سوريا والعرب: اللاعودة في تشابك صراعين؟

 الشكل ليس أقل تعبيراً عن المضمون عن الحال في الجامعة العربية وسوريا والموقف بينهما: وصول الطرفين الى نقطة اللاعودة. سوريا خارج الاجتماعات في المجلس الوزاري العربي، وتركيا داخل الاجتماعات. والعقوبات الاقتصادية التي لا سابق لها، بصرف النظر عن تأثيرها على النظام أو على الشعب أو عليهما معاً، هي إعلان لنهاية الحل العربي للأزمة السورية الدامية. ولا فرق، سواء كانت الجامعة هي التي خالفت (النص والروح في خطة العمل العربية المتفق عليها) حسب وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونسفتها بما سماه (الإذعان) عبر بروتوكول المراقبين أو كانت دمشق هي التي ماطلت في تطبيق الحل العربي.
ذلك أن الخلاف ليس تقنياً حول تفسير خطة العمل والبروتوكول بمقدار ما هو سياسي يبدأ من النظرة الى الأزمة بكل وجوهها الداخلية والخارجية وينتهي بنوع الحل وموقعه على الخارطة الجغرافية – السياسية للمنطقة. فالعاصمة السورية التي تكرر التزامها (خطة العمل العربية)، وهي تتهم الجامعة بأنها تنفذ (أجندة دولية)، تعرف أنها تمسك بطرف خيط مقطوع.

والجامعة العربية التي قطعت ذلك الخيط بالعقوبات، تعرف أن الخيط الذي تمده الى مجلس الأمن يصطدم بالرفض الروسي والصيني، أقله حتى إشعار آخر.
لكن التدويل حاصل بأشكال عدة، ولو بقي مجلس الأمن مغلقاً. فالتعريب وصل الى حده الأقصى، ولم يعد المجلس الوزاري العربي قادراً على أية خطوة إضافية. والحل السوري متعثر لأسباب متعددة. إذ تجاوزت الأحداث الاصلاح السياسي البطيء. وعجز الحل الأمني – العسكري عن وقف التظاهر وحتى عن إنهاء (المجموعات المسلحة). واذا كانت دمشق تنتقد تجاهل المجلس الوزاري العربي لعنف هذه المجموعات وتركز فقط على القمع الرسمي، فإن الجامعة ترى أن دمشق تتجاهل البعد الداخلي العميق والواسع للأزمة، وتركز على ما يخدم خطاب (المؤامرة) الخارجية.
والكل يعرف أن التشابك صار كاملاً بين الصراع الداخلي (الوجودي)، حيث النظام والمعارضون، وبين الصراع الاستراتيجي الإقليمي والدولي على الموقع السوري فوق الخارطة. وخيار الفك بينهما يتطلب الذهاب السريع الى النهاية في الحل الداخلي للأزمة بما يضمن الغلبة الوطنية السورية على الصراع الخارجي. أما خيار الرهان على تناقض المواقف الإقليمية والدولية في الصراع الاستراتيجي لتأجيل الحل الداخلي أو تصغيره، فإنه يقود الى المزيد من التأزم والسير نحو سيناريوهات خطرة.
ولا عذر في المراوحة بين الخيارين، لأنها تقود الى اللاخيار. فليس أخطر من التدويل سوى ألا يكون هناك شيء: لا حل سورياً، لا حل عربياً. ولا تدويل. ومصير سوريا أهم من كل الحسابات. 

السابق
معلومات عن تنفيذ “حكم اعدام” بحق احد العملاء في “الضاحيه”
التالي
«أسهم الحريري» ترتفع مجدداً