لبنان ينأى بنفسه مجددا ومصادر تؤكد انه لن يشارك بمؤتمر أصدقاء سوريا في تونس

يترنح لبنان الهادئ فوق الصفيح السوري اللاهب، حيث فتحت رماد صراع المنابر والمنازلات بمكبرات الصوت، يتأجج الجمر المرشح للإشتعال بقوة الانقسام حول ما يجري في سورية، ويأخذ تناحر الخيارات شكل نزاع إستراتيجي بين لبنانين، واحد يرمي بثقله الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد حتى ولو إضطره الامر الى الجنوح نحو حرب اقليمية ويتمثل بحزب الله، وآخر يجاهر بمد يده الى المعارضة السورية في مواجهتها للنظام الآيل الى السقوط، ويعبِّر عنه تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

وتماشيا مع الحالة اللبنانية القائمة على سياسة النأي بالنفس علمت "النهار" ان وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور تلقى دعوة لحضور المؤتمرالدولي لاصدقاء سوريا الذي سينعقد يوم الجمعة المقبل في تونس العاصمة، في ظل أجواء متشنّجة بعد فشل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائب وزير خارجية الصين تشاي جينون في اقناع القيادة السورية بوقف سفك الدماء والتوصل الى وقف لاطلاق النار، تمهيدا للبدء بالحوار بين ممثلين للنظام وآخرين للمعارضة. وأتت المحاولتان بعد تعطيل روسي – صيني لمشروع عربي – غربي، طُرح على مجلس الامن في نيويورك باستخدام حق النقض لكلتا الدولتين، لاعتباره "غير متوازن". وقد اكد الوزير انه لن يشارك فيه انطلاقا من المواقف المتخذة من الازمة السورية، ولانه لا ينعقد بدعوة من جامعة الدول العربية، وان لبنان يفضل النأي بالنفس عن المشاركة وعما يمكن ان يتمخض عنه المؤتمر من قرارات لا تفيده في علاقته بسوريا.

وأكدت "الحياة" انه هنالك مصادر من وزارة الخارجية ترجح ان لبنان لن يشارك  في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي ينعقد في تونس الجمعة المقبل، بعد أن تلقى لبنان دعوة من وزير الخارجية التونسي رفيق عبدالسلام الى المؤتمر. لكنها قالت إن الدعوة "قيد الدرس ولا نعتقد بأن لبنان سيشارك لأن لا رغبة في أن نكون طرفاً في إطار مبدأ النأي بالنفس عن الأزمة السورية والتحفظ اللبناني عن كل القرارات الصادرة سابقاً، لا سيما القرارات الأخيرة للجامعة العربية القاضية بتقديم كل أشكال الدعم السياسي والمادي للمعارضة السورية، والتي لا تستبعد أيضاً الدعم العسكري. وهذا لا نقبل به". 

وأفاد مصدر ديبلوماسي ان فرنسا رفضت الاشتراك مع تركيا في رئاسة المؤتمر . ويعود الرفض الفرنسي الى الخلاف القوي بين باريس وانقرة، عندما طالب الرئيس نيكولا ساركوزي في 2011/10/7 رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان بالاعتراف بما اقترفته الامبراطورية العثمانية من مجازر ضد الارمن، بدأت في عام 1905 وامتدت سنوات وذهب ضحيتها مليون ونصف مليون ارمني. وارتفعت حدة الخلاف بين ساركوزي واردوغان عندما اقر البرلمان الفرنسي قانونا جديدا بعنوان "تجريم الابادة الجماعية للارمن".

وأفاد أن الامتناع الفرنسي عن الرئاسة المشتركة مع الاتراك لمؤتمر تونس لا يعني ان باريس لن تشارك في اعماله، بل ستتمثل بوزير الخارجية الآن جوبيه، وهناك ورقة عمل فرنسية تتضمن افكارا وصفت بأنها "واقعية وقابلة للمناقشة، منها البحث عن طريقة عملية لوقف اطلاق النار في سوريا حقنا للدماء واستعداداً للتشاور مع كل من روسيا والصين في امكان التوصل الى هذا الهدف، لان دعوتين وجهتا الى وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف ويانغ جاشي للمشاركة في المؤتمر، على أن تتركز المباحثات على الصيغة التي يمكن ان تضمن وقف اطلاق نار ثابتاً لكل حاملي السلاح، بعدما فشلت مهمة المراقبين العرب الى سوريا، ولمعرفة ما اذا كانت موسكو وبيجينغ قادرتين على اقناع سوريا بارسال مراقبين عرب ودوليين ام لا. ولم يعرف بعد مستوى التجاوب الروسي والصيني مع دعوة تونس.

  

السابق
وهاب لجنبلاط: لا انت ذئب ولا نحن غنم
التالي
الدستور السوري ضحك على الذقون!