عشق في الفايسبوك

حسناً فعلت جاهدة وهبه في مؤلفها الجديد "الازرق والهدهد، عشق في الفايسبوك" بأن قدمت كتاباتها في اسلوب عصري قل نظيره، اذ اعتمدت في توزيع النصوص صفحات الموقع الاجتماعي الاكثر شهرة وهو "فايسبوك".
وزعت وهبه الأدوار في حوار بين اثنين على تلك الصفحة، يتحدثان على الـWall أمام عيون آلاف البشر الراصدين لحركة اصدقائهم، او ربما يرصدون الناس الذين لا يعرفونهم اصلا، تدفعهم حشريتهم الى ذلك. ولا نعلم ما اذا كانت شخصيتا الحوار الالكتروني صحيحتين اذ ان آلاف "الفايسبوكيين" يستخدمون اسماء مستعارة ليخفوا شخصيتهم الحقيقية، وبذلك تتوافر لهم حرية في التعبير، وفي الاباحية، صعبة التحقيق في الواقع حيث العادات الاجتماعية والتقاليد تحاصرهم.
قد لا يقرأ كثيرون شعراً ونثراً ورواية، لكن الأسلوب الحديث قد يدفعهم الى ذلك، اي الى قراءة ما فاضت به جاهدة على لسان ضيفيها الالكترونيين. هو غزل وحب وعشق وشوق يرصد لحال واضعه، وهي حال كثيرين يفيضون بما لديهم الكترونياً، لكن تعبيرهم يصبح صعبا على ارض الواقع، وجها لوجه."عشق في الفايسبوك" الذي توقعه وهبه غدا الجمعة في معرض الكتاب العربي في البيال (جناح دار الساقي)، نعرض منه فقرات في الشكل والمضمون:
¶ Hoda: صديقي البعيد القريب… لمست شغاف روحي بكلماتك الرقراقة… لم اكن ادري حين اختلستُك من بين ملايين رواد الفايسبوك انك ستكون على هذا القدر من العبث والتيه الجميل… هل انت شاعر؟ تشي كلماتك بكائن مجنون… قبلة لمسائك ايها الوسيم.
¶ Idir: الوسيم…! ما اقرب هذا الوصف الى قلبي… هناك صديق روائي اسمه عبد الرحمن مصلوحي يناديني دوماً بالوسيم. اظنك لمستِ حافة الكون والطين حافة بدء التكوين… لا انا بشاعر ولا بساحر ولا انا من رواد الفايسبوك… منذ ليلتين فتحت هذه الصفحة… اتمنى… معكِ سيدتي… ان أكون قد فتحت نافذتي على الدهشة… شكرا لك… لهذا الوصف الذي اتى كمصادفة بالغة الدقة… شكرا لك يا سيدة الليل والرقّة.
¶ Hoda: انت مغربي الهوى اذن… وماذا تعمل حين تكون عاطلا عن الحب؟
¶ Idir: اكون عاطلا عن العمل اذ لا اعرف مهنة اخرى غير الحب سيدتي…
¶ Hoda: وسيم وخطير… اغبط امرأتك… أو… نساءك.
¶ Idir: لا داعي للغبطة فلا امرأة ولا نساء… انا في مملكتي وحيد ومن ضلع الوحدة ربما سيدتي المرهفة تنسلّ تتناسل النساء…
¶ Hoda: انت تحاول ان تنسى امرأة او تنتظر ان تغريك أخرى؟
Idir: أنا انتظر الآتي الذي لا يريد ان يأتي يا سيدة النسيم العليل. انتظره أن يأتي في ملامح انثى تستطيع أن تحقق شرط المستحيل… انا ايضا انتظر غودو سيدتي… غودو!
¶ Hoda: لا تنتظر شيئاً يا وسيمي… سلسل ماء على ذاكرتك… شرّع شطآن دمك للريح… واشهق بأحلامك… ثم ان غودو لا يأتي… او انك ستناصر رينيه شار وتجعل من المستحيل قنديلاً؟
¶ Hoda: يبدو أنك اشعلت قنديل النوم… سأدعك لأحلامك… قبلة لنعاسك.
¶ Idir: لا سيدتي… لا أريد أن أجعل من المستحيل قنديلاً… انا اريد أن أحقق شرط المستحيل.
بأن تصير الأنثى بلبلة أو عطرا او حنينا او جرحا غائرا في القلب لا تمحوه امواج البحر ولا يشفيه توالي السنين.

