القاعدة تدخل إلى مجلس النواب بهدوء

بدا اجتماع لجنة الدفاع والأمن النيابية، أمس، كأنه نقطة النهاية لرحلة التجاذبات السياسية والطائفية التي سلكها موضوع «القاعدة» منذ ثلاثة أسابيع.
وصلت «القاعدة» إلى مجلس النواب. وزير الدفاع فايز غصن كرر، أمام الحشد النيابي الحاضر، ما سبق وكشفه في تصريحه الشهير في 20 كانون الأول الماضي عن «معلومات تتحدث عن عمليات تحصل على بعض المعابر غير الشرعية، لا سيما في عرسال بحيث يتم تهريب أسلحة ودخول بعض العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة» تحت ستار أنهم من المعارضة السورية». أعاد التأكيد أيضاً أنه لم يقصد عرسال بذاتها ولم يقل إن «عرسال تأوي إرهابيين»، بل ذكر عرسال لأن «الجيش تعرّض لاعتداء فيها»، مشيراً إلى أن «مصدر المعلومات هو الجيش». وشدد على أنه لم ينطلق من أي خلفية سياسية بل كان هدفه التأكيد أن «ضبط هذه العمليات ومنعها ليست مسؤولية الجيش والقوى الأمنية، فحسب بل هي مسؤولية وطنية شاملة». وقال: «وزير الداخلية (مروان شربل) له تصريحان مختلفان وهو يُسأل عن ذلك».

افتتح رئيس اللجنة سمير الجسر الجلسة، مبيناً أن الهدف منها استيضاح غصن عن التناقض بينه وبين رئيسي الجهورية والحكومة ووزير الداخلية حول وجود «القاعدة» في لبنان، سائلاً: هل كان يجب أن يثار الموضوع بالإعلام؟
وكما كان متوقعاً، استمر نواب «المستقبل» بالتعامل مع الموضوع بوصفهم «أم الصبي» رافضين «الحملة التي أثيرت ضد عرسال»، إلا أن اللافت للانتباه في الجلسة كان نأي نواب «القوات» و«الكتائب» بأنفسهم عن الدخول في الخلاف حول وجود «القاعدة» في لبنان. معظمهم ظل مستمعاً وأغلبهم خرج من الجلسة بعد وقت قصير. النائب جورج عدوان كان واضحاًَ في التمييز بين ملف «القاعدة» وبين ضبط الحدود، داعياً لإبعاد لبنان عن الصراع في سوريا منعاً لتفجير الأوضاع وهي مداخلة استدعت تصفيقاً من النائب علي عمار.  بعد وزير الدفاع كان النائب الوليد سكرية أول المتحدثين. أكد على ضرورة ضبط الحدود. ذكر «فتح الاسلام»، «جند الشام»، «كتائب عبد الله عزام» ومرتكبي جريمة عين علق، سائلاً: هؤلاء أليسوا إرهاباً وهل يمكن أن يقال إنهم ليسوا «قاعدة»؟ وقبل أن يخلص ميز بين عرسال البلدة الوطنية التي قدمت الشهداء في مواجهة إسرائيل وبين المعابر غير الشرعية التي تستعمل لتهريب السلاح.
ما أجمع عليه النواب على اختلاف مشاربهم كان التناقض الذي ظهر في تصريحات المسؤولين حول وجود «القاعدة» في لبنان، فطالب النائب غازي زعيتر بدعوة رئيس الحكومة ووزير الداخلية ومدير عام قوى الأمن الداخلي (قال خارج الجلسة إنه لا يحق للأخير أن يدلي برأيه من دون حصوله على اذن وزير الداخلية) لاستيضاح مواقفهم المتناقضة وليس فقط وزير الدفاع.
أول المتكلمين من تيار «المستقبل» كان النائب خالد الضاهر متحدثاً عن «الفكر المتوحش الذي يقوم بعمليات انتحارية»، قبل أن يدعو إلى مكافحة عمل «الحرس الثوري الإيراني» والمخابرات السورية في لبنان. سبحة النواب المتحدثين من جانب «المستقبل» كانت طويلة. النائب زياد القادري كشف أنه سيقدم استجواباً إلى الحكومة حول الموضوع مؤكداً أن الموضوع لا علاقة له بـ 8 و14 بل باستقرار الناس وأمنهم.

خلاصة الجلسة ركزت على أن يكون رأي السلطة موحداً ومنسقاً مع الأجهزة، مع ترجيح عدم انعقادها مجدداً لمناقشة الموضوع نفسه «ألذي استنفد الحديث فيه»، على ما أكد أحد أعضائها. ومع ذلك فإن الجسر ترك الباب موارباً وعلى الرغم من أنه لم يحدد موعداً جديداً، إلا أنه أشار إلى أن «اللجنة ستدرس دعوة رئيس الحكومة ووزير الداخلية إلى الجلسة المقبلة للنظر في تناقض التصريحات». وأضاف: «وزير الدفاع أدلى بما لديه وسندرس ذلك وفي ضوئه يبنى على الشيء مقتضاه، وسنأخذ الموقف المفترض».
سئل: هل ستتأكدون كلجنة دفاع من واقعة الاعتداء على عناصر من الجيش اللبناني بعد توقيف حمزة قرقوز في عرسال والتي كان انطلق منها وزير الدفاع؟ أجاب الجسر: «كان واضحاً بأن الجيش اللبناني لم يدخل بحلته العسكرية انما كمخابرات من خلال عناصر أتوا من بيروت وليس من مخابرات البقاع التي لم تكن على علم بهذا الأمر وحصل ما حصل قبل ان يعرفوا أن هؤلاء مخابرات».

وقال النائب مروان حمادة بعد انتهاء الجلسة إنه لم يقتنع بكلام غصن، وقوله بأنه «لم يكن يقصد اتهام اهالي عرسال».
أما النائب غازي زعيتر فقال: أنتم تعرفون من قال إن ليس هناك «قاعدة» في لبنان ثم عاد فقال لبنان ممر وليس مقراً لـ«القاعدة».
أما النائب سامي الجميل فقال: «ما استنتجناه جعلنا نطلب التالي: اولاً، ان تجتمع الحكومة وتصدر موقفاً واحداً موحداً. ثانياً: ندعو الى التحرك الفوري على الارض في حال ثبت وجود تحرك «القاعدة» في لبنان من دون الاستعاضة بالتصريحات الإعلامية. أضاف: «من جهة ثانية نسمع تصاريح تبرر استباحة الحدود اللبنانية من قبل الجيش السوري، وفي المقابل نحن نطلب من وزارة الدفاع أن يقوم الجيش اللبناني بواجباته الدستورية والقانونية تجاه الشعب اللبناني وبالدفاع عن حدود لبنان، وبالتالي اطلاق النار الفوري على اي عسكري او عنصر اجنبي يتجرأ بمد اليد على الحدود اللبنانية باستباحة او بغير استباحة لها».

اما عدوان فقال: «إن النقاش داخل الجلسة دار حول نقطة اساسية وتتعلق بشقين: فعندما يكون هناك عناصر إرهابية موجودين فعلا فوق الاراضي اللبنانية، فهذا الامر يتطلب معالجة وليس اطلاق خطابات. وعندما يتأكد من وجود عناصر تتعاطى الارهاب، فهذا الامر يتطلب من كل الوزراء المعنيين معالجة هذا الموضوع، وبالتالي اتخاذ التدابير اللازمة. ومن غير المسموح بعد اليوم أن تكون الخطابات متناقضة بكل المواضيع وحتى في ابسط القضايا التي يفترض أن تعالج على صعيد حكومي».
وأوضح عدوان أن «الخلاف لا يتناول المعلومات الأمنية إنما عدم الذهاب الى الإعلام بالمعلومات الامنية قبل ان تتخذ التدابير والإجراءات اللازمة على الارض. ويجب عدم اطلاق تصاريح تسيء الى صورة لبنان واستقراره وتظهره وكأنه منطلق للتدخل بالشأن السوري الداخلي ونعطي تبريرات لسوريا لترفع الى مجلس الامن أموراً ترتبط بمواقفنا». 

السابق
مبادرة انقاذية
التالي
الثورة السورية وحماية سيادة لبنان