صراع الدول

شكل الفيتو الروسي والصيني على مشروع القرار العربي – الغربي الذي يطالب الرئيس السوري بالتخلي عن صلاحياته الى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تتولى اجراء انتخابات نيابية ورئاسية بإشراف دولي، شكل غطاء ورافعة للنظام السوري لمواصلة قمع ثورة الشعب السوري من اجل الحرية والديمقراطية، والتعددية بالقوة والتدمير والقتل كما هو واقع الحال في حمص الثائرة وفي الزبداني ودير الزور، ومناطق ومدن سوريا كثيرة، تدعو هذا النظام الى الرحيل.
الا ان هذا النظام ومهما بلغت استخداماته للقوة لن يفلح في قمع الثورة الشعبية الرائدة في العالم العربي ولن يستطيع في اي حال من الاحوال، وأياً كانت القوى الدولية التي تدعمه وتساند بقاءه في السلطة ولو على حساب دماء الشعب السوري ونضاله، الصمود طويلاً وهو آيل الى السقوط ان لم يكن اليوم فغداً وان لم يكن غداً فبعده وبعده، ما دام الشعب السوري حسم أمره، واسقط عقدة الخوف من النظام الامني في سوريا.

لكن هذا النظام، ومن يقف وراءه من روسيا الى الصين وايران، نجح حتى الآن في تحويل الازمة السورية الى صراع دولي اتخذ ابعاداً تتعدى نطاقه الاقليمي الى صراع بين القوى الكبرى تتداخل فيها بقوة لعبة المصالح، وقد تجلى هذا الصراع الذي انفجر بعد الفيتو الروسي والصيني في الحركة الدولية المتسارعة في سباق محموم بين الدبلوماسية وانصار الاسدية على جبهة الازمة السورية ومعه ارتفع منسوب الضغط على هذا النظام حظراً وعقوبات وسحب واستدعاء سفراء وطرد آخرين، في وقت لم تنجل الضبابية عن النتائج التي ستترتب على زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومعه رئيس المخابرات للرئيس السوري بشار الاسد في ضوء شح المعلومات واكتفاء لافروف بالقول للاسد في بداية اللقاء «إن على قادة الدول ان يتحملوا مسؤولياتهم وانتم تتحملون مسؤوليتكم».

في ضوء هذا الصراع الدولي الطاحن ينام الوضع اللبناني ويفيق على نار تداعياته على ساحته، وهو مستهدف اساساً من النظام السوري للتغطية على جرائمه في سوريا، وعنده في الداخل اللبناني من هو على استعداد تام لقلب الطاولة على الجميع، وتحويل لبنان الى مسرح او الى ساحة صراع مفتوحة علىاحتمال الحروب الداخلية بدءاً بالفتنة المذهبية التي لا تحتاج الا لمن يشعل فتيلها في ظل تقارير امنية داخلية ودبلوماسية، تجمع على هشاشة الوضع وعلى تفخيخه من الداخل، ليصبح كله فوق برميل من البارود ينتظر اشعاله بعود كبريت.

وما النداءات التي حذرت من موجة اغتيالات سياسية تستهدف عدداً من الشخصيات السياسية البارزة، والمعروفة بعدائها للنظام السوري سوى مؤشر حي، يجب التوقف عنده، خصوصاً وان المثل اللبناني المعروف عندما تتصارع الدول، خبئ رأسك، ومعنى ذلك ان لا احد اليوم على رأسه خيمة.
وبات مطلوباً من رئيس الجمهورية التحرك بسرعة مع القيادات اللبنانية لاعادة التواصل والحوار فيما بينها، لدرء الاخطار الكثيرة التي تهدد هذا البلد وفي المقدمة الاغتيال السياسي. فهل يقدم الرئيس، هذا هو السؤال  

السابق
اللواء: الأزمة الحكومية لم تَنتُج عن قراءات دستورية متناقضة أو تنازع صلاحيات بل من إنعدام الثقة
التالي
السفير: الأسد ولافروف: دمشق تسرّع الإصلاحات … وموسكو توفّر الضمانات الخارجية