تلبية لنداء برهان غليون

 لم يشهد ربيع عربي إنقساما حادا بين أبناء الأمة العربية، من مثقفيها ونخبها وقواها الشعبية، بل وحتى بين الدول ذاتها، كما هو الحاصل من إنقسام حول سورية، ومن لم يتخذ منهم موقفا مع أو ضد، فلسبب يكمن في خصوصية سورية، خاصة على الصعيد الجيوسياسي، أو في الأقل خوفا من المجهول القادم.
برهان غليون رئيس ما يسمى المجلس الوطني السوري، قدم هدية عظيمة للنظام الذي يعمل على إسقاطه، وقدم هدية أعظم للحائرين أو المترددين في إتخاذ موقف، حين صرح فض فوه أنه «إذا تمكن المجلس من تشكيل حكومة جديدة، فانه سيقطع علاقات دمشق العسكرية مع إيران ويوقف توريدات الأسلحة لحماس وحزب الله». وعلل غليون في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية نشرت يوم الجمعة 2 ديسمبر/كانون الأول، ان قطع العلاقات مع إيران وحماس وحزب الله سيأتي في إطار إعادة توجيه السياسة السورية تجاه التحالف مع القوى العربية الرئيسية.
لن أناقش ما ذهب اليه غليون بخصوص حزب الله وإيران، خاصة وأن رائحة التحريض والتحشيد الطائفي تزكم أنوف شعوب المنطقة، لكن سأتناول ما يخص حماس، ليس دفاعا عن حماس، بل دفاعا عن الخندق الذي تتمترس فيه أمتنا الحاضن للقضية الفلسطينية، فمنذ الإنقلاب العسكري الأول في الوطن العربي، الذي قاده حسني الزعيم عام 1949، وحتى آخر إنقلاب، كان البيان الأول للانقلابيين يتذرع بتحرير فلسطين سببا لانقلابهم العسكري، فلسطين، كانت وما زالت، تعطي قضيتها الشرعية لأي نظام حكم عربي، وما دام السيد غليون قد أعلن قبل أن يصل الى سدة الحكم لا سمح الله، أنه سيوقف التعاون العسكري مع حماس، فقد أسقط الشرعية الجماهيرية عن نفسه سلفا، فلا شرعية لأحد حتى لو إدعى الثورية، إن كان موقفه معاديا لمقاومة لا يختلف أحد عليها بأنها ضد إحتلال صهيوني عنصري.
أما إذا كان هدف غليون من وراء تصريحاته للصحيفة الأميركية، خطب ود أمريكا وإسرائيل، فلا بوركت تصريحاته ومواقفه لأنها جاءت على حساب أبناء جلدته القابعين تحت أعتى إحتلال عرفته البشرية، فغليون بتصريحه هذا كسر عصاته من أول غزواته كما يقول المثل.
لا شك أن سورية تعيش أزمة، ولا شك أن الشعب السوري محق في مطالبه، ولا شك أن نظام الحكم أخطأ في أسلوب معالجته للأزمة، لكن كل هذا لا يعطي مبررا لأحد بمد يد الصداقة لأعداء الأمة، فقط من أجل أن يجلس على كرسي حكم، فبئس الحكم وكراسيه إذا كان التنكر لدماء الشهداء وقضايا الأمة هو الثمن.
نحن في وضع سبق للرسول العربي الكريم أن شخصه حين قال: (ستأتى فتن على امتى كقطع الليل المظلم يصبح الحليم فيها حيران فيصبح فيها الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويصبح الرجل كافرا ويمسى مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا). 

السابق
احتلال إيراني من الداخل
التالي
واشنطن وعزلة “إسرائيل”