الحكومة: إشارات واضحة

التباين في وجهات النظر داخل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حول جملة ملفات قائم منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة، على قاعدة أن الحكومة ليست من لون واحد ولا هي حكومة «حزب الله»، كما حاولت أن تروّجه المعارضة الجديدة والمتمثلة بحزب المستقبل، و"القوات" وبقايا قرنة شهوان، لكي تضع الحكومة في موقف صعب أمام الخارج والداخل.
وتقول مصادر مطلعة، إن القوى السياسية التي تشارك في الحكومة لديها أولويات مختلفة حول كثير من القضايا المطروحة والملفات الحساسة والشائكة، وهذه القوى لا تملك رؤية موحّدة، وتختلف على الأولويات.

ففي الجانب الاقتصادي، ترى هذه المصادر، أن بعض أطراف الحكومة ما زال يسير على خطى الرئيس الراحل رفيق الحريري في كيفية معالجة ومواكبة الملف الاقتصادي، في حين أن تكتل التغيير والإصلاح يملك رؤية مخالفة تماماً لما هو قائم حالياً على صعيد المعالجات القائمة، فهناك موازنة ستطرح في مجلس الوزراء وأمام مجلس النواب بعد ذلك، وهناك قطع الحساب، فمن الطبيعي أن تحصل خلافات وتباينات في وجهات النظر بين أفرقاء الحكومة، فالتيار الوطني الحر طرح مجموعة من المشاريع، وهو يصر على تنفيذها، وعلى وجه الخصوص ملف النفط بيد أن إنجاز مشروع الكهرباء وإن جرت معالجته بطريقة «حُبْيَّة» وبتسوية معينة، إلا أن الوضع الحكومي متأرجح ولكنه لن يصل في المدى المنظور إلى حد استقالة الحكومة، إلا إذا حصلت تطورات سياسية كبيرة سرعت في استقالتها. 
وتعتبر المصادر ذاتها، أن الكلام الذي جاء على لسان الوزير غازي العريضي حول عدم صحة الوضع الحكومي ومن ثم كلام النائب طلال أرسلان الذي يصب تقريباً في الاتجاه نفسه فيه اشارات واضحة إلى وجود خلافات داخل الأفرقاء المشاركين في الحكومة، وهذا الواقع يتطلّب مبادرات متبادلة بين التيار الوطني الحر وبين رئيس الحكومة والنائب وليد جنبلاط لأنه ليس من مصلحة قوى الأكثرية أن تستقيل الحكومة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة.
وكشفت هذه المصادر عن أن للتيار الوطني الحر رؤيته الخاصة، ولذلك يوجد خلاف جدي على التوجه الاقتصادي من زاوية موضوع الضرائب على شركات الهاتف الخلوي والتي يمكن أن يكون مجموع هذه الضرائب من تلك الشركات بحدود 87 مليون دولار سنوياً، بالاضافة إلى تمسك التيار الوطني بمشروع الوزير شربل نحاس حول السياسة الضريبية والسياسة الاجتماعية لأن تكتل التغيير والإصلاح يعتبر أن رئيس الحكومة ما زال يطبق السياسة الاقتصادية السابقة نفسها.

وعن موضوع الخلاف الذي ظهر أخيراً في جلسة مجلس الوزراء بين وزراء تكتل الاصلاح ووزراء جبهة النضال الوطني، ترى المصادر السياسية أن العنوان الرئيسي لهذا الخلاف هو «النكاية» السياسة، ورداً على مواقف جنبلاط ووزرائه من ملف الكهرباء، حيث جاءت مطالبة الوزير جبران باسيل بتشكيل لجنة لمراقبة المشاريع التي تنفذ في وزارة الأشغال العامة ولجنة ممثالة في وزارة الشؤون الاجتماعية، للنظر في حوالى 500 عقد مع موظفين في عهد حكومة الرئيس السابق سعد الحريري، مع العلم أن المطلوب هو أن يكون هذا التوجه يطال كل الوزارات على قاعدة أن تقدم تقارير دورية إلى مجلس الوزراء حول نشاطها والمشاريع التي نفذتها، ولكن طرح وزراء التيار الوطني الحر هذا الأمر حصراً في وزارتي الاشغال العامة والشؤون الاجتماعية يعني أن هناك «نكاية» سياسية وليس على قاعدة مؤسساتية يكون مجلس الوزراء هو الجهة الصالحة لبتّها.

وتختم المصادر المطلعة، أنه في غياب الرؤية الموحدة للقوى السياسية المشاركة في الحكومة الحالية، سيبقى الوضع الحكومي متأرجحاً ومهزوزاً، ولكن في الوقت نفسه لا توجد أسباب جوهرية حتى اللحظة لاستقالة الحكومة، مع الإشارة هنا إلى أن بعض زوار دمشق لم يروا أي مبرر لرحيل حكومة الرئيس ميقاتي في هذه الظروف وأن على جميع القوى الاتفاق على كل الملفات المطروحة وخصوصاً تلك التي تحمل طابعاً سياسياً.  

السابق
7 جرحى بانفجار بعين الحلوة في صيدا
التالي
لا تغيير في القيادة