الجمهورية: لقاء بين المستقبل والتقدّمي: لاحترام توجّهات الشعوب العربيّة

سيطر الجمود السياسي على الاجواء اللبنانية، بفعل الانشغال الرسمي في تعزية المسؤولين السعوديين بوفاة ولي العهد الامير سلطان بن عبد العزيز، فزارالمملكة السعودية للتعزية، رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع وفد رسمي ،كما زارها رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة مع وفد من قوى 14 أذار، ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ووفد من الجبهة، في حين بقي مشهد مصافحة الرئيس سعد الحريري لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هامش التعازي طاغيا على الاجواء اللبنانية، مطلقا العنان لسلسلة من التحليلات والتوقعات السياسية، على خلفية الصورة الجامعة.

في غضون ذلك، ظلت التحذيرات الدولية عموما، والأميركية خصوصا، من عواقب مالية واقتصادية لعدم تمويل المحكمة الدولية تدوّي في أرجاء الأروقة السياسية اللبنانية ، وتزامن ذلك مع زيارة نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى جايك والاس الى لبنان،حيث التقى امس قائد الجيش العماد جان قهوجي، حاملا الى المسؤولين اللبنانيين تشديد بلاده على حاجة لبنان لتلبية التزاماته الدولية بما فيها تمويل المحكمة، في حين خطت المحكمة خطوة جديدة تمثلت بتعيينها محامين للدفاع عن المتهمين الاربعة.

واكدت بريطانيا موقفها الثابت من المحكمة، وشدد سفيرها طوم فلتشر من السراي "على ضرورة التزام لبنان المحكمة، لافتا إلى ثقته "بأن القادة اللبنانيين سيأخذون القرار الصحيح لمصلحة لبنان الوطنية، وليس لمصلحة المجتمع الدولي أو أي أحد آخر".

8 آذار

واعتبر أحد أقطاب قوى 8 آذار، أن "الهدف من تكرار مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جاكوب والاس ما قالته السفيرة الأميركية مورا كونيللي، حين التقت رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون في الرابية، من أنَّ بلاده تراقب التزام لبنان بالقرارات الدولية، وإن أي خلل في هذه الالتزامات ستكون عواقبه وخيمة على لبنان"، الهدف منه توفير المظلة السياسية لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أجل دفعه إلى الاستقالة، لأن الأخير سيتذرّع بحرصه على عدم إدخال لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي تلحق ضرراً كبيراً بمصالح البلد الإقتصادية والمالية، وبالتالي تقديم استقالته، فيظهر بذلك أنه قام بخطوة انقاذية من جهة، وضحّى بموقع رئاسة الحكومة لمصلحة لبنان وشعبه من جهة ثانية، وبرر استقالته أمام حزب الله بأنها لأسباب اقتصادية من جهة ثالثة". وأكد القطب نفسه "أن هذه المسألة لن تمر، والتهديدات الأميركية اعتدنا عليها"، مذكّرا "بالتهويلات التي صدرت عشية إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري"، وداعيا ميقاتي إلى "الالتزام بالدستور لناحية أن القرار هو ملك الحكومة ومجلس النواب وحدهما، وما عليه سوى الخضوع لقواعد اللعبة الديموقراطية عبر الاحتكام إلى التصويت، لا إلى استنفار الغرائز المذهبية والعصبيات الطائفية".

مصادر ميقاتي

وفي تعليق لها ولو متأخر ليومين على مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عممت مصادر الرئيس ميقاتي امس القول، ان نصرالله "لم يقفل الباب امام تمويل المحكمة، وفي كلامه اشارات ايجابية، وهناك صيغة معينة يتم العمل عليها لحل مسألة التمويل، الا ان الامر يحتاج الى نفس طويل". ولفتت المصادر الى انها لن تدخل في المزيد من التفاصيل، لأن الحلول المرجوة لا تطرح عبر وسائل الإعلام.

الحريري

الى ذلك، أكد الرئيس سعد الحريري، الذي اقام مأدبة غداء على شرف وفد 14آذار، موقفه بـ"وجوب التضامن في مواجهة التحديات الماثلة، لا سيما ما يتعلق منها بلبنان لجهة الاستحقاقات المتوجبة على الدولة اللبنانية تجاه المحكمة الدولية"، مشددا على أن "اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مثل سائر الاغتيالات السياسية التي طاولت العديد من الرموز والقيادات اللبنانية، قضية تعني جميع اللبنانيين، ولا تعني جهة سياسية أو طائفية واحدة. فالمحكمة الدولية أنشئت في سبيل إحقاق الحق، وتحقيق العدالة وقطع دابر الاغتيالات السياسية في لبنان، وإنهاء زمن فرض الخيارات السياسية بالقوة واعتماد الإرهاب وسيلة للاقتصاص من الخصوم السياسيين".

اندراوس

وعلى خلفية لقاء الحريري ـ ميقاتي ، قال نائب رئيس تيار "المستقبل" النائب السابق انطوان اندراوس من الرياض لـ"الجمهورية"، ان موقف الحريري ينمّ عن الشهامة، داعيا الى عدم اعطاء اللقاء اكثر من حجمه، مؤكدا انه واجب اجتماعي، وذكّر بزيارة ميقاتي الى دارة الحريري خلال اجتماع المجلس الشرعي الأعلى، حيث انكسر الجليد بعد الزيارة الأولى، لذلك يجب عدم تحميل اللقاء اكثر مما يحتمل، وهو لقاء طبيعي حصل في مناسبة استثنائية، ولم يحصل خلال عشاء .

علوش

بدوره، عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، الذي لم يكن في عداد الوفد اللبناني الى الرياض، والذي سيزور السفارة السعودية اليوم لتقديم واجب العزاء، قال لـ"الجمهورية" ان اللقاء على المستوى الشخصي والعلاقة الشخصية، لا يلغيان الاختلاف السياسي الحاد الموجود بين تيار المستقبل وميقاتي. فالمناسبة هي مناسبة اجتماعية، واللقاء أتى في هذا السياق. اما من الناحية السياسية، فقد عبّر عن هذا الخلاف الامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري في حديثه الأخير، من خلال تأكيده على نهج التغطية الذي يمارسه ميقاتي لمساعدة "حزب الله" في التملّص من قضية المحكمة الدولية ـ على الرغم من كل ما يتكلم عنه في قضية التمويل وغيرها ـ وايضا في قضية تغطية النظام السوري".
 وعما اذا كان يعتقد بأن اللقاء سيعطي ميقاتي دفعا للمضي قدما في قضية تمويل المحكمة بعد كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، اجاب علوش:" لقد اعلنها نصرالله بوضوح ان ميقاتي لا يملك الحكومة، وانه سوف يخضع للتصويت، ولن يستقيل. والعبرة هي في ردة فعل ميقاتي، فهل سيثأر لكرامته ام لا؟ اذا تصرف بالشكل الذي يمليه المنطق وهو ان يستقيل من الحكومة، عندها سيكون لكل حادث حديث .

وعن موقعه في تيار المستقبل حاليا بعد الاشكال الأخير، اكد علوش انه ما يزال عضوا في المكتب السياسي، وانه منسّق مدينة طرابلس،وقال ان الملف في الاساس لم يكن موجودا ليفتح او ليغلق، هذه مسألة انتهت في وقتها، وفي اليوم نفسه تقريبا، ولكن التداعيات الاعلامية اتت من خلال الصحف التي كانت تحاول استغلال هذا الوضع، لإثارة نوع من الجدل حولها.

وعن علاقته بالمملكة قال: في الاساس لا علاقة لي بالمملكة لا من قبل ولا من بعد. انا عضو في تيار المستقبل، وعلاقتي هي مع القيادة في لبنان. اما العلاقة مع المملكة فهي تخص القيادة في تيار المستقبل.

مجلس وزراء اليوم

وبعدما تعطلت جلسة مجلس الوزراء "السياحية" منها اول من امس والعادية أمس، دُعي مجلس الوزراء الى الإنعقاد بعد ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، وعلى جدول اعماله 86 بندا، بعضها بات مؤجلا لأكثر من مرة على مدى الجلسات الوزارية السابقة منذ الأسبوع الماضي.

ومن بين القضايا المدرجة على جدول الأعمال، ويمكن ان تثير نقاشا حادا، الإتفاقية الأمنية المقترحة بين لبنان وفرنسا، علما ان هذه الإتفاقية ادرجت ايام حكومة الوحدة الوطنية على جدول اعمال مجلس الوزراء، وتم تأجيلها الى اليوم بعدما اعترض وزراء المعارضة السابقة في حينه، ومعظمهم اليوم من وزراء الأكثرية الجديدة.

وقالت مصادر مطلعة لـنا ان المجلس سيناقش ملفات أخرى من خارج جدول الأعمال، بعدما تبين ان عددا من وزراء الأكثرية سيثيرون قضايا مالية وادارية مختلفة، منها ما يتصل بالحاجة الى البت بالموازنة العامة بسرعة لتسيير عمل الدولة والمؤسسات على الصعيد المالي. كما سيثير بعضهم ملف تمويل المحكمة، ورفضه تأخير البت بها الى نهاية البنود الواردة في مشروع قانون الموازنة، مما سيؤدي الى شل الحياة الإدارية .

وكذلك سيثير هؤلاء موضوع سلسلة الرتب والرواتب، وما يتصل منها بمشروع القانون الواجب انجازه، من اجل بت حقوق موظفي القطاع العام حسب مشروع القانون الجديد بالرواتب، بعدما قطع المرسوم الخاص بالزيادات على مستوى موظفي القطاع الخاص المراحل الوزارية والإدارية، التي توفر صدوره في الأيام القليلة المقبلة.

واعلن احد وزراء الأكثرية لـنا انه سيثير في الجلسة، إضافة الى ملفي الرواتب والموازنة ما سماه بـ "الشلل الذي اصاب البلاد امس واول امس، اثناء غياب اركان الدولة والوزراء، وفي مقدمهم رئيسي الجمهورية والحكومة" ، ما ادى الى قيام وضع شاذ "وكأن البلاد تعيش بالف خير، ولا ينقصنا شيء" وان اقفال البلاد بهذا الشكل ليس مشكلة".

الى ذلك، قالت مصادر حكومية، ان الوزراء تبلغوا ايضا امس بتأجيل الجلسة السياحية الخاصة التي ارجئت من اول امس الثلثاء الى الثلثاء المقبل مرة أخرى، بسبب غياب وزير السياحة عن لبنان في الموعد المحدد. كما ستؤجل جلسة الأربعاء المقبل بسبب عيد الأضحى.

لقاء المستقبل ـ الإشتراكي

وفي خطوة شكلت ترجمة عملية للتوجهات الجديدة للحزب التقدمي بالإنفتاح على مختلف الأطراف من كل الإتجاهات، زار وفد من منسقية بيروت في "تيار المستقبل" المركز الرئيسي للحزب التقدمي الإشتراكي في بيروت، وتم التأكيد "على الثوابت العربية والوطنية، ولا سيما منها ضرورة احترام لبنان لالتزاماته الدولية، خصوصا لجهة الإستمرار في تمويل عمل المحكمة. كما تناول البحث الشأن العربي "والموقف الداعم لضرورة الإصلاح واحترام توجهات الشعوب العربية".

جنبلاط رئيسا للتقدمي بالتزكية

ويأتي هذا اللقاء، عشية انعقاد الجمعية العامة للحزب التقدمي، اي بعد ثلاثة ايام ، حيث سينتخب اعضاؤها وليد جنبلاط المرشح الوحيد لرئاسة الحزب رئيسا بالتزكية لولاية جديدة، واعضاء مجلس القيادة، بعدما اقفل باب الترشيحات في الساعات الماضية على ترشيح جنبلاط منفردا، وتقديم 15 عضوا ترشيحاتهم لانتخابات مجلس القيادة.

لقاء «سيدة الجبل»

في معلومات خاصة لـنا أن أمانة سر لقاء "سيدة الجبل" قررت إرجاء مؤتمرها الصحافي الذي كان مقررا عقده اليوم لإعلان نص الوثيقة معدلا إلى مطلع الأسبوع المقبل، وذلك لأسباب محض لوجستية لها علاقة بإدخال الأفكار التي تم التداول بها في الخلوة في صلب الوثيقة، كما بتطوير هذه الوثيقة انسجاما مع تلك الأفكار، فضلا عن إعلان خريطة الطريق التي تم التفاهم حولها، وفي طليعتها بدء التحضيرات لعقد مؤتمر وطني تحت عنوان "دور اللبنانيين في ربيع العرب". وأضافت المعلومات: "إذا كان من البديهي أن تعقد خلوة "دور المسيحيين في ربيع العرب" في قلب المنطقة المسيحية، فإنه من البديهي أيضا أن تعقد الخلوة المقبلة في قلب العاصمة بيروت، التي تجسد المشترك بين اللبنانيين، وأفضل تعبير عن الشراكة المسيحية-الإسلامية".

اتصالات الأساتذة

وليل امس كشفت مصادر حكومية على تماس مع ملف مطالب اساتذة الجامعة اللبنانية، ان الرئيس ميقاتي ابلغهم بأنه سيطرح على مجلس الوزراء اليوم الصيغة التي قدمها للحل في ما خص مطالبهم وموقفه النهائي منها، وموقف الرابطة ايضا، وانه سيترك الى الحكومة مجتمعة ان تتخذ القرار المناسب، من دون ان يسجل اي التزام مسبق بالنتيجة التي ستنتهي اليها المناقشات اليوم.

وعلمت "الجمهورية" ان الأساتذة باشروا اعتبارا من امس، سلسلة اتصالات مع من توافر الإتصال بهم من الوزراء حتى الموجودين في الرياض لحشد التأييد اليوم. 

السابق
اللواء: مشاركة لبنانية رسمية وسياسيّة بالتعازي في الرياض
التالي
هكذا يستعدّ حزب الله للحرب مع إسرائيل