إنجاز حماس نصراً كاملا

عندما أبلى أبو مازن البلاء الحسن في الجمعية العامة للأمم المتحدة وترك بنيامين نتانياهو ووفده من رجالات العصابات الإسرائيليين يموتون بغيظهم قام بين الفلسطينيين من انتقده. وعندما حققت حماس نصراً باهراً نادراً، بمبادلة 1027 سجيناً فلسطينياً بأسير إسرائيلي واحد قام أيضاً بين الفلسطينيين من انتقد الصفقة.

الرئيس محمود عباس سجل انتصاراً الشهر الماضي وحماس سجلت انتصاراً هذا الشهر، والمنتقدون من الفلسطينيين وبعض العرب الآخرين ربما يعيدون النظر في مواقفهم السلبية غير المبررة عندما يرون أنهم في المرتين التقوا مع غلاة المتطرفين الإسرائيليين في إسرائيل والولايات المتحدة في انتقاد أبو مازن وحماس، وبدوا أحياناً وكأنهم ينقلون من قاموس المستوطنين.

أفضل ما قرأت عن الصفقة في صحف إسرائيل كتبه المعلق المعتدل عادة ناحوم بارنيا (أو بارنياع) في «يديعوت أخرونوت» فهو قال إن إسرائيل خسرت المعركة لأن الإسرائيليين أثبتوا للفلسطينيين أنهم يستطيعون انتزاع الكثير من إسرائيل بأساليب العنف، ولا شيء بأساليب التعاون. وهو زاد إن الصفقة تنطوي على أخطار أمنية كبيرة على إسرائيل.

في الجريدