جسر المغاربة: إمنعوا كارثة اخرى

يبدو ان كل هذا حدث من قبل. ان رئيس بلدية القدس الذي يقف عن يمين رئيس الحكومة يحثه على أن يعمل عملا في المدينة الحساسة جدا، في الحوض المقدس. وحينما تقع المسؤولية على رئيس الحكومة سندفع الثمن جميعا ويخرج رئيس البلدية بريئا من كل تهمة. الحديث هذه المرة عن جسر المغاربة وهو ذلك الممر من باحة حائط المبكى الى جبل الهيكل وهو الممر الوحيد المسموح به لغير المسلمين والذي يستعمله يهود غير متدينين (فالمتدينون يُحرم عليهم حاخاموهم ان يطأوا جبل الهيكل قبل ان يتطهروا برماد البقرة الحمراء)، وسياح وقوات الامن.

هُدم الممر قبل سبع سنين وبني من جديد بصورة مؤقتة وقد ينهار الآن. ويضغط نير بركات لانشاء ممر جديد ومعه تعليلات.
ويستعمل مهندس البلدية صلاحيته لحظر استعمال الممر بسبب خطر انهياره. ورئيس الحكومة واقع، كما هي الحال دائما، في ضغط بين العالم الاسلامي غير المستعد لأن تحرك اسرائيل حجرا في البلدة القديمة بحق أو بغير حق، وبين رئيس بلدية القدس الذي يهدد بأن الممر سينهار وأنه ستقع هنا، والعياذ بالله، كارثة تشبه كارثة الكرمل.ليس السؤال هل رئيس البلدية على حق. من المؤكد انه يستطيع ان يعرض تعليلات منطقية في كل نقاش. ان السؤال هو هل يكون نتنياهو مستعدا لتحمل المسؤولية ولانفجار معاد لاسرائيل في العالم الاسلامي في أعقاب تبديل الجسر.
ان نتنياهو اخطأ خطأ شديدا حينما استجاب لتوصية رئيس بلدية القدس آنذاك اهود اولمرت وفتح في الرابع والعشرين من ايلول 1996 نفق حائط المبكى متجاهلا المعارضة الفلسطينية. وفي الاضطرابات التي حدثت بعد ذلك قتل 14 جنديا و69 فلسطينيا ولم يهديء النفوس سوى قمة مع عرفات في البيت الابيض في عهد كلينتون.
أفترض ان يكون نتنياهو متذكرا الحادثة جيدا. ويحسن ان يمتنع عن النسخة الثانية. وأنا أعلم ان جسر المغاربة يفضي الى الباب الوحيد في جبل الهيكل المخصص لغير المسلمين وأن قواتنا الامنية تصعد فيه. وأنا أعلم انه جسر خشبي هش بني بعد انهيار القنطرة الترابية التي انهارت في شتاء 2004.

وأنا أوافق على ان الاشاعات التي تنشر بأن الحديث عن مؤامرة للمس بالمساجد فوق جبل الهيكل هي أكذوبة. وأنا عالم بقضاء المحكمة اللوائية في القدس المتعلق بكون الجسر الحالي هشا وينبغي تبديله. وأنا عالم ايضا بالمحادثات مع الاردن وبالمحاولة التي لم تنجح لاقناع حكومته في ان تساعد على تبديل الجسر.
لكن كل هذا ليس مهما كثيرا في الحقيقة. فحينما يكون الجو السياسي صعبا كما هو وحينما لا يكون في اسرائيل سفير اردني منذ سنة ونصف وحينما يكون الوضع في مصر مضعضعا كما هو الآن، وفي الوقت الذي وقع فيه ما وقع في سفارتنا في القاهرة، فانه يُحتاج الى عدم مسؤولية قيادية لاشعال الجو بفعل يتعلق بجبل الهيكل.
ينبغي لاقامة الجسر الجديد انشاء جو سياسي مختلف والمبادرة الى اجراءات سياسية مع الفلسطينيين وتجديد الحوار مع الاردن ووقف موجة البناء في المستوطنات وفهم ان شيئا ما يحدث حولنا. ففي جو آخر يمكن فعل الافعال التي لها تسويغ والتي لا يكفي تسويغها لتنفيذها في الجو الحالي.  

السابق
نقولا نحاس: مشاورات لتوفير تقديمات بمثابة عيدية قبل رأس السنة
التالي
العلم الفلسطيني يرفرف فوق مقر اليونيسكو غدا