أميركيون يسألون عن صحة تهام إيران!

لدى البعض في الادارة الاميركية، استناداً الى متابعين فيها لعلاقتها او للاعلاقتها مع ايران، انطباع يفيد ان المرشد الاعلى للثورة الاسلامية فيها والولي الفقيه آية الله علي خامنئي ورئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد يشعران بالخوف او ربما بالذعر جراء اتهام واشنطن بلادهما بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي فيها. ويعزو هؤلاء الشعور المذكور الى ان مؤامرة الاغتيال يمكن اعتبارها عملاً حربياً وتالياً سبباً مباشراً لشن حرب على ايران. إلا انهم يستبعدون وفقاً لمعلوماتهم ان يكون اي مسؤول في الادارة من رأس الهرم الى قاعدته في وارد بدء اي مواجهة عسكرية جديدة في الشرق الاوسط الكبير، ذلك انهم لم يفرغوا بعد من المواجهات التي بدأتها الادارة السابقة، ولم ينتهوا من ازالة آثارها السلبية عليهم وعلى حلفائهم في المنطقة. طبعاً، يستدرك المتابعون انفسهم، تحاول القيادة الايرانية إعلام الجميع في العالم بأنها لا تعرف شيئاً عن مؤامرة الاغتيال المذكورة، ومحاولتها تزرع شكوكاً في صحة الاتهامات الاميركية.

هل اقتنع الشعب الاميركي فعلاً بصحة اتهامات بلاده لايران؟ وتحديداً هل اقتنعت مراكز الابحاث الاميركية بصحتها؟ واقتناعها او عدمه مطلوب لأنهما يشكّلان رافداً للادارة الحاكمة في اميركا كما للمعارضة بالافكار والاقتراحات والمشروعات وذلك تبعاً لانتمائها الحزبي او لتعاطفاتها السياسية. طبعاً لن نستعرض في "الموقف" اليوم مواقف المراكز المعادية لايران في المطلق، او الموالية لاسرائيل في المطلق، لأنها عوّدت الرأي والعالم في بلادها كما خارجها على تبنّي نسبة الادارة في واشنطن اي تهمة لايران وحلفائها في المنطقة، اولاً بسبب العداء بينها وبين اميركا البادئ منذ 1989. وثانياً، بسبب ايديولوجيا العداء او الرفض لاسرائيل التي تؤمن بها ايران والتي يدينها النوع المشار اليه من مراكز الابحاث. لكننا سنلخص نظرة مركز ابحاث مهم ومتخصص ونافذ ومعروف بمواقف غير عدائية بالفطرة الى ايران، وهي نظرة تساؤلية وربما "شكّاكة" اكثر منها نظرة جازمة بصحة الاتهامات او رافضة لها.

 
وقد استهل احد الباحثين "دراسته" عن هذا الموضوع بالقول إن افصاح اميركا عن مؤامرة ايرانية لقتل سفير السعودية في واشنطن، التي زعمت ادارتها انها كانت ستنفّذ بالتعاون مع "كارتل" مكسيكي للمخدرات، يثير اسئلة كثيرة عن موضوعات عدة. واضاف ان هذا النوع من الاتهامات ليس دائماً صحيحاً او بالاحرى دقيقاً او ذي معنى كما يبدو لدى سماعه للوهلة الاولى. ثم طرح الاسئلة وهي الآتية: اذا كانت الاتهامات صحيحة فهل تفكّر ايران جدياً في خطة لتنفيذها؟ كيف يمكن ان تصمد مؤامرة كهذه امام تفحّص وتدقيق جديين؟ ما هي الادوات او الوسائل التي يجب ان تكون مع الايرانيين في حال قرروا تنفيذ عملية كهذه على الاراضي الاميركية؟ لماذا كشفت الادارة الاميركية عن هذا الاتهام الآن؟ كيف يؤثر ذلك على خطط اميركا لسحب قواتها من العراق، علماً ان من شأن ذلك ترك ايران سلطة الامر الواقع الوحيدة في المنطقة؟ كيف يعكس ذلك او كيف يساهم في اعطاء شكل للحوار الاميركي – الايراني المتعلق بالعراق؟ ماذا سيكون رد فعل السعودية على ذلك، وما هي الخيارات التي في حوزتها؟ كيف سيؤثر ذلك داخل ايران ولا سيما في علاقاتها الاقليمية والدولية وفي الدينامية الداخلية للسياسات الايرانية؟ كيف سيؤثر الاتهام لايران في ديناميات الانتخابات الاميركية التي لم تعد بعيدة؟ لماذا يوافق "كارتل" مخدرات مكسيكي على المساعدة في تنفيذ عملية الاغتيال؟ وقبل ذلك لماذا يطلب الايرانيون مساعدة "كارتل" كهذا في ذلك؟ كيف يؤثر ذلك في علاقة اميركا بالمكسيك نظراً الى حساسية اتهامات كهذه وإن ثَبُت انها صحيحة؟ ما هي حال التعاون الاميركي – المكسيكي في مكافحة الارهاب و"كارتلات" المخدرات، علماً ان حكومة المكسيك ساعدت اميركا للقبض على المتهم؟ هل هناك حديث بين البلدين على زيادة النشاط الاميركي داخل المكسيك جراء "مؤامرة" الاغتيال؟ كيف يؤثر ذلك في قدرة المكسيك على معالجة مشكلاتها الداخلية وانعكاسات ذلك على ما وراء حدودها، اي على اميركا؟

إن هذا النوع من الاسئلة، يقول المتابعون، يشير الى جدية الاميركيين في النظر الى القضايا والى علمية نظرتهم رغم اهتمامهم بمصالح بلادهم اولاً. ثم يتساءلون: هل في غالبية العالم العربي والاسلامي، وكلها شمولية في شكل او في آخر، من يناقش حكامه لا حكوماته لأن الكلمة ليست لها على النحو الذي فعله "باحث الاسئلة" المطروحة اعلاه؟ 

السابق
حزب التوحيد: لطرد كونيللي اذا استمرت على نهجها
التالي
النهار: مواجهات نيابية صاخبة تعطّل ملف المخطوفين