البناء: المعارضة تفشل في تفجير الجلسة التشريعية..وحزب اللّه يسأل عن مربّع قريطم الأمني

"سورية تردُّ التحية العربية بأحسن منها".. هكذا وصف أحد المعلّقين السياسيين المقاربة السورية الرسمية للمناشدة العربية حول ما يجري فيها من أحداث.
فقد انتهى اجتماع وزراء الخارجية العرب غير العادي في القاهرة أمس إلى تبني الاتفاق الذي كان قد جرى التوصل إليه بين القيادة السورية ووفد اللجنة الوزارية العربية بعد سلسلة اتصالات ومشاورات خلال الأيام الماضية.
وقد أفضى الاتفاق الذي أعلن عنه مساء أمس وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم إلى مجموعة بنود تتناول قضايا الحوار وإعادة الاستقرار الأمني تنطلق من وقف أعمال العنف والإفراج عن المعتقلين وإنهاء المظاهر المسلحة كافة، على أن تقوم اللجنة الوزارية العربية بإجراء الاتصالات من أجل الإعداد لانعقاد مؤتمر حوار وطني خلال أسبوعين. كما يبقى المجلس الوزاري في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف وتطوراته.
وشدد مجلس الجامعة على إيجاد مخرج للأزمة السورية لوقف إراقة الدماء وتحقيق تطلعات الشعب السوري بالإصلاح تجنباً لأي تدخلات خارجية.
مصدر دبلوماسي عربي  

وأفاد مصدر دبلوماسي عربي "البناء" أمس، أن ما انتهى إليه اجتماع القاهرة والبيان الذي صدر، يؤشران إلى أن الخيار والحل سوريان، وقابلنا الإيجابية العربية بإيجابية متقدمة فتلاقى الموقفان في الإخلاص لدور سورية الذي يرفض العنف ويحرص دائماً على حقن الدم السوري، إضافة إلى الحرص السوري الدائم على العمل العربي المشترك الذي يهمه من الناحية الاستراتيجية أن يكون العرب جميعاً في الصحن العربي لا في الصحن الغربي المتآمر على العرب جميعاً.

وإذا كان نجاح الاجتماع الوزاري العربي قد تبدى في الوصول الى اتفاق لحل الأزمة في سورية نتيجة الرغبة الصادقة من جانب القيادة السورية بإنجاح المسعى العربي وبما يؤدي إلى إعادة الأمور إلى طبيعتها، واستكمال عملية الإصلاح التي كان قد أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد، فإن الجامعة العربية وخاصة اللجنة الوزارية العربية مطالبة بالعمل الجدي في سبيل إنهاء ظاهرة المجموعات الإرهابية المسلحة، خصوصاً لناحية اتخاذ كل ما يمكن من إجراءات وخطوات لوقف تمويل وتسليح هذه المجموعات، إضافة إلى التحرك خارجياً ودولياً لوقف كل أشكال التدخل الخارجي في الشؤون السورية، وصولاً إلى إرغام ما يسمى بالمعارضة الخارجية على التخلي عن رهاناتها وأوهامها بالسعي إلى استدراج التدخل الغربي.
حمد بن جاسم والعربي
وفيما أعرب وزير خارجية قطر خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد انتهاء الاجتماع الوزاري بحضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي عن سعادته للتوصل إلى هذا الاتفاق قائلاً: إننا سنسعد أكثر إذا طبق هذا الاتفاق فوراً، وهذا من باب الحرص على الأشقاء في سورية، أوضح العربي أن الهدف الرئيسي من المبادرة العربية هو تقديم حل عربي للأزمة السورية وهي رسالة واضحة أيضاً إلى الشعب السوري أن هناك نقلة نوعية تؤدي إلى وقف كل أنواع العنف من أي نوع كان".
وأوضح أن "اللجنة العربية ستستمر بالاجتماع وستقوم الجامعة بالاطلاع على تنفيذ بنود الاتفاق". ثم أضاف أنه "في حال لم تنفذ سورية الاتفاق، ساعتئذٍ تجتمع الجامعة وتتخذ القرار المناسب. ولا نريد أن نهدد بشيء، ونريد تطبيق الاتفاق، وسيكون القرار لمجلس الجامعة العربية".

