص على انه عندما يتفق أرباب العمل والعمال، فلا يحق للحكومة أن تتدخل، طبقاً لمبدأ التفاوض الجماعي، والا يصبح الاقتصاد اللبناني اقتصاداً موجهاً.
وكشف النائب دو فريج في اتصال مع "اللواء" ليل أمس، بأن ثمة نواباً من 8 اذار يميلون إلى تأييد اقتراحه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفريق النيابي الذي يؤيد رئيس الحكومة بمن فيهم نواب جبهة النضال الوطني، الا اذا كانت هناك "طبخة سياسية" غير معلومة، وعند ذاك يمكن أن تصطف نواب الاكثرية الحالية وراء اقتراح كنعان رغم انه ليس لصالح الاتفاق بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام.
الا أن دو فريج أوضح أنه لا بدّ قبل مباشرة النظر في الاقتراحين، أن يوقع وزير العمل، أياً يكن هذا الوزير مرسوم بدل النقل، وبعد ذلك يمكن ان يباشر المجلس النقاش، انطلاقاً من التصويت قبل اي شيء آخر على صفة المعجل المكرر، فإذا حازت هذه الصفة الأكثرية يدخل النواب في نقاش حول صلب الاقتراحين، اما اذا لم ينل الأكثرية فيحال الاقتراحان عند ذلك الى اللجان لافتاً إلى مسألة جوهرية تتعلق بالحكومة والتي لا يجوز لها ان تطلب سحب الاقتراحين من جدول الاعمال إذا تبين ان المرسوم لم يوقعه الوزير المختص، لأن ذلك معناه مخالفة تطبيق الدستور.

3 احتمالات
ويتبين من مجمل هذه المعلومات أن هناك ثلاثة احتمالات امام الجلسة التشريعية اليوم، إما أن يحال الاقتراحان على اللجان، أو تستردهما الحكومة، أو أن يُصار إلى إدخال تعديلات على الاقتراحين معاً، رغم ان المزاوجة صعبة في هذا المجال.
وثمة احتمال رابع، كثر عنه الحديث ليلاً، وهو تأجيل بحث الاقتراحين إلى الخميس، إذا لم يوقف مرسوم بدل النقل اليوم، بسبب تمنع عون عن إرسال كتاب الاستقالة قبل أن يضمن قبض الثمن الذي "طيّر" من أجله رأس نحاس، بموجب التسوية السياسية التي أرساها مع الرئيس برّي، والتي يتردد بأن تكون في التعيينات المقبلة، بمعنى أن يكون رأس نحاس في مقابل رئيس مجلس القضاء الأعلى.
ومهما كان من أمر، فان مصادر مطلعة قالت بأن
هناك إشارات توحي بأن الاتصالات والمشاورات التي جرت قبل عشاء الوزير نقولا صحناوي الذي جمع الرئيس ميقاتي وعون مع معظم الوزراء وشخصيات عديدة، قد تفضي إلى تسليم استقالة الوزير نحاس أو وصولها إلى رئاسة الحكومة.
ونقلت المصادر عن الرئيس ميقاتي تأكيده بأنه لا يزال على موقفه ومعه الرئيسان سليمان وبري في ما يتعلق بأهمية التوقيع على مرسوم بدل النقل من قبل وزير العمل أو من ينوب عنه، وضرورة اشتراط التوقيع على المرسوم.
وبحسب هذه المصادر فإن الجلسة النيابية مرهونة بما هو متوقع أن يحصل بدءاً من توقيع المرسوم، بعد أن يكون عون أرسل كتاب استقالة نحاس، فيصدر عند ذلك مرسوم بقبول الاستقالة ويكلف الوزير نقولا فتوش القيام بمهام وزير العمل بالوكالة ريثما يصدر مرسوم تعيين وزير أصيل فيوقّع فتوش المرسوم ويحيله إلى رئاسة مجلس الوزراء فيوافق الرئيس ميقاتي عند ذلك على النظر في تشريع بدل النقل بموجب قانون، وكل هذه العملية يفترض أن لا تتأخر عن ساعتين، بين التاسعة والحادية عشرة موعد الجلسة النيابية.
ولم تستبعد مصادر وزارية أن يكون عون يستخدم ملف استقالة نحاس للقيام بمناورة في مسألة التعيينات، مشيرة إلى أن لدى عون إسماً بديلاً جاهزاً لنحاس، وهو أحد المحامين المقربين منه.
خلوة ميقاتي – عون
أما مصادر ميقاتي فقد رفضت التعليق على استقالة نحاس، مشيرة إلى أنها لا تستطيع التعليق على أمر لم تتسلمه، لكنها أكدت بأن رئيس الحكومة لا يقبل البحث بأي اقتراح قانون قبل توقيع المرسوم، لافتة إلى أن جو عشاء صحناوي كان "جيداً".
وكشفت معلومات ان خلوة عقدت على هامش العشاء بين ميقاتي وعون استمرت لبعض الوقت، جرى فيها حديث عن استقالة نحاس، إلى جانب موضوع قانون الانتخاب، كما تم التداول باسماء الذين يمكن ان يخلفوا نحاس في حقيبة العمل.
وذكرت مصادر ان التيار الوطني الحر يعكف حاليا على غربلة مجموعة من الاسماء (بحدود ثلاثة اسماء من الكاثوليك) وعلى اساس انه ليس من الضرورة ان يكون البديل من بيروت اسوة بنحاس.
ولاحظت المصادر ان ميقاتي لم يتناول في لقاء عون مسألة رفع كتاب الاستقالة حتى لا يفسر ذلك من باب الضغط على الاخير، فيما قالت معلومات ان تقديم الاستقالة قد يكون بعد الجلسة النيابية.
سليمان
ومن جهته اعتبر الرئيس سليمان تقديم نحاس استقالته بأنها "خطوة جيدة ودستورية ان صحت واذا لم تكن في اطار المناورة السياسية"، مشيرا إلى ان وضعها في تصرف عون لا يعطيها الطابع الرسمي، لانها لم تسلم إلى المرجع المصالح اي رئاسة الحكومة.
ورأى سليمان في حديث إلى محطة M.T.V ان استقالة نحاس طبيعية، لان ما كان متوافرا في الوضع القائم بسبب رفضه توقيع مرسوم بدل النقل هي حلان: اما الاقالة او الاستقالة فاختار نحاس الخيار الثاني".
وكشف النائب كنعان ان التكتل غير مختلف مع نحاس في الجوهر والهدف، مشيرا إلى ان الصيغة التي قدم فيها نحاس طعنة بمرسوم بدل النقل لمجلس شورى الدولة عبر وضعه ملاحظاته على الصفحة عينها للمرسوم، بدلا من وضعها على صفحة ثانية مرفقة به قد تسمح برفضه بالشكل من قبل شورى الدولة، ولهذا السبب اختلفنا معه.
ولفت كنعان، في حديث لمحطة NBN انه كان لنحاس رأى في الاسلوب، ونحن لنا رأي آخر، وكنا نتمنى ان لا يؤدي الموضوع إلى ما ادى اليه (اشارة إلى استقالة نحاس).  

السابق
الانوار: عون مودعا نحاس بعد استقالته: لا احد فوق ارادة التكتل
التالي
البناء: ميقاتي يتسلّم الاستقالة وفتوش يوقّع المرسوم قبل اقرار القانون في مجلس النواب