الاخبار: وزراء عون مبسوطين: مجلس الوزراء بلا عرقلة

للمرة الأولى منذ 6 أشهر، يخرج الوزراء العونيون من مجلس الوزراء، من دون ان يشتكوا «سوء المعاملة». 8 قرارات عونية صدرت امس، 7 منها في مجال الكهرباء. وبغضّ النظر عن تأثيرها المباشر على اوضاع الكهرباء المزرية، فإن مجرد صدور القرارات أحبط تهمة العرقلة التي يواجه بها العونيون الخصوم ــ الشركاء

انفرجت أسارير عدد كبير من الوزراء العونيين ليل أمس بعد جلسة مجلس الوزراء. ربما هي المرة الاولى منذ تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يخرج فيها الوزير جبران باسيل ليمتدح الجلسة، رغم كل ما تخللته من «نقاشات هادئة» بدا فيها رئيس الجمهورية ميشال سليمان مصراً على الرد على كل ما وجهه اليه النائب ميشال عون عبر وسائل الإعلام.

مجلس الوزراء ناقش تفاصيل التقرير الفصلي الذي رفعه باسيل إلى رئاسة الحكومة حول تطور خطته الكهربائية، فأدرِج التقرير على جدول اعمال الجلسة. ولم يُكتفى بذلك، بل اتخذت 7 قرارات مرتبطة بقطاع الكهرباء، وأكثرها متصل مباشرة بخطة باسيل. في مشروع إنتاج الـ700 ميغاوات، اتخذ مجلس الوزراء قرارين أعاد فيهما تبنّي المشروع الممول من الخزينة العامة، ما سيسمح لوزير الطاقة بإحالة الملف على لجنة المناقصات خلال أيام. ورغم كل ما أثير سابقاً عن ملف «موزعي الخدمات»، طلب المجلس من مؤسسة كهرباء لبنان الإسراع في تنفيذه. وفي ملف استئجار البواخر، تصرفت الحكومة بطريقة مماثلة، إذ جرى الاتفاق على ان تنهي اللجنة المعنية بها عملها وترفع تقريرها إلى مجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد أثار في الجلسة قضية إدخال ثلاثة عروض إضافية في ملف استئجار البواخر، لتضاف إلى ستة عروض اخرى مقدّمة سابقاً، لكن هذه النقطة جرى توضيحها، لناحية كونها تخضع لمعايير الاستشاري العالمي الذي اختارته اللجنة التي يرأسها ميقاتي. كذلك قرر مجلس الوزراء الطلب من مجلس الإنماء والإعمار الإسراع في إطلاق مناقصة تأهيل معملي الذوق والجية، وتفويض وزارة المال ومجلس الانماء والإعمار الطلب من الصناديق المانحة تأمين التمويل اللازم. طلبان إضافيان قررهما المجلس: الاول موجه إلى مجلس الخدمة المدنية للإسراع في إجراء المباريات للتعاقد مع المهندسين والفنيين في مؤسسة كهرباء لبنان. اما الثاني، فموجّه إلى وزير الطاقة لإعداد مشروع قانون برنامج خلال شهر شباط 2012 لإنشاء خط الغاز الساحلي.

خلاصة كل ما تقدم ان وزير الطاقة حصل، تقريباً، على كل ما يريده، من دون العرقلة التي كان يشكو منها. ما حصّله العونيون من الحكومة، وبسهولة، أضيف إليه بند في وزارة الاتصالات، يرمي إلى التجديد لشركتي الهاتف الخلوي (أوراسكوم وام تي سي) لإدارة الشبكتين. فرغم ان عدداً كبيراً من الوزراء اشتكوا من كونهم تلقوا هذا الملف قبل وقت قصير من الجلسة، وهو ما لم يتح لهم التدقيق به، ورغم ان وزراء كثيرين اعترضوا (داخل المجلس وخارجه) على عدم تضمين الملف جدول مقارنة بين العقد الحالي والعقد السابق، وافق المجلس على التمديد للشركتين المشغلتين للشبكتين، مع اعتراض وزراء جبهة النضال الوطني الثلاثة (غازي العريضي ووائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو)، ووزير الاقتصاد نقولا نحاس. لكن القرار تضمن أيضاً «الطلب من وزير الاتصالات تقديم جدول مقارنة بين العقد الجديد والعقد السابق والوفر المحقق وتقديم خطة عمل استراتيجية ودفاتر الشروط لإطلاق مناقصة دولية لتشغيل الشبكتين خلال اربعة اشهر على الاكثر من تاريخ اقرار دفاتر الشروط واستكمال المراسيم التنظيمية للهيئة الناظمة للاتصالات». الجلسة كانت قد شهدت نقاشات حامية، رغم ان رئيس الجمهورية افتتحها بمقدمة تقليدية هادئة. لكن وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور طلب الكلام، ليرد، «بصراحة وبوضوح» على العماد عون، وعلى عدد من الوزراء. قال أبو فاعور إن الحكومة «متنوعة، وفيها تعدد آراء. لكن لا يجوز أن يفرض أحد رأيه على المكونات الأخرى. فما يجمعنا هو ضمان الاستقرار لا غيره. قيل إننا نعرقل. أود أن أذكركم بأن مشروع الكهرباء الذي عرض على مجلس الوزراء لم يتعرض لأي عرقلة، ووافقنا عليه هنا، ووافقنا عليه في مجلس النواب»، مشيراً الى «أن الحكومة اليوم صارت مقسمة إلى ثلاثة أجزاء: خونة ولصوص وأشراف. هذه ليست عقلية حكومة. فكلنا مسؤولون عن النجاح وكلنا مسؤولون عن الفشل، وإذا كانت هناك انتخابات، فلدينا جميعاً انتخابات». وختم بالقول: «إذا كان الاتهام مبنياً على تظاهرات جرت في مناطقنا، فأود لفت انتباهكم إلى ان التظاهرات حصلت في معظم المناطق، بما فيها مناطق حزب الله وحركة أمل، ما يدل على أن التحركات لم تكن مسيّسة».