غوستاف كليمت:
القبلة
¶ Hoda: اعذر غبائي… لا أفهمك… كأنك مشدود الى خيط امرأة من هواء… ذكّرتني بقصة لواسيني الاعراج… أغرَته أنثى من رخام وانت تحتفي بشبحها.
¶ Hoda: أو أنك تريد امرأة تقتلك وتصير انت شبحها؟
¶ Idir: "واو" ستكون ميْتة ولا أحلى إن قَتَلت فلتحسن القتلَ…
¶ Hoda: سأتركك وأشباحك يا مجنون… أتعرف… اشتهيتُ أن أقتحم عزلتك… أغريتَني لا أخفيك… سأعود الآن الى غربتي… الى نزل ملائكتي… أخلو الى أنفاسي… أرجو لك الموت قريباً… بحرير امرأة… دمتَ رهيفاً أيها الوسيم.
¶ Idir: أحرجتني أميرتي لكنني صرت أخشى عليك من مدينتي… مدينة العزلة… تلك التي سكنت حركتُها وتوقف سعيها فعادت لداخلها لأعماقها لذاتها… لمن تحب… أخشى أن تعاد معك حكاية مدينة النحاس لشهرزاد في ألف ليلة وليلة… أخشى أن يتحقّق معك الممكن الذي لم يعد ممكناً… شكراً لك لأنك قتلتني… لأنك تمنيت لي الموت العاجل الجميل في ليلتك الأولى… ليلة لقائك الأول… اسمحي لي سيدتي بأن أقول: كان الليل معك مختلفاً تماماً!
¶ Idir: صباحاً
والليل غازل نجمه الشريد
نام كئيباً في حضن ذاكرة
يحلم بحبه البعيد
وحيداً ووسادة
وأنثى عابرة
صار يهذي
على نهديها لقلادة
¶ Hoda: صباحاً
والهواء يجفّف يديه بالرذاذ
ذاهلةٌ أصابعها إليه
روحها هوامٌ حول مصابيحه
تحترقها المسافة
وريقُه… وريدُها الشريد.

لا أصدق ما أراه عبر "فايسبوك"
منى
زادت شكوكي في الناس، فلم أعد أميز بين الاستغلالي والصادق، فمنذ ان مررت بتجربة سلبية مع أحد الأشخاص، تراجع لدي قبول الآخرين. أعطيت مقرباً مني كلمة السر الخاصة بحسابي على الموقع. في بادىء الأمر لم يتدخل، لكنه سرعان ما استخدمه للتحدث مع أصدقائي متلبساً شخصيتي، ومحاولاً معرفة بعض أسراري، ونجح في ذلك الى حين علمت بما أقدم عليه من إحدى صديقاتي، ولم يعد في إمكاني القيام بشيء سوى إلغاء الـ account والاعتذار من المعنيين. عدت لاحقاً الى "فايسبوك"، وبدلاً من استخدامه للمشاركة والتواصل، أفدت منه للإطلاع على الأخبار الغريبة من دون الالتفات الى التفاصيل الشخصية، كما ان عدد أصدقائي عبره تراجع، فإذا ما أردت التواصل معهم أذهب للقائهم، لأنني لم أعد أثق بكلام الانسان الذي لا أراه مباشرة.

حاجتي الى "مواكبة التطورات"
جيسي
أصل الى عملي في التاسعة صباحاً. في التاسعة والدقيقة الأولى أتصفح "فايسبوك" لمتابعة آخر المستجدات التي طرأت من البارحة. ماذا فعل "فلان"؟ ماذا كتب؟ ما القضايا التي يعلّق عليها المتابعون؟ بعد ذلك أبدأ بالعمل وبالي مطمئن بعدما أكون قد اطلعت على ما أود معرفته لـ "مواكبة التطورات".
أعود الى صفحة الموقع كل نصف ساعة تقريباً كي لا يفوتني الكثير، لأعود الى العمل الذي لا انهيه قبل الثامنة مساءً، أي بعد ساعتين من الموعد المفترض. قررت يوماً ألا أتصفح الانترنت مطلقاً وفعلاً أنجزت عملي قبل السادسة مساءً. لكن "الانقطاع" مرة واحدة يكفي لأنه لا يمكنني العيش من دون "فايسبوك"، أنجز عملي وأتصفحه في الوقت عينه. ما بدأ كمصدر للتسلية والتواصل انتهى حاجة أكثر منه عادة.

"فايسبوك" الخيانة
رانيا
كنت أشك في انه يخونني. كان عمر علاقاتنا شهر تقريباً، ولم يرضَ ان يضيفني الى لائحة أصدقائه على "فايسبوك" بحجة انه نسي كلمة المرور، وان صديقته السابقة تدخل حسابه.
لم أصدّقه كثيراً، اذ عند دخولي الـ account المذكور، رأيت الى يسار الصفحة انه على علاقة بالفتاة التي إدعى انها "صديقته السابقة". أصبحت أرقاب صفحته من دون ان أفصح له عن الأمر، وخصوصاً انه لم يفرض قيوداً شديدة (privacy) على ما يقوم به، فكان الـ wall مكشوفاً للجميع. طلبت الى أحد أصدقائي ان يفتح حساباً "سرياً" باسم أجنبي، لأن "صديقة" الشاب صديقي نروجية. وبعدما أعطاني كلمة المرور الخاصة بالحساب الجديد، طلبت منها إضافتي الى لائحة أصدقائها، فقبلت على الفور. تواصلت معها بالانكليزية، وإدعيت انني شاب بريطاني أعمل في شركة كبرى، وبعد حديث طويل سألتها عن الشاب، ليتبين لي ان لهما ولداً من دون زواج، وانه ما زال يرسل له الأموال لانفاقها على الولد، وعلاقتهما ما زالت مستمرة. كشف لي "فايسبوك" الخيانة، لكنني أعلم جيداً انه في الوقت عينه سبّبها وسهّلها.

"فايسبوك" التحري
سهى
لم نكن نعلم ان لإنشاء حساب خاص على "فايسبوك" انعكاسات سلبية وايجابية علينا. لم نعلم ان "فايسبوك" هو بمثابة تحرٍّ خاص، يساعدنا في البحث عن أمور أضعناها. هذا ما جرى في 28/5/2009، حينما كنت أبحث في قائمة الأصدقاء، وروادتني فكرة البحث عن "صديق" عرفته بالاسم فقط من دون معرفة شخصية. كتبت اسمه والترقب يعتريني لأن العثور عليه سيشكل صدمة. "ظهر" اسمه "وحيداً"، ناديت أبي لأقول له "وجدت أخي!"، أي ابنه الذي انفصل عنه وهو في الخامسة من عمره، بعدما أخذته زوجة أبي الأولى (الأجنبية) ورحلت من دون ان يتمكن والدي من اقتفاء أثرها. أرسلنا له رسالة تخبره فيها مَن نحن. فجاء رده ليثبت انه فعلاً أخي "الضائع"، وأعرب عن تلهفه لزيارتنا ولقاء والدي، وهذا ما تم في صيف 2009.  

السابق
مشروبات روحية مقابل تبرّع بالدم!
التالي
عندما تتعاطى بعض المأكولات اليومية… ويتملّكك الإدمان