حماية النساء من العنف الأسري

يحيي العالم غداً، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ المرأة، ويتحوّل الخامس والعشرون من تشرين الثاني في بعض البلدان إلى مناسبة لإطلاق حملات نسائية تستمر لستة عشر يوماً، أي للعاشر من كانون الأول، اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
لا تنتظر الجمعيات والمنظمات المدنية والأهلية الناشطة في «حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري» هذين التاريخين للتذكير بما تناضل لأجله منذ أكثر من سنة، الا وهو مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري. لكنها على الأقل، تنتهزها فرصة لوضع النقاط على الحروف مرّة جديدة كي لا «يشّوه» القانون فتُسحق الحقوق التي يضمنها بين مطرقة الذكورية السياسية وسندان التقاليد والأعراف الدينية.

في المضمون، ما من جديد تقدمه تلك المنظمات على صعيد التحركات من أجل الضغط على إقرار القانون. فهي لا تقدّم التنازلات، لكنها أيضاً لم تفصح عن خطوات تصعيدية تخرج عن نطاق الاعتصامات والبيانات…
أما في الشكل فهي ستشير بالإصبع إلى كل النواب – أعضاء اللجنة النيابية التي تقوم بدراسة القانون، من خلال حملة إعلانية مرئية ومكتوبة تصوّر وجوه النواب سمير الجسر، ونبيل نقولا، وغسان مخيبر، وميشال الحلو، وجيلبرت زوين، وعلي عمار، وعماد الحوت، وشانت جانجيان، بين عبارات تقول: «أيها النواب، الاغتصاب الزوجي كمان جريمة»، و«القانون صورتكم»، و«لا تشوهوا مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري». كما سيتحرّك من أجل إقرار القانون رجال، من خلال «حملة الشارة البيضاء»، الذين سيوقعون تعهدا بعدم ممارسة أي نوع من العنف تجاه النساء وتحدّي الأفكار والممارسات الذكورية. وأولى خطوات تلك الحملة ستنطلق من بعلبك، حيث سيتم عرض مجمسات تعبرّ عن سيدات تعرّضن للعنف الأسري. واختارت الجمعيات المشاركة في الحملة، يوم أمس لإطلاق حملتها الإعلامية من نقابة الصحافة. فتحدث أولاً نقيب الصحافة محمد البعليكي، الذي اعتبر أنه «معيب على لبنان واللبنانيين أن يأخذ موضوع العنف ضدّ المرأة كل هذا الوقت. ومعيب على الرجل أن يقبل بالوضع القائم وتحديداً الرجل المسؤول».

ثم ألقت رئيسة منظمة «كفى عنفا واستغلالا» زويا روحانا كلمة أشارت فيها إلى أن الجمعيات أرادت انتزاع اعتراف الدولة اللبنانية بأن هناك عنفاً يمارس ضدّ النساء فقدمت مشروع القانون، «إلا أن اللجنة النيابية المكلفة درس المشروع، أسقطت لنا هذا المطلب فجعلته قانوناً يطال العنف الأسري بشكل عام، أي الذكور والإناث على حدّ سواء وذلك بحجة عدم مخالفة الدستور». وألمحت إلى أن «من يريد تطبيق المساواة لا يمكنه أن يتجاهل أشكال التمييز الفاضحة التي تنصّ عليها قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها لدى مختلف الطوائف، وهي أيضاً مخالفة لمبدأ المساواة في الدستور».

وبناء عليه، وجهت روحانا، باسم الجمعيات، الاتهام إلى أعضاء اللجنة الفرعية بأنهم لا يريدون تطبيق المساواة بين الرجال والنساء، «لأن من يريد ذلك، لا يمكنه أن يتغاضى عن الامتيازات الثقافية والقانونية والاقتصادية المعطاة للرجل في مجتمعنا الذكوري ليفترض بأن العنف يطال الرجال والنساء على حدّ سواء، ويستنتج أن الطرفين بحاجة إلى الحماية من العنف. نقول لهم باختصار ان ما فعلوه لغاية الآن ليس سوى تمويه للمشكلة كي يأتي الحلّ مبتوراً ومشوهاً».
إلى ذلك، لفتت إلى أن اللجنة بعثرت العقوبات المقترحة وقامت بإضافتها إلى قانون العقوبات، «كما قامت بإلغاء البنود التي تصنّف أشكالاً أخرى من العنف، مثل العنف الاقتصادي والعنف المعنوي وبعض أشكال العنف الجنسي، خاصة إكراه الزوجة بالعنف على الجماع». ونصحت بمراجعة الدراسات المنشورة حول تأثير هذا النوع من العنف الجنسي على الزوجات «ليجدوا أن تأثيره أكثر إيلاماً من جرائم الاغتصاب الأخرى التي تحصل من قبل غرباء».

وقد أكدت روحانا أن الجمعيات لن تقبل بقانون مشوه وفارغ المضمون، مهددة بمعاقبة النواب والكتل النيابية في الانتخابات النيابية المقبلة.
يذكر أن تسعا وخمسين منظمة وجمعية مدنية وقّعت على بيان يطالبون من خلاله مجلس النواب لا سيما اللجنة النيابية، بتحمّل المسؤولية التشريعية والإسراع بإقرار قانون «حماية النساء من العنف الأسري». 

السابق
نقابة المحامين..
التالي
زيادة ألفين على المازوت 30400 ليرة… والدعم الحكومي غائب