الحياة: خطف معارضين سوريين و المربعات الأمنية تلهبان الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني

تحولت القاعة العامة للبرلمان اللبناني في الساعة الأولى من الجلسة التشريعية والتي منحها رئيسه نبيه بري للنواب قبل بدء التشريع للحديث في الأوراق الواردة منبراً صاخباً على خلفية الملفات الساخنة التي يدور حولها سجال بين فريقي 14 و8 آذار، وتحديداً عمليات خطف سوريين معارضين على الأراضي اللبنانية، على رغم وعد بري بتحديد جلسة للأسئلة والاستجوابات بعد عيد الأضحى في 15 و 16 من الشهر الجاري. لكن المواقف النارية التي أطلقت لم تتجاوز السقف المعتاد باستثناء مشادة كلامية بين النائبين مروان حمادة وحسن فضل الله حول إشكال الجامعة الأميركية اللبنانية والمربعات الأمنية سارع بري إلى احتوائها.

وكانت الكلمة الأولى لعضو «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيب الذي أثار مسألة خطف معارضين سوريين بسيارات رسمية، وقال: «اللواء أشرف ريفي أشار بثبات إلى جهة ديبلوماسية باستخدام بعض المولجين من قوى أمن لبنانية حراسة السفارة (السورية) وحماية السفير لخطف 4 أشقاء من آل جاسم من بعبدا والكحالة بسيارات رسمية لبنانية وتسليمهم إلى جهات معروفة على الحدود اللبنانية – السورية، والأخطر في قوله أنهم صفوا فوراً والملف بجميع الأدلة والإثباتات سلم إلى القضاء العسكري وجمد».

وأضاف: «بعد التحقيقات وفي الأسلوب نفسه وبالأدلة، خطف شبلي العيسمي وبطريقة مشابهة»، وقال: «ليست هناك أشباح أو صحون طائرة نزلت وخطفتهم إنما هناك خاطف، واللواء أشرف ريفي مسؤول عن قوله وقرأنا تفصيلات واتصالات هاتفية وتحقيقات موثقة ونموذج لمسار الخطف من مواقع النقاط هاتفياً من بعبدا إلى حلوة على الحدود».

ولفت إلى أن «جواب القضاء ليس مقنعاً»، مشككاً في «إسقاط الحق عن الأخوة جاسم»، وقال: «لن نقبل بأنصاف أجوبة، نريد أجوبة واضحة، ومنطق المكيالين هو لقتل المؤسسات وهناك أناس كرامتهم منقوصة. ومن اختطف كان له تاريخ نضالي وموقف إنساني وسياسي والمناضل العيسمي هو من حزب ممانع اختفى في بلد فيه برلمان ومجلس وزراء وقضاء ومؤسسات أمنية هذا لا يجوز أن يستمر»، وقال: «نحن في حاجة إلى وقفة شجاعة لمنع هذا المسلسل حتى لا يطاول كثراً ونصبح في دولة لا أحد فوق رأسه خيمة فيما المطلوب أن تكون الدولة خيمة للجميع». واقترح أن «نخصص جلسة لهذا الأمر سواء في اللجان المشتركة أم جلسة عامة سرية».
 
وقال النائب حمادة: «عندما يعتدى على طلاب يحتفلون بعيد ميلاد الشهيد الرئيس رفيق الحريري… وعندما تنشر وسائل الإعلام أسماء المرشحين الجدد للاغتيال ويؤكد ذلك وزير الداخلية، وعندما يختطف مدنيون سوريون ويسلمون للتصفية فماذا يبقى من شهامة وحرمة؟ وعندما ترفض المستشفيات استقبال المرضى، ماذا يبقى من شهامة؟ وعندما يطرد أبناء من منطقة ماذا يبقى من شهامة؟ وعندما تصدر الحكومة سلسلة الرواتب، ثم تنهار القرارات في حين تحلق الأسعار وعندما تسيطر الشتيمة ويغلب منطق الحق والكيدية فماذا يبقى من شهامة في لبنان؟ وعندما يمنع القضاءان اللبناني والدولي تسلم متهمين في جريمة العصر الجميع يعرف أين لجأوا ومن يحميهم ماذا يبقى من شهامة وحرمة بل من احترام لحقوق الإنسان في لبنان؟ وعندما تدعي الحكومة أو يدعي عنها أحدهم أنه يستطيع إسقاط قرار تمويل المحكمة فماذا يبقى من سلطة؟ يا دولة الرئيس الصديق نجيب ميقاتي أوقفوا هذه المهزلة التي لا توفر أحداً لا في الحكومة ولا في المجلس ولا في القضاء ولا في الأسلاك الأمنية».

وأكد النائب أنطوان زهرا أن الاستقرار الأمني غير متوافر، وبالتالي لا نمو اقتصادياً والسوق فالتة لا حماية ولا اتفاقيات ولا رقابة».

وأثار موضوع السدود وقال: «هناك سد في البترون لزم من دولة شقيقة فألغى الوزير المختص التلزيم وأعطاه لإيران، من غير المقبول أن تصرف الأموال من أي دولة أتت تحت شعار الإنماء».

وقال النائب فريد حبيب إن «الفساد في كل الأماكن، سواء في الكهرباء أم غيرها». وتوجه إلى الوزير مروان شربل بقوله: «ليحفظك مار شربل ويحفظ مرافقيك. ولماذا إلغاء رخص السلاح عن مرافقينا؟ ألا يشكل ذلك خطراً علينا؟»، وسأل: «هل يتجرأ أحد أن يسأل مقاوماً أين هي رخصتك؟» ورد النائب علي بزي: «المقاومة لا تحتاج إلى رخصة».

وقال النائب عمار حوري: «الناس تسأل هل الدولة اللبنانية في حال انهيار، وهل هيبة الدولة اللبنانية جزء من الماضي»؟ وأضاف: «سمعنا قراراً من المجلس الوطني للإعلام بوقف موقع إلكتروني وحسناً فعل ولكن في مكان آخر هناك سياسة الدولة حين تتدخل جهة ما وتطلب تفاصيل بصمات عمال سوريين ومعلومات شخصية».

ورأى النائب أحمد فتفت أن هذا «القرار تم عن سابق تصميم وتصور أما الكلام الذي تقدم به الزملاء في الموضوع الأمني فمهم جداً، خصوصاً أن هناك كلاماً صدر عن الحكومة وعن مراجع سياسية عن إنجاز الحكومة والاستقرار الأمني فأين هو الاستقرار؟ هل بما نشهده في الحمرا وقرب السفارة السورية مروراً بالجامعة اللبنانية الأميركية حيث يمنع الاحتفال بميلاد الرئيس الشهيد وصولاً إلى عمليات الخطف وكذلك طرد الأكراد السوريين من إحدى المناطق، تحت أي عنوان يجري ذلك، وصولاً إلى جوار المجلس النيابي وما حصل للأسكوا ولا نسمع من الحكومة كلمة عن أي من هذه المواضيع فالساكت عن الحق شيطان أخرس – فهذا ليس انهياراً لهيبة الدولة إنما هو قرار للقضاء على هيبة الدولة».

واقترح النائب روبير فاضل خفض اشتراكات الضمان الاجتماعي المترتبة على أصحاب العمل. وتمنى عدم اتخاذ أي إجراء لزيادة الأجور قبل تأمين المداخيل التي تغذي الخزينة.

وتحدث النائب خضر حبيب عن انتحال شخصيته على «الفايسبوك» والزعم انه يخطط لانقلاب في سورية، متمنياً أخذ هذا الموضوع بجدية «فهناك انتحال لشخصي، وعلى المجلس الكريم التدخل في هذا الموضوع الذي يهدد حياتي، وأما الحديث عن اغتيالات سياسية فهناك أرض خصبة للقيام بها وعلى المجلس حماية نواب الأمة». وهنا تدخل النائب سيرج طورسركيسيان وقال: «الحق على وزير الداخلية».

وتحدث النائب محمد الحجار في موضوع الكهرباء وما أقر لجهة الـ 7000 ميغاواط واتهم الوزير باسيل برفض تمويل هذا المشروع من الصناديق العربية، ويضرب بعرض الحائط كل القرارات الصادرة عن مجلس النواب»، كما اتهمه بتعطيل إنشاء الهيئة الناظمة وإبقائها هيئة استشارية.

وبدأ النائب محمد قباني كلمته بتوجيه التهنئة للفلسطينيين بإنجاز عضوية فلسطين في منظمة الأونيسكو واستنكر الموقف الأميركي بانحيازه إلى إسرائيل. ثم انتقل إلى الكلام عن موضوع الكهرباء فتناول موضوع البليون ومئتي مليون دولار، وسأل أين هي الخطة التفصيلية التي وعدتنا بها الوزارة؟ ودعا إلى عدم «مخالفة الدستور وهذا الجموح في مخالفته». ورأى أن «هناك كيدية في التشكيلات والتعيينات».

المربعات الأمنية

ثم تحدث النائب حسن فضل الله وقال: «أصبح الشهداء مستهدفين وهذا حساب قديم بينهم وبين العدو الإسرائيلي، وتكررت الاستهدافات، ومنها استهداف العمال السوريين فأين كانت الشهامة والكرامة آنذاك، وكل تحريض وكل تدخل ضد الشعب السوري مدان، وبالأمس كلنا شاهد على شاشة التلفزة طلاباً يتعرضون للضرب في جامعتهم، وكأن قريطم أصبحت مربعات أمنية وعصية على الدولة».

وهنا احتج النائب حمادة قائلاً: «كل الناس يحق لها التكلم في الأمن إلا انت يا حسن، هلق صارت قريطم مربع أمني وغير المناطق ليست مربعات، والبلد كله فلتان». ورد فضل الله: «على كل حال المربعات الأمنية دمرتها إسرائيل وهذا يسركم». فتدخل بري وهدأ السجال.

