أوقــف التصحـر في مزرعته

الجميع في قريته الصغيرة في بوركينا فاسو بات يعرفه بـ«الرجل الذي أوقف الصحراء»، بعدما كانوا ينعتونه بـ«الرجل المجنون» عندما بدأ يحاول منذ حوالى ثلاثة عقود إنقاذ أرضه القاحلة من زحف ظاهرة التصحر عن طريق زراعة أشجار نمت لتصبح الآن غابة مساحتها 15 هكتارا.
والآن، وبعد مرور 30 عاما على مغادرة أهالي قرية غورجا ـ قرية المزارع المجنون ياكوبا ساوادوغو ـ أراضيهم غير الخصبة بحثا عن حياة أفضل في المدينة، بدأوا يعودون إلى ديارهم لاقتباس أسلوب «الرجل الذي أوقف الصحراء». وفي غضون ذلك، يتوافد المزارعون وخبراء البيئة والعلماء إلى بيت ساوادوغو للتعلم من هذا الرجل الذي أوقف الصحراء بمفرده.
وفي الوقت نفسه، يجوب ساوادوغو العالم لسرد قصة نجاحه، التي جذبت اهتمام المخرج السينمائي مارك دود ما دفعه إلى إنتاج فيلم بعنوان «الرجل الذي أوقف الصحراء»، حاز على جوائز، وجرى عرضه أثناء الدورة العاشرة لمؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في مدينة تشانغوون في كوريا الجنوبية خلال تشرين الأول الماضي.
وتحدث ساوادوغو في المؤتمر «لم يكن لدينا طعام أو غذاء بسبب الجفاف وندرة المياه». وعندما أدرك ساوادوغو أن حفر الحفرات المعتادة لم يعد كافيا لري الحقل، قرر أن يحفر حفرة أكبر وأوسع بغية الحفاظ على مياه الأمطار لفترة أطول. ثم قرر استخدام السماد. لكن الرجل لم يكن قلقا بشأن تأمين الغذاء فحسب وإنما لتحول أراضي قريته غورجا إلى صحراء وبسرعة. وهنا بدأ بزراعة الأشجار، ليس فقط لحفظ الأراضي من التدهور ولكن أيضا لاستعادة منسوب المياه الجوفية إلى مستويات غير مسبوقة.
وأردف ساوادوغو قائلا «ظن الناس أنني مجنون عندما بدأت بزراعة هذه الأشجار… والآن سوف يدركون مدى فائدة الغابات». هذه الأشجار التي زرعها بمساعدة أسرته، أصبحت الآن غابة كثيفة مساحتها 15 هكتارا ومكونة من نباتات أصلية يجري استخدام بعضها لأغراض طبية. والنتيجة هي أن «الرجل الذي أوقف الصحراء» يرسل الآن بذوره للمزارعين في بوركينا فاسو وفي منطقة الساحل الأفريقي التي تشمل نظاما بيئيا خاصا بها وتغطي مساحة شاسعة قدرها ألف كيلومتر تمتد من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر.
إلا أن أحد كبار المتخصصين في إدارة الأراضي المستدامة في مرفق البيئة العالمي (GEF) الدكتور محمد بكر شدد على أن السياسات التي تقول «لا يمكنك إمتلاك الأشجار أو حيازة الأراضي» تحمل الأهالي على إهمال هذه الموارد». وقد يذهب مجهود ساوادوغو سدى لأن حكومة بلاده تشرع في عملية الحجز على أرضه لمشروعات بناء. فقد كان الرجل قد اكتسب هذه الأرض من خلال النظام التقليدي وليس لديه سند ملكية.  

السابق
عودة الإغتيالات إلى بيروت: الحريري وجنبلاط وحمادة وفتفت أوّل المستهدفين
التالي
وديع الخازن: زيارات الراعي تندرج في سياق الرسالة الجامعة بين مسيحيي ومسلمي الشرق