كيف تغير مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا؟

ما الذي سيجمع طالب إدارة أعمال وطالبة تدرس التسويق وأخرى تنهي دراستها في علم الغذاء؟ في نادي Online Collaborative في الجامعة الأميركية، الذي أسسه محمد حجازي في أيلول 2010، اجتمع محمد ولولوة كلش ويمنى نحاس وعملوا طوال هذه الفترة على أنشطة وورش عمل ومؤتمرات تختص بالعالم الافتراضي، كان أهمها مؤتمر «التدوين في لبنان» العام الماضي. وقبل ستة أشهر، بدأ النادي التحضير لمؤتمر أشمل هذه السنة تحت عنوان «Social Media Changing Lives «، أو «الإعلام الاجتماعي يغيّر الحياة»، في قاعة عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، بعد غد الجمعة، في 16 كانون الأول الجاري.

محاور المؤتمر لن تقتصر على التكنولوجيا والإنترنت، بل ستتضمن جلسات تناقش كيف نجحت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في الدخول إلى جميع مجالات الحياة، وإحداث التغيير في التعليم والثقافة وإدارة الأعمال والإعلام والصحافة والموسيقى والفنون والسياسة والجمعيات والدين.. وصولا إلى الحياة الشخصية. فمع تطور هذه الوسائل، لم يعد بالإمكان تخيّل الحياة من دون مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع طلاب الجامعة الأميركية للعمل على إقامة هذا المؤتمر للبحث في كيفية تشجيع اللبنانيين على المشاركة في المجتمع الافتراضي وسبل هذه المشاركة، ليكون لوجودهم قيمة حقيقية.

فعلى مدار 9 ساعات تمتد بين الثانية عشرة ظهرا والتاسعة ليلاً، سيستضيف المؤتمر شخصيات عدة من رجال أعمال ومستشارين ومدراء شركات، إضافة إلى مدوّنين وصحافيين وحقوقيين واختصاصيين في الغذاء وخبراء في عالم الكمبيوتر والانترنت والتصوير والموسيقى، ليتحدث كل منهم عن أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في ميدان عمله ومدى استفادته منها لتوسيع نشاطاته وقدرته على الوصول إلى أوسع قدر من الجمهور من خلال العالم الافتراضي.
تلك حكاية المؤتمر، لكن كيف وصل محمد ويمنى ولولوة للاهتمام بهذا العالم؟ منذ ثلاث سنوات، دخل محمد ولولوة العالم الافتراضي بعدما أسس كل منهما مدونته الخاصة التي كانت أول خطوة نحو عالم التواصل الاجتماعي، بينما كان اهتمام يمنى منذ بداية دراستها الجامعية منصبّا على المجال الالكتروني الذي تهوى العمل فيه. وأن تكون جزءا من المجتمع الالكتروني بالنسبة ليمنى، ليس أمراً سهلا، ولا يتم فقط من خلال فتح حساب على تويتر أو غيره، بل هناك عمل متواصل يجب أن يقوم به الشخص المعني ليتميّز عن جميع المتواجدين على الشبكة العنكبوتية، فيمتلك بذلك تأثيرا حقيقيا لا يتوقف عند إثبات الوجود في مواقع التواصل الاجتماعي بقدر ما يكمل ذلك نحو العالم الحقيقي.

ويتحدث محمد عن سبب إقامة هذا المؤتمر، مشيرا إلى «حوادث» ذات دلالة في هذا السياق، منها أن بعض الأشخاص خسروا أعمالهم بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، كالإعلامية أوكتافيا نصر التي طردت من عملها في شبكة الأخبار «سي.أن.أن» بسبب «تغريدة» لها على موقع تويتر، وآخرون نجحوا في تحقيق شهرة ونجاح بعد أن انطلقوا عبر نشر أعمالهم على مواقع كالـ«فايسبوك» و«يوتيوب». وتقاطعه يمنى لتتحدث عن أهمية هذه المواقع التي لم يعد أحد يتخيّل حياته من دونها، فالمجتمع الافتراضي يسير بموازاة المجتمع الحقيقي اليوم، وهو ما سيتحقق في المؤتمر أيضاً، من خلال نقل النقاش والحوار بين المؤتمرين مباشرة عبر تويتر، ليتمكن مستخدمو الشبكة من طرح أي سؤال أو تعليق على المحاضرين في أي وقت.
ولأن الانترنت وهذه المواقع للجميع، كذلك سيكون المؤتمر، كما تؤكد يمنى. ورغم أن التركيز الأساسي على الشباب وطلاب الجامعات إلا أن المؤتمر مفتوح لمن يرغب بالحضور، مهما كان اهتمامه أو اختصاصه أو ميدان عمله. ولذلك حرص الشباب على أن يشمل المؤتمر كافة هذه المجالات، من أكثرها «جدّية» كالسياسة وإدارة الأعمال إلى أكثرها متعة كالموسيقى والفنون.