وسأل فضل الله: «هل حققت الدولة في موضوع الجامعة، وهناك حوادث كثيرة ولم نسمع رأي الوزير شربل ونسأل من خطط ومن رعى ومن أفرج عن الأستونيين؟ أنكر الشهادات الملفقة وكأن الذاكرة مفقودة؟ وحسناً فعل وزير الطاقة عندما وظف الهبة الإيرانية لمنطقة البترون لإرواء العطشى هناك لكن عسى ذلك يداوي الجرح الإيراني بخطف الديبلوماسيين الأربعة على حاجز البربارة الذين سلموا إلى إسرائيل».

وحاول النائب غازي يوسف إثارة جلسة الأسئلة والأجوبة قاطعه بري قائلا: «على الأرجح بين 15 و16 ت2 هناك جلسة للأسئلة والأجوبة».

وأصر يوسف على سؤال وزير الاتصالات عن حجز أموال البلديات وسأل: «ماذا فعل الوزير صحناوي بالمعدات العائدة للهبة الصينية، ولماذا لا يزال الوزير يتابع الكيدية السياسية في عمل وزارته؟». وهنا سأل بري ميقاتي أين أصبحت أموال البلديات و «نتمنى في أقرب وقت الإفراج عنها».

أما النائب هاغوب بقردونيان فنفى «المعلومات المغلوطة حول قرار بلدية برج حمود طرد الأكراد»، وقال: «هذه القضية أخذت أبعاداً سياسية ووصلت إلى خارج البلاد، وكل ما في الأمر أن هناك فقط مخالفات للآداب والحديث عن طرد الأكراد السوريين هو افتراء».

«اغتصاب بيروت»

وبعد ساعة وعشرين دقيقة من الكلام بالأوراق الواردة انتقل المجلس إلى درس جدول الأعمال المتضمن 22 بنداً، ولدى درس مواضيع عقارية تناول النائب علي عمارموضوع العقار رقم 117 فلفت إلى «اغتصاب مدينة بيروت من قبل سوليدير»، فردّ عليه النائب حوري بالقول: «بيروت اغتصبت في السابع من أيار 2008 «، وهنا حسم الأمر بري، معتبراً ان اسرائيل اغتصبت بيروت مرة واحدة في عدوان 1982. وأحيل بعض مشاريع واقتراحات القوانين إلى اللجان المختصة لإعادة درسها، وأبرزها الاقتراح المتعلق بإعطاء تعويضات أو معاشات تقاعد للمعتقلين المحررين من السجون السورية فأكد بري الموافقة عليه من حيث المبدأ وأحاله إلى لجنة الإدارة والعدل «لوجود تفصيلات كثيرة ويحتاج إلى صياغة مجدداً»، واعداً بإدراجه على جدول أعمال الجلسة المقبلة. في حين تم سحب مشروع القانون المتعلق بتصفية المعاش التقاعدي لأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية، لأنه بحسب رأي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «هناك إعادة نظر برواتب أساتذة الجامعة».

وأقر قانون عودة اللبنانيين اللاجئين إلى إسرائيل، معدلاً باقتراح مقدم من بري لجهة وضع آليات تطبيقه من قبل الحكومة. كما صدق من خارج جدول الأعمال اقتراح بفتح اعتماد بقيمة 6 بلايين ليرة لتكملة مشاريع تأهيل المجلس النيابي. فيما سحب الاقتراح المتعلق بالإجازة للحكومة فتح اعتماد بقيمة 8900 بليون ليرة يسمح لها بالنفاق استناداً إلى أرقام موازنة 2005 باعتبار أن لا موازنة لـ2011 بعد. وكان الاقتراح أقر في لجنة المال والموازنة بعد اعتراض الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة «لعدم حصول إجماع عليه». فيما أقر قانون تصحيح سلسلة الرتب والرواتب للعسكريين، واقتراح قانون يرمي إلى ترقية مفتشين في المديرية العامة للأمن العام من حملة الإجازة في الحقوق إلى رتبة ملازم.

وعقب رفع الجلسة عند الثالثة بعد الظهر عقد لقاء تقويمي بين بري ميقاتي. وعلى الأثر، سئل ميقاتي عن اللقاء فقال: «كان جيداً وتكلمنا في مواضيع عدة، عن الموازنة والمشروع المقترح بقيمة 8900 بليون ليرة على مجلس النواب، كان هناك حديث من الرئيس بري والرئيس فؤاد السنيورة وأنا، عن صيغة لهذا الموضوع». 

السابق
البناء: المعارضة تفشل في تفجير الجلسة التشريعية..وحزب اللّه يسأل عن مربّع قريطم الأمني
التالي
الانباء: جلسة نيابية ساخنة وقودها المربعات الأمنية وتمويل المحكمة.. وطرد العمال السوريين يزيدها اشتعالاً