ما بين الإعلام.. والإعدام… حرف

الإعلام… كلمة مستقاة من معلومة أو معلومات. أفضل مجال وطريق تصبو إليه نفسي للعمل به فهو مصدر ثقة للمعلومة لأنه في كل مقاييس وموازين العرف والعالم هو "السلطة الرابعة" فمن دخل فيه وتجرأ عليه فقد أصبح أحد السلاطين الذين يحكمون على الشيء ويحللونه تحليلاً تفصيليا إما بقلمه أو بتعبير وجهه وصوته أو بصوته فقط. هذا الجهاز الموثوق الذي يوصل لنا أخبار العالم وأخبار الشخصيات وما يحدث هنا وهناك وما وقع من أخطاءٍ في الأعمال يتم مناقشتها عبر شخصٍ إعلامي مع المسئول عنها ويجب أن يتم التعامل معه بكل جدية (وسأترك ضمير " معه " للطرفين)، فكيف إذا أصبح مرتعاً للعابثين؟ سؤال يحتاج إلى تفكير عميق وتخطيط سليم خاصةً وأننا أصبحنا في زمن الثقافة والدراية والإعلام وبالذات الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي. لو فكر شخص ممن ينتمون إلى هذا الجهاز في احترام المتلقي سواءً كان قارئاً أو مشاهداً أو مستمعاً لما تجرأ أحدهم بألفاظٍ تستشيط منها النفس غيظاً ويشتعل منها الرأس شيباً ويتأجج منها القلب لهيباً وتذرف لها العين دمعاً. حينما نرى شاباً يافعاً في عمر الزهور وعمر القوة يتطاول وبكل جرأة "شيطانية" على الذات الإلهية وعلى مقام سيدي رسول الله "بأبي هو وأمي" صلى الله عليه وسلم بل وعلى مرأى جميع الناس على الملأ جميعاً أمام كل الأعين فهذا دليل واضح على عدم احترامه لمن يتحدث فيهم وللمتلقي وأيضا الجهاز الإعلامي. دعوني أبتعدُ قليلاً عن المتلقي (وذلك احتراماً له كي لا يزعل مما أقول) فكثير ممن نراهم في الإعلام على اختلاف توجهاتهم قد أهملوا احترام المتلقي فنشاهد في كثير من الأفلام والمسلسلات من يضع قدمه وحذاؤه " أعزكم الله " مقابل الشاشة مباشرةً والأدهى من ذلك أننا نصفق له، وقس على ذلك من كلمات للأغاني ومواضيع تناقش في البرامج وغيرها (كم هو مسكين هذا المتلقي). لا إله إلا الله.. محمدٌ رسول الله… أعجب من كثير ممن يحملون في عقولهم نفس هذا الفكر والتوجه الضال طبعاً " إذا كانت لهم عقول " ويتحدثون وبكل جرأةٍ على الله وعلى الرسول وهم يرددون وينطقون بالشهادتين، وأعجب كثيراً من أكثرهم على الرغم من كلامهم إلا أنهم يؤمنون بوجود جنةٍ ونار، والعجبُ العجاب أنهم يطالبون بحرية الرأي وإذا تحدث أحدٌ ممن يخالفهم الرأي شنوا عليه حملةً شعواء ضده.
إن أغلب ممن يفكرون بهذه الطريقة كانوا من جلساء الشيوخ وطلبة العلم الشرعي كما كان حال ذلك الشاب اليافع ولكني لن أدافع عن " تنهيقات " التجرؤ والانتقاص التي كتبها فقد " غردت " له كثيراً لكن هناك مشكلة تكمن في داخل نفسه وفي داخل كثير من يحملون مثل هذا الفكر الضال (وأتمنى ألا تكون عقيدة في أنفسهم) أي تكون مجرد كلام مبني على اقتباس من قراءات وإن هذه الآراء لا تمت بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد للأهل أو لجهة العمل أو للصحيفة التي يكتب بها ولا حتى لبرامج التواصل الاجتماعي والأهم من ذلك أنها لا تمت بصلة (للإعلام) إنما هي مجرد ثغرات وفراغات في داخل الشخص تحولت إلى " تنهيقة " يعبر بها عن رأيه الشخصي. وللأسف أنهم يعلمون وجود جنة ونار فليتذكروها.. لو سقط أحدهم ميتاً وهو يكتب مثل هذا الكلام. فماذا سيكون مصيره؟ وماذا سيحدث لو أن أحدهم تجرأ على والده شخصياً أمام الجميع أو على والدته هل سيستطيع فعل ذلك؟ وإلا فليترك لنا التغريد بالتجرؤ على والديه أمام الملأ.
هنا يجب علينا جميعاً أن نعلم أن الإعلام أصبح مرتعاً يصول به ويجول ويخوض به ويلعب كثيراً ممن يسعون للتخريب وكم أعجبني موقف والدي خادم الحرمين الشريفين بأمر القبض عليه ليصبح عبرة لغيره، وكذلك أعجبني تصريح معالي وزير الإعلام بإيقافه فوراً عن الكتابة وهم مؤمنون بأن (حرية الرأي " في حدود الأدب " مطلوبة ولكن مقدساتنا هي حدُ سيفٍ حاد من اقترب منه قطعه). وقد أصدر المسئولون تلك القرارات حفاظاً على "الإعلام" من أن يتحول الحرف إلى " الجرف " الذي يحوله إلى " الإعدام".  

السابق
إسرائيل.. بين الظاهر والحقيقة
التالي
حرية التعبير ومسؤولية الكلمة