من جهته، رد باسيل على أبو فاعور قائلاً إن «لدينا أسلوب عمل سياسي، وما نستطيع تحصيله من مجلس الوزراء نحصله، وما لا يمكننا تحصيله يرغمنا على اللجوء إلى الشارع. نحن مستمرون في هذه الحكومة من باب الحفاظ على الاستقرار. صحيح أن هناك تظاهرات في مناطق حزب الله وحركة امل، لكن هذه التظاهرات لا تُرفع فيها الصور ولا يشارك فيها نواب». وأضاف: «نحن هنا بصفتنا التمثيلية، ولدينا الكثير من المشاريع والتعيينات التي تجري عرقلتها». وتحدث باسيل عن ملف المازوت المدعوم، مشيراً إلى انه منذ البداية اعترض على آلية الدعم، وانه لا يزال يرفضها. فرد أبو فاعور بالقول: «إذا كان لديكم أسلوب عمل محدد، فهذا حقكم، لكن من دون أن تفرضوه علينا».

من جهته، شدد رئيس الجمهورية على ضرورة العمل الهادئ و«الابتعاد عن الأنا، خصوصاً أن الأنا أدّت إلى اندلاع حروب أحياناً». وتحدث عن التعيينات، فقال إن «البعض يقول إن رئيس الجمهورية يعرقل التعيينات، لكن كان الأجدى بهم أن يقولوا إن رئيس الجمهورية غير موافق على مرشحنا لرئاسة مجلس القضاء الاعلى». ولفت إلى أن وزير الطاقة استشار الكتل السياسية بشأن تعيين أعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، من دون ان يستشير رئيس الجمهورية. فرد باسيل بالقول: «فخامة الرئيس، نحن نعتبرك الحكم وفوق هذه الأمور». وسرعان ما أخذ هذا الجانب من الحديث منحى المزاح.

وشهدت الجلسة سجالاً بين الوزيرين نقولا فتوش ومحمد الصفدي، إذ قال الاول إنه يطلب موعداً من وزير المال، لكن الاخير لا يعطيه هذا الموعد، فرد الصفدي شاكياً أن فتوش اتصل مرة بسكرتيرة وزير المال وقال لها: غصباً عنك بدو يحددلي موعد. وعبّر الصفدي عن رفضه لتحديد موعد لفتوش. وخلط فتوش بين هذا الامر والمرسوم الصادر في الجريدة الرسمية بشأن مساعدة النازحين السوريين، فأكد عدد من الوزراء أنهم لم يطلعوا على أي قرار في مجلس الوزراء بشأن النازحين السوريين. واوضح الرئيس ميقاتي أن الملف لم يُعالج من زاوية اعتبار النازحين السوريين لاجئين، بل هو قرار مبني على الأوضاع الإنسانية التي يعيشها من انتقلوا من سوريا إلى لبنان، لافتاً إلى أن هذا القرار اتخذ في 18 تموز 2011.
وأرجأ مجلس الوزراء البحث في ملف بيانات الهاتف الخلوي وما أثير حول محاولات اغتيال بسبب ضيق الوقت، على أن تُبحث في جلسة اليوم. وقد سأل الوزير محمد فنيش عن هذه القضية، فأجابه وزير الداخلية مروان شربل، قبل ان يتدخل رئيس الجمهورية قائلاً: يحق لك ألا تعطي تفاصيل امنية. فقال الوزير جبران باسيل: هناك اتهامات موجهة للجنرال عون وللوزير صحناوي ولي بأننا نتحمل مسؤولية ما يجري. وهناك نائبان قالا هذا الامر صراحة. فرد سليمان بشيء من الحدة: «لا مشكلة في كلام النواب. بعض النواب يتعرّضون لأرفع مقام في الدولة من دون أن يضع لهم أحد أي حد».

ومن المنتظر أن يبحث مجلس الوزراء اليوم في بعبدا جدول أعمال من 52 بنداً، بينها عدد من الوظائف الشاغرة في الهيئة العليا للتأديب ومجلس الخدمة المدنية. وقال وزراء عونيون إنهم سيعترضون على عدد من الأسماء، لأن رئيس الحكومة «اقترح تعيين شخصيات مسيحية من دون استشارة القوى المسيحية صاحبة التمثيل». من جهته، اكد وزير الخارجية عدنان منصور لـ«الأخبار» أن ملف التشكيلات في الفئة الثالثة سيُبت خلال أيام قليلة، فور ورود رأي مجلس الخدمة المدنية باللوائح التي بعثت بها وزارة الخارجية إلى المجلس بشأن هذا الملف. وأكد منصور أن الترفيع من الفئة الثانية إلى الفئة الأولى وتشكيلات الفئة الأولى «باتت بحكم المنجزة، وأنها ستصدر قريباً جداً». 

السابق
سرقة كابلات كهربائية تقطع الكهرباء في بلدة الصوانة
التالي
قلق المقاومة