هل يتحد الخليج العربي؟

دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى ضرورة انتقال المجلس من التعاون إلى الاتحاد، فهل مجلس التعاون قابل للاتحاد؟ وهل لدى دول المجلس استشعار لأهمية ذلك؟ الواقع يقول، ومنذ الزلزال العربي، أو ما يسمى بالربيع العربي، إن المبنى الشاهق الوحيد بمنطقتنا هو دول مجلس التعاون، رغم كل محاولات الزعزعة التي حاولت النيل من بعض دوله، مثل ما حدث بالبحرين، وبتحريض إيراني، وحتى حملات التحريض المنتظمة لاستهداف المملكة العربية السعودية.

وعليه، فإن الاتحاد الخليجي ليس بترف، بل هو حاجة أمنية، واقتصادية، وسياسية ملحة، فهي مسألة وجود، وبقاء، لكل دول المجلس، خصوصا أن الخطر الذي يهدد المجلس يعتبر مصدره واحدا، وهو إيران، وهناك أيضا خطر الفوضى الضاربة في جل الدول العربية، وما سوف يتبعها من مراهقات سياسية متوقعة من قبل البعض، وهو أمر متوقع. وهنا علينا أن نتذكر جيدا الزوبعة التي تلت مرحلة جمال عبد الناصر، فكيف اليوم ونحن نشهد رعونة سياسية لدى أطراف عدة؟ هذا عدا عن ما مر على المنطقة من مخاطر الإرهاب، والزوابع المالية، وخلافه.

لذا، فإن اتحاد دول المجلس ضرورة وليس ترفا، كما أنه لا يحتاج إلى لجان، واجتماعات، وضياع وقت، وإن ما يحتاجه اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، هو استشعار الخطر الذي يحيط بالمجلس من كل مكان، وفي مختلف الملفات، وهذا يتطلب وعيا، وواقعية، وابتعادا عن تسجيل النقاط، أو قل المماحكة السياسية. وهو أمر بات مثل السر المعروف خليجيا، فأحيانا يكون فشل مشاريع المجلس بسبب التنافس غير المبرر؛ سواء سياسيا، أو اقتصاديا، وبأمور أخرى تقل أهمية. ففي حال استشعرت دول المجلس الخطر الذي يحيط بها، فستجد نفسها بحالة اتحاد فعلية، وأكثر تأثيرا من اتحاد يأتي بلجان قد تستغرق سنوات، فالأوضاع المحيطة بدول المجلس الخليجي تهددها بخطر حقيقي، وأكبر خطر هو عدم وضوح الرؤية المستقبلية! فلا نعلم ما الذي ستؤول إليه الأوضاع في العراق، خصوصا وهو مهدد بانهيار العملية السياسية فيه بعد أن أصبح المالكي الديكتاتور العراقي الجديد، وكلنا يعلم أن العراق الآن هو سوريا الجديدة بالنسبة لإيران.. وهناك غموض الأوضاع في مصر، وليبيا، ناهيك عن أوضاع اليمن التي تسير بمسكنات سياسية خليجية، ولا نعلم كيف سيكون مستقبل اليمن. وهناك أيضا سوريا، والدور الإيراني المخرب فيها.. وبعد كل ذلك، الأوضاع الاقتصادية العالمية، وقائمة طويلة من مبررات القلق من وعلى المستقبل.
كل ذلك يستدعي سياسات خليجية متقاربة، وليس بالضرورة موحدة، فأمننا هو المستهدف، وكذلك بترولنا، وأبناؤنا، واختلاف خليجنا عن غيره في المنطقة بأن دوله تقريبا هي الوحيدة بالأمس، واليوم، التي تهتم بمواطنيها، وبناء دولها، رغم كل العيوب والقصور.

لذا، فإن الاتحاد الخليجي مطلب ملح، ومنطقي، وليس ترفا، لكن السؤال هو: هل تستوعب دول المجلس الخطر المحيط بها، وتتحرك سريعا، أم إنها ستظل تضيع الوقت والفرص، وتزيد من نسبة المخاطر؟
  

السابق
ألرئيس نجيب ميقاتي من بكركي: هنأنا الراعي بالأعياد وبحثنا في كل المواضيع
التالي
دلالات القرار الدولي الجديد