بطولة مـخجِلة!

غداً يومٌ سوري آخر، انفه مكتوم برائحة الدم، لكنه يستيقظ على مرحلة مختلفة، قد تنجح لعبة شفير الهاوية بترشيد المبادرة العربية فيها الى حين، لكن المؤسف ان "هذا الحين"، هو مسيرة شهور من الدم المهراق يومياً وعبثياً.

إذاً، تلجُ سوريا غداً باباً جديداً يُفتح على نواة التدخل الدولي الجدّي فيها، ولو عبر القاطرة العربية، ولو بالقطّارة ايضاً؛ الا ان الاهم والاخطر، هو اولاً ذلك البوم الناعق فوق سطوح الشام من دون توقف، مبشراً بتدخّل بطيء جداً من قبل العالم لصالح الثوار، ولصالح السلطة في آن واحد! أو بمعنى آخر لصالح العالم على حساب سوريا، بغية الدفع أكثر نحو تفتيتها؛ فما من وازع يمكنه ان يوقف الحقد المتراكم من دفع الدم المسفوك الى موقف اكثر عنفاً، ووقفات اكثر تشدداً، بالاخص ان الشعب السوري اثبت قدرة عالية على الاصرار، ندُرت لدى سواه غير البعيد، (فلنقل ليبيا مثلاً) لو لم تتجه قوات القذافي لاسقاط بنغازي لما استعجل العالم حركته.. ولو سقطت بنغازي، لسقطت الثورة. بينما تثور سوريا في المدن والارياف في حالة انفلاش شعبي غير مضبوط، وغير قابل للانضباط.

اما الاخطر ثانياً، فهو مداهمة الاستحقاقات للوقت وليس العكس، بدءاً من الانسحاب الاميركي الوشيك من العراق، الى الثلاثين يوماً على دفع مستحقات المحكمة الدولية في بيروت، الى انطلاق مرحلة الجامعة العربية في سوريا صباح غد، الى الاصرار الدولي على تنحّي علي صالح في اليمن، الى تكرار المناورات العسكرية الاسرائيلية بطريقة غير مسبوقة، تجعل السباق نحو الحرب مع حزب الله بحكم المحتوم، وكأن ما يفرضه الواقع من توازن، يجعل الدفع نحو خلل هذا التوازن فيه، هو الاساس.

ومع كل هذا الواقع الاقليمي، تواجه الحكومة اللبنانية هذه الاستحقاقات كما اعتادت ان تواجه فصل الشتاء، وكما العذارى الجاهلات، لا تألُ جهداً في تقريب الكأس المرّ من الشفاه…

تحقن الشارع في مواجهة بين الديماغوجيا الممجوجة وبين الواقع، تنادي بالعفة والاصلاح وروائح الفساد تفوح من ادراجها وادراج المنادين قبل سواهم، تفقد مقومات الصمود الاجتماعي وتفتقد الى خطة نهوض على قدميها، وعمرها لم يبلغ المئة يوم ويوم، يتلذذ اقطابها بمهاجمة بعضهم البعض، كمن يتلذذ بالعيش على الضحايا او الصعود على الجثث.

في هذا الوضع المأزوم، وفي الآتي المحتوم، وبين موتٍ وموت، وبين مصالح وحسابات متضاربة ومترابطة لدول العالم والمنطقة، وعلى المنطقة… نتأكد معاً، وكما كل أمس، من بطولة شعب سوريا "المخيفة"، ولكن المخجلة (بكسر الجيم) للعالم بأسره!  

السابق
دعم أبناء شهداء الجيش في احتفالها السنوي
التالي
ميقاتي المسكون بالحسابات والمخاوف