اهتمام الجميع بالـ«فايسبوك» و«تويتر» وباقي مواقع التواصل الاجتماعي أمر طبيعي بحسب محمد، لكنه يأتي في وقت متأخر في لبنان، فهذه الثورة التي يشهدها لبنان على الصعيد الالكتروني بدأت منذ أكثر من خمس سنوات في العالم. والجميع اليوم، من شركات ومؤسسات ووسائل إعلام، بدأ يكتشف هذا العالم الجديد، لكنهم ما زالوا «مبتدئين» والدليل أنهم ينقلون طريقة عملهم التقليدية إلى هذه المواقع المبنية على التواصل بينهم وبين زبائنهم أو جمهورهم. ويعزو حجازي سبب التأخر في اكتشاف هذا العالم إلى عدم وجود دليل واحد يشرح لك كيف بإمكانك إنجاح حملتك في مواقع التواصل الاجتماعي. ولا تدّعي يمنى أن المؤتمر سيؤمن الدليل الواضح لنكون فعّالين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا انّه بالتأكيد سيضع خطوطا عريضة ويلفت نظر المشتركين الـ400 الذين من المفترض مشاركتهم في البحث بما يجب التركيز عليه وما يجب تجنبه، ليكونوا فعالين عبر هذه المواقع.

وترى نحاس أن البعض لا يزال يعتقد أن لا ضرورة لفتح حساب على «فايسبوك» أو «تويتر» ويرى أن مواقع التواصل الاجتماعي هي للتسلية ومضيعة الوقت، فيما يخاف آخرون منها ويمتنعون عن المشاركة فيها بجدية، وهو ما يحاول المؤتمر العمل على تغييره. الـ«فايسبوك ليس مجرد مكان لتنزيل الصور والتحادث وتبادل التعليقات، و«تويتر» ليس مجرد مكان لنشر ما يجري معنا من أحداث فقط، بل يمكن لهذين الموقعين أن يفيدا في بناء مشروع مهني أو كسب الشهرة»، تقول. وتعطي أمثلة عن فرق موسيقية كان من الصعب عليها الوصول إلى وسائل الإعلام التقليدية، بسبب اختلاف موسيقاهم عما اعتادت الإذاعات والقنوات التلفزيونية عرضه، فتمكنت عبر الإعلام الاجتماعي من نشر أعمالها الموسيقية وبناء قاعدة جماهيرية والتسويق لحفلاتها الخاصة.
في المقابل، يرى محمد أن مواقع التواصل الاجتماعي مكّنت شركات ومؤسسات كثيرة من التطور بعد تلقيها ملاحظات من زبائنها، فيما يعمد آخرون إلى تجاهل هذا الأمر، مفضلين تسليط الضوء على المديح فقط، ما قد يعيق تطورهم.
الحديث عن عالم التواصل الاجتماعي وقدرته على التغيير في حياة الناس والمجتمعات يطول ولا ينتهي، بسبب سرعة التطور التي يشهده هذا العالم الافتراضي، ولذلك كان لا بد من تخصيص يوم كامل للحديث عنه وعن ارتباطه بجميع المجالات الحياتية. لكن هذا المؤتمر ليس إلا خطوة صغيرة ستساعد في إدراكنا مدى قدرة الإعلام الاجتماعي في تغيير العالم، إن كان على صعيد فرد أو مجموعة أو حتى بلاد بأكملها.  

السابق
طريق برغز خالية من الإسفلت بسبب شاحنات الكسارات
التالي
فسيفساء لمليون حبة بن!