هل كنا سنسمع بنائب اسمه خالد الضاهر؟

"لو كان لبنان معافى ويملك قراره السياسي لكان طرد السفير السوري علي عبد الكريم علي من بيروت"، هذا ما أعلنه نائب «تيار المستقبل» عن عكار خالد الضاهر، في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي.
قال الضاهر هذا الكلام على خلفية أنّ السفير السوري طالب بعد لقائه الرئيس نجيب ميقاتي في السرايَ الحكومي أول أمس بضرورة تطبيق الاتفاقات الموقعة بين سورية ولبنان، لجهة ضبط الحدود، ووقف تسريب المسلحين وعدم السماح لجهات دولية باستغلال لبنان تحت أيّ تسميات لتزوير الحقائق، واحتضان كلّ معاني التطرف والهجوم على سورية من خلال هذه الدولة الشقيقة".

لم يرُق لخالد الضاهر كلام السفير السوري الذي أتى عبر الأقنية الرسمية، لأنه وتياره يُعتبران من الشركاء الأساسيين في التآمر على سورية، كدولة ممانعة وكشعب مقاوم لا كنظام فقط.
إنّ جلّ ما طالب به السفير السوري في لبنان هو تطبيق الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وأنْ يُمارس لبنان حقه السيادي على أرضه ويمنع الارهاب، الأمر الذي أزعج واستفزّ الضاهر وأمثاله في الشمال ممن يستمرّون في إنكار وجود المسلحين والإرهابيين، على الرغم من تأكيد ذلك في التقارير التي تنشرها الصحف الأجنبية الحليفة لهم، كصحيفتي "واشنطن بوست" الأميركية و"الغارديان" البريطانية.

إن حماة الإرهاب الذين لم نسمع منهم أيّ ردّ على ما نشرته هذه الصحف، ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فبرّروا كلام الصحافة الأجنبية بالقول: "إنّ واجبنا هو أن ننصر أخواننا بإيوائهم حتى ولو كانوا مسلحين".
لم ينفِ الضاهر تهريبَ السلاح من لبنان الى سورية، مدعياً أنّ التهريب لا يتعدّى الأسلحة التي لا قيمة لها كبنادق الصيد، وأنه يأتي في إطار المصالح الشخصية. ويبدو من ذلك أن نظره «ضعيف» إلى درحجة أنه لا يرى الأسلحة الثقيلة والمتطوّرة والعبوات التي تتدفق إلى سورية عبر وادي خالد وعرسال، أو عبر تركيا والعراق والأردن. كذلك ألم يسمع الضاهر كلام وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن "أنّ المعارضة السورية تملك تصميماً جيداً وتتمتع بتمويل سخي ومسلّحة جيداً". من المؤسف أن يكون الضاهر معتلّ النظر والسمع في آنٍ معاً.  ولمّا كانت "السيادة والقرار السياسي الحرّ" خطّاً أحمر عند نائب عكار، فلماذا لم يطلب من الحكومة اللبنانية اتخاذ أيّ إجراء بحقّ السفيرة الأميركية بعدما كشف حزب الله عن قضية التجسّس الأميركي، واستخدام السفارة الأميركية في عوكر كمقر لانطلاق أنشطة أميركية تجسّسية معادية. فالنائب "المستقبلي" و"السيادي" يتجاهل الأدوار المشبوهة والفاضحة التي يقوم بها علناً سفراء الدول الكبرى الضالعة في المؤامرة ضدّ سورية، والمحاولات التي تقوم بها بعض الدول العربية، لا سيّما قطر، لأنها تتوافق مع سياسة فريقه المشبوهة.
أما استغرابه الهجوم على الدعوة إلى افتتاح مطار القليعات في عكار واعتباره "أنّ عرقلة هذا المشروع هي ضدّ المصلحة الوطنية"، فترى فيه أوساط مطلعة أنه يبرّر ما قاله مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان لفريق «14 آذار» قبل أيام، أنّ تركيا لم تعد تعطي التسهيلات الكاملة للمعارضة السورية عبر مطاراتها. وبناء على ذلك فإنّ مطار رينيه معوّض يكون البديل عبر تحويله إلى قاعدة لنقل الإرهابيين الذين يقصدون الحدود اللبنانية ـ السورية من شتى قواعدهم في الدول العربية، خصوصاً تلك التي تقود المعركة ضدّ سورية.
وهنا تسأل الأوساط المطلعة: لماذا الاستفاقة اليوم على هذا المطار الملاصق للحدود السورية، في ظلّ ما يجري في محيط هذه القاعدة العسكرية من عمليات تهريب أسلحة التي يحاول الجيش اللبناني ضبطها وردعها.
أما الخطورة الأبرز فهي التذرّع باستخدامه المطار كممر للمساعدات الانسانية، في حين أنه سيكون للدعم والإمداد العسكري، ما يعيد إلى الذاكرة حادثة الطائرة الإيطالية التي حطّت منذ فترة وجيزة في مطار بيروت الدولي، وأفرغت حمولتها التي قيل انها أدوية بقيمة 150 ألف يورو ثمّ غادرت تحت جنح الظلام. وهذا في الوقت الذي رد وزراء الداخلية والخارجية والدفاع اللبنانيون على السائلين بأنهم لا يعلمون شيئاً عن هذا الموضوع. وقد أثار الوزير علي قانصو هذا الموضوع في مجلس الوزراء، وكان ردّ رئيس الحكومة "أنّ حمولة الطائرة لا تتعدّى بضعة حرامات وكمية من الأدوية"!
ومن الملفت أنّ رئيس "مجلس اسطنبول" برهان غليون كان قد اتصل بوزير الخارجية الإيطالي طالباً تأمين أدوية لجرحى ما سماه "الحوادث الحربية"، وقد لبّت إيطاليا الطلب، وأرسلت طائرة قيل انّها محمّلة بالأدوية، واذا كانت بالفعل كذلك، فلماذا التمويه ومنع الاعلام من مشاهدة الحمولة الا اذا كان هناك أنواع من "الأدوية السرية" التي لا يجوز اطلاع الرأي العام عليها.
ولما كان الفريق المستقبلي يتذرّع بما جاء في البيان الوزاري للحكومة العتيدة حول إحياء مطار القليعات، إلا أن الرئيس نجيب ميقاتي قصد أن يكون هذا المطار محدود الاستعمال كمطار ثانوي يستوعب فقط الطائرات الصغيرة، لا سيما أن الدراسات أثبتت أن هذا المطار لا يصلح أن يكون مطاراً مدنياً ونفقات تأهيله باهظة جداً، وتفوق نفقات بناء مطار جديد.
يبقى التأكيد انه لو كان هناك دولة في لبنان تحكم سيطرتها على أرضها لما شكت سورية من الشلل الإرهابية التي يتمّ تهريبها مع أسلحتها عبر الحدود، ومن العجز الرسمي اللبناني الذي أدى إلى تعاظم تهريب السلاح وتسلل الإرهابيين عبر الحدود.
وبناء على "رغبة" الضاهر بطرد السفير السوري، فإن أوساطاً سياسية تؤكد أنه "لو كان هناك من دولة في لبنان لكانت رفعت الحصانة عن نواب الصدفة وطالبت بمحاكمتهم لإخلالهم بالأمن والعلاقات اللبنانية – السورية، وقبل هذا وذاك محاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق اللبنانيين".
وهل هناك أدلّ من المجزرة الوحشية التي ارتكبها أصدقاء خالد الضاهر في حلبا ضد مواطنين يخالفونهم في الرأي؟  

السابق
عاش معاشك
التالي
النهار: التعيينات بعد الأجور وبكركي تتذمّر من تأخيرها