الاخبار: تصحيح الأجور: الأكثرية تريد قراراً جديداً

ازدحم جدول أعمال بداية الأسبوع بجملة عناوين داخلية وإقليمية كبيرة، فرضت نفسها على معظم المواقف والتحركات، من الانسحاب الأميركي من العراق، إلى توقيع سوريا على بروتوكول المراقبين العرب، فالموضوع الأمني في مخيم عين الحلوة، وتفعيل المعارضة لشعار «بيروت منزوعة السلاح»، وصولاً إلى «صواريخ الجنوب» التي تطل كل مرة بشكل مختلف

يبدو أن نكسة التصويت على قرار زيادة الأجور أحدثت صدمة إيجابية كبيرة لدى أطراف الأكثرية، ودفعتها إلى إجراء «نفضة» شاملة لشدشدة تواصلها وزيادة جرعة تنسيقها وزارياً ونيابياً. وقد توّجت لقاءات التنسيق أمس بـ«أكلة سمك» على مائدة الوزير حسين الحاج حسن، شارك فيها المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، والوزراء: محمد فنيش، جبران باسيل، شربل نحاس وعلي حسن خليل. وقد استمرت الجلسة خمس ساعات ونصف الساعة، ولخصتها مصادر شاركت فيها بأنها تؤكد «انتظام الآلية التي اتفقنا عليها لناحية تفعيل التنسيق الحكومي بيننا. والمهم في هذه الجلسة أن ما كنا نحكيه تراشقاً في السابق صار مطروحاً وجهاً لوجه».

وذكرت هذه المصادر أن المجتمعين تناولوا جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً بالتفصيل، لكن قضية الأجور نالت حصة الأسد من الوقت، حيث جرى تفنيد قرار الزيادة الأخير، وما يمكن أن تؤول إليه الأمور على ضوء قرار مجلس شورى الدولة. واتّفق على ضرورة إعادة طرح الملف في المجلس، و«لدينا إرادة للتوصل إلى قرار موحد والتوجه به إلى جلسة الغد». وأشارت المصادر إلى التوافق أيضاً على الجزء الأكبر ممّا يطرحه وزير العمل بشأن تركيبة الأجور، لكننا لا نزال بحاجة إلى بعض الأخذ والرد بشأن بعض التفاصيل». وقد كشف أحد المشاركين في اللقاء أن ما لم يتفق عليه المجتمعون هو «بند دعم الأجور الذي يطرحه نحاس، والقاضي بأن تدفع الدولة اشتراك فرع المرض والأمومة في الضمان الاجتماعي بدلاً من أرباب العمل، لقاء أن يحول هؤلاء ما كانوا يدفعونه إلى الضمان إلى زيادة على أجور العمال»، لكنه أعلن أن هذا الأمر سيجري التشاور بشأنه اليوم وغداً قبل جلسة مجلس الوزراء، مع الإشارة هنا إلى أن أطراف الأكثرية كانوا قد أبلغوا أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأييدهم لإصدار قرار جديد عن مجلس الوزراء بزيادة الأجور، لا الاكتفاء فقط بتصحيح القرار الذي صدر سابقاً.

كذلك بحث المجتمعون أمس قضية الموازنة، وجرى التوافق على ضرورة التوجه إلى مجلس الوزراء من أجل طرح نظرة موحدة لمسألة الضرائب، علماً بأن وزيري حركة أمل سيطرحان في جلسة الحكومة غداً ورقة تتضمن ملاحظاتهما على مشروع الموازنة، إضافة إلى رؤيتهما للسياسة الضريبية..

ومن المنتظر أن يشمل النقاش بين الأطراف الثلاثة (التيار الوطني وحزب الله وحركة أمل) اليوم وغداً بند تعيين الأمين العام لوزارة الخارجية ومدير للشؤون السياسية والقنصلية فيها. وسيجري البحث فيه من زاوية أن يدعم وزراء الحركة والحزب موقف النائب ميشال عون بشأن اقتراح تعيين السفير شربل وهبة مديراً للشؤون القنصلية والسياسية، علماً بأن الأطراف الثلاثة لديهم ملاحظات سلبية على المرشح لتولّي الأمانة العامة للخارجية.

وكان العماد ميشال عون قد أوفد نهاراً النائب إبراهيم كنعان للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووضعه «في تفاصيل عدد من الملفات التي نتابعها مع دولته ككتلة»، بحسب ما ذكر كنعان. وعن مواضيع هذا اللقاء قالت مصادر لـ«الأخبار» إنها متابعة لما تداوله بري وكنعان في لقائهما السابق قبل 10 أيام لجهة التشاور في الملفات الآنية، كالموازنة وحسابات الدولة والتعيينات وقانون الانتخابات. وتحدثت هذه المصادر عن وجود توجه لدى بري وعون يهدف إلى إقرار آلية للتعاون بين كتلة التحرير والتنمية وتكتل التغيير والإصلاح على مستوى العمل النيابي، أسوة بالآلية التي أقرّت للتعاون على المستوى الوزاري. وكشفت في ما خصّ ملف الأجور عن توافق بين بري وعون على ضرورة أن يأخذ مجلس الوزراء في الاعتبار رأي مجلس شورى الدولة، وأن يبتّ الأمر قبل نهاية العام «ليكون عيدية للبنانيين».

وعلى مائدة غداء في بنشعي، اجتمع أمس أيضاً، النائبان طلال أرسلان وسليمان فرنجية، يحيط بهما الوزير مروان خير الدين والنائب السابق مروان أبو فاضل والوزير السابق يوسف سعادة وطوني سليمان فرنجية. وقد وضع أرسلان اللقاء في إطار «التداول في الشأن الوطني العام الذي يهمّ الجميع للتأكيد على كل ما هو لمصلحة البلد وحماية السلم الأهلي أولاً، وللتأكيد على تماسكنا وتحالفنا داخل الحكومة التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي على الصعد كافة».

أما فرنجية، فانطلق من الإشادة بالعلاقة مع أرسلان للتصويب على من سمّاهم المتقلّبين ومستغلّي الفرص، متحدثاً عن الظروف الراهنة «التي أصبحت فيها المصالح والظروف تتغلب على الصداقة والعلاقات الشخصية، وأصبح ناكر الجميل ذكياً والمتقلّب حربوقاً والكذاب يقرأ ماذا يدور خلف الكواليس. ولكننا نحن نبقى ونصمد، نعرف كيف نربح وكيف نخسر، وكيف نجتاز الظروف الصعبة كما نجتاز الأمور السهلة، وبالنتيجة هذا هو الموقف الذي ينال احترام الجميع»، مردفاً «المتقلّبون يستغلون الفرص لكنهم لا ينالون أبداً احترام أحد، عدواً كان أو صديقاً». وتابع: «نحن ثابتون في مواقفنا ولا نتغيّر، لأننا على اقتناع تام بما نفعل، ونؤمن بذلك، وإيماننا نابع من حرصنا على مستقبل شعبنا وعلى قراءتنا السياسية لمستقبل شعبنا، وإيماننا بمصالح كل الناس بعيداً عن المصالح الشخصية الآنية. ولهذا عندما نربح يكون خطنا صحيحاً ونهجنا سليماً، وعندما نخسر يتسلّم القيادة غيرنا ولكننا نبقى». وقال في الموضوع السوري، إن سوريا وقّعت على بروتوكول المراقبين العرب «وفق شروطها هي، وليس وفق أي شروط أخرى»، مؤكداً أن النظام فيها «صامد وباق، وهو نظام قوي ومتماسك برئاسة الدكتور بشار الأسد»، لكنه رأى أن «المؤامرة على سوريا أيضاً مستمرة»، ولكن العدّ العكسي لها قد بدأ، «لقد اجتازت سوريا القطوع»
بيروت منزوعة السلاح

في هذا الوقت كان 13 نائباً من نواب بيروت، من أصل 19، يعيدون طرح نزع السلاح من العاصمة، بعدما تداعوا إلى اجتماع في مجلس النواب، بحثوا فيه «ما حصل في مناطق عدة من بيروت، وآخرها في محلة الزيدانية من اشتباكات مسلحة منذ أيام»، معتبرين أن ذلك «لا يمكن أن يمر كأنه قضية عابرة»، وطالبوا بـ«قرار جريء من القوى السياسية والأمنية جمعاء برفع الغطاء عن المرتكبين، أياً كانوا، وتسليمهم الى القضاء لينالوا عقابهم، وليكونوا أمثولة لكل من يتطاول على الآمنين ويروّع أهالي العاصمة». وحمّلوا «الحكومة مسؤولية استمرار هذا الانفلات الذي يغيب ويعود كأن هناك من يتقصّد تكريس سلطة حملة السلاح على الأحياء وعلى الناس»، معتبرين «أن السلم الأهلي ينطلق من العاصمة أولاً، ولا يمكن أي منطقة من لبنان أن تبقى بمنأى عن هذا لانفلات إذا استمر هذا المسلسل، وإذا ظلت المعالجات تنتهي عند الأمن بالتوسل أو بالتراضي». وقرروا «تأليف وفود للقيام بزيارات للرؤساء الثلاثة تأسيساً لتحرك مستمر، من أجل تحقيق بيروت كبرى منزوعة السلاح».

عبارة «بيروت الكبرى»، أكد النائب نهاد المشنوق لـ«الأخبار» أنها مقصودة، «في محاولة لضمّ نواب الضاحية الجنوبية إلى النقاش الذي يهمّ جميع القوى ويغلّب مصلحة المواطنين على أيّ مصلحة أخرى». وأوضح أن هذا النقاش لا يشمل إلا السلاح الخفيف والمتوسط المنتشر في الشوارع والبيوت، «ولا يتدخل في منظومة صواريخ المقاومة»، آملاً أن يكون هذا الطرح مقدمة لبدء نقاش جدّي مع نواب حزب الله وقوى 8 آذار، تمهيداً لنقاش أوسع في كل الاختلافات». وأكد أن اجتماع النواب أمس اتّسم بكثير من الهدوء والإيجابية. وإذ أشار إلى أن «الجميع يتحدثون عن حرب أهلية في سوريا ستنتقل إلى لبنان»، طالب الجميع بإبعاد هذا الاحتمال بالتعاطي الإيجابي. وقال إن الوفود التي ستزور الرؤساء الثلاثة ستعود بالإجابات اللازمة، ليعاد فتح النقاش في إمكان استكمال هذه الخطوة مع القوى السياسية.

ولم يتوقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عند حادثة الزيدانية حصراً، بل تحدث عن الجنوب وعين الحلوة، ورأى أن «الحل الوحيد لن يكون إلا من خلال حل جميع التنظيمات المسلحة». وإذ شكّك «في أن تتعدى المسألة القلاقل»، طالب الحكومة «بنشر الجيش بشكل فاعل على الحدود، والطلب الى الأجهزة الامنية السهر على الامن بشكل واع ودقيق».
أما المكتب السياسي الكتائبي فانطلق من الحوادث التي شهدها مخيم عين الحلوة ليجدد مطالبته بأن «تبسط الدولة سلطتها على الأراضي اللبنانية دون استثناء»، داعياً الدولة «وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي إلى إيجاد حل نهائي للوضع الفلسطيني في لبنان (…) بما يحفظ المصلحة اللبنانية العليا والاستقرار على الأراضي اللبنانية، ويؤمن للشعب الفلسطيني طموحاته الوطنية».

في الجنوب استمرت إشكالية الصواريخ، وجديدها أمس إعلان قيادة الجيش العثور في خراج بلدة الماري قضاء حاصبيا «على 4 صواريخ نوع غراد غير معدّة للإطلاق، وكانت مطمورة بالتراب»، فيما أكد مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي، خلال لقائه الممثل المؤقت للأمين العام للأمم المتحدة روبرت واتكنز، «مرجعية الجيش اللبناني في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب بالتعاون مع قوات اليونيفيل». كذلك أكد رفض الحزب «كل ما من شأنه المس بالاستقرار الداخلي، خصوصاً في منطقة الجنوب». وانتقد «الإيجاز الأخير حول القرار 1701 الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن»، معتبراً أنه «لم يكن متوازناً».

وتحت عنوان بحث الوضع في لبنان وخصوصاً في الجنوب ودور الكتيبة الفرنسية، وصل إلى بيروت، أمس، مدير دائرة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية الفرنسية نيكولا دوريفيير، والتقى بعيد وصوله رئيس الحكومة، على أن يلتقي عدداً آخر من المسؤولين خلال زيارته التي تستمر يومين، فيما أعلن الوزير حسين الحاج حسن أن سفير فرنسا دوني بييتون الذي زاره أمس «أوضح الموقف الفرنسي من التصريحات بشأن موضوع قوات الطوارئ الدولية»، في إشارة إلى تصريحات وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه. وقال الحاج حسن إنه أكد للسفير الفرنسي حرص حزب الله والمقاومة والحكومة على الاستقرار، وإن بييتون «أبدى تفهّمه لهذا الموقف واقتناعه بأن حزب الله والمقاومة والحكومة حريصون على الاستقرار في لبنان وفي الجنوب. وعبّر بالتالي عن ثقته بهذا الموقف».  

السابق
الراي: سورية توقّع البروتوكول العربي والمراقبون يصلونها خلال يومين
التالي
الجمهورية: سوريا وقّعت فكسبت وقتا وأرجأت التدويل والمـعارضة طالبت بقوات ردع عربية