السفير أحمد
وكان سفير سورية لدى مصر ومندوبها الدائم في جامعة الدول العربية السفير يوسف أحمد قد وصل ظهر أمس إلى القاهرة آتياً من دمشق حاملاً الرد السوري على مقترحات الجامعة العربية.
وأشار أحمد قبل الاجتماع إلى أنه سيترأس وفد سورية في اجتماع وزراء الخارجية حيث "سأعرض عليه الرد السوري حول المقترحات التي قدمتها اللجنة العربية خلال اجتماعها الأخير في الدوحة".
ومساء أمس أعلن التلفزيون السوري ان الرئيس الأسد سيصدر خلال ساعات مرسوماً بتشكيل لجنة الحوار.
مسيرة حاشدة في الرقة
وأمس تواصلت المسيرات الشعبية الحاشدة في المدن السورية، وقد انطلقت مسيرة ضخمة في مدينة الرقة ضمت مئات الآلاف تأييداً للإصلاحات التي أطلقها الرئيس الأسد ورفضاً للتدخل الأجنبي.
ابتزاز أميركي وتركي
وعلى رغم ما أبدته سورية من حرص على إنجاح المسعى العربي، فإن الغرب بدءاً من واشنطن لم يتوقف عن ممارسة الضغوط والتدخل في الشأن السوري، حيث كرر البيت الأبيض أمس ـ ما وصفه ـ دعوة الرئيس السوري للتنحي!
وبدوره، قفز وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو فوق المسعى العربي، وحاول ابتزاز سورية من خلال الحديث عن "عقوبات تستعد حكومته لاتخاذها ضد سورية". وقال: "تركت الباب مفتوحاً أمام اتخاذ خطوات أكثر قسوة ضدها في وقت لاحق مثل إقامة منطقة عازلة أو منطقة حظر للطيران".
وخطوة مستغربة من الغنوشي!
والأغرب في التدخل بالشأن السوري ما أعلن عنه رئيس حزب "النهضة الإسلامي" في تونس راشد الغنوشي عن تأييده لما يسمى "المجلس الوطني السوري" واعتباره ممثلاً للشعب السوري. وقرر الغنوشي ـ وحتى قبل تشكيل حكومة شرعية ـ إغلاق السفارة السورية في تونس وطرد السفير السوري ما يطرح علامات استفهام حول خلفيات التغيير الذي شهدته تونس والقوى الخارجية التي تحرك الأوضاع هناك.
أما ما يسمى "الهيئة العامة للثورة السورية" فقد أطلقت مسبقاً المزاعم حول عدم تنفيذ اتفاق الجامعة العربية مدعية "أن النظام سيتملص من المبادرة العربية وسيتهم المعارضة بخرقها".
أما في الشأن الأمني فقد واصلت مواقع ما يسمى المعارضة السورية في الخارج بث الأكاذيب عن سقوط قتلى حيث زعمت أن 24 شخصاً قتلوا أمس.
المعارضة تفشل في تفجير الجلسة التشريعية
على الصعيد الداخلي، فشل فريق الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أمس في تفجير الموقف داخل جلسة مجلس النواب التشريعية رغم لجوء بعض "صقوره" إلى الخطاب التصعيدي والاستفزازات للحكومة ولفريق الأكثرية.
وامتداداً لما بدأه أخيراً، لجأ هذا الفريق عبر نوابه إلى إثارة ما يسميه ملف المخطوفين السوريين الذي تبين في جلستي لجنتي الدفاع وحقوق الإنسان أنه ملف وهمي من اختراعه هدفه إثارة المزيد من التوتر في البلاد.
ولوحظ أن جميع طالبي الكلام في الساعة الأولى من الجلسة (باب الأوراق الواردة) كانوا من نواب المعارضة، وأن نائباً واحداً من الأكثرية هو النائب حسن فضل الله تولى الرد عليهم بمداخلة قاطعها النائب مروان حمادة بتدخلات استفزازية لجمها الرئيس بري.
وبينما لعب حماده وزملاؤه في المعارضة على وتر الخطاب التقليدي حول الوضع السوري وموضوع المحكمة الدولية، جاء الرد من فضل الله صارماً حيث ذكره بقضية الشهود الزور مشيراً إلى "الحقد الأسود الذي يسيطر عليه عمى الألوان من أول شاهد زور صنّع الوقائع وفبرك الأباطيل".
وحمل بعنف على اعتداء تيار "المستقبل" والمربع الأمني في قريطم على طلاب الجامعة اللبنانية ـ الأميركية واصفاً هذا المربّع بـ"محمية عصية على الدولة وأجهزتها". وانتقد أداء وزير الداخلية وسأله: "هل سُمح بالدخول إلى المربع الأمني وتم التحقيق مع المعتدين؟"، كما سأله إذا ما كان استدعى السفير الفرنسي المعني بترتيب عملية الإفراج عن المخطوفين الأستونيين.
ولوحظ أن الوزير مروان شربل خرج بعد وقت من القاعة العامة وأجرى سلسلة اتصالات أمنية.
عمار وحوري
وجرى صدام كلامي آخر بين النائبين علي عمار وعمار حوري الذي اعتبر أن بيروت اغتصبت منذ 7 أيار، فجاء الرد هذه المرة من الرئيس بري الذي أكد أن بيروت اغتصبت عام 1982 من قبل العدو "الإسرائيلي".
ورغم هذه المشادات الكلامية فإن رئيس المجلس استطاع لجم أجواء الجلسة وقطع الطريق على محاولات المعارضة تفجيرها.
ولم يتمكن المجلس من إقرار مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة لتمكين الحكومة من الصرف على أساسه كملحق لموازنة العام 2005 وبطريقة تتجاوز الخروقات التي ارتكبتها الحكومات السابقة. واعترض السنيورة ونواب المعارضة على مناقشة المشروع بحجة أنهم لم يطلعوا على صيغته النهائية، مع العلم أنهم كانوا قد وافقوا عليه في اجتماع لجنة المال الأخيرة.
وناقش الرئيس بري بعد الجلسة هذا الموضوع مع ميقاتي والسنيورة من أجل إقراره في جلسة لاحقة. كما أثار مع السنيورة مسعاه إلى إحياء الحوار الوطني برعاية الرئيس ميشال سليمان الذي سيزوره اليوم لهذه الغاية.
وأقر المجلس في جلسته 19 مشروعاً واقتراحاً منها دفع باقي فروقات زيادة الرواتب للعسكريين الذي عارضته كتلة "المستقبل" ونواب "جبهة النضال" واللقاء الديمقراطي، وبعض "القوات" والكتائب، وكذلك ترقية مفتشين في الأمن العام وغير ذلك من مشاريع واقتراحات القوانين.  

السابق
قائد قوة التدخل السريع في الكتيبة الفرنسية: مهمتنا تأمين الاستقرار لسكان جنوب الليطاني
التالي
الحياة: خطف معارضين سوريين و المربعات الأمنية تلهبان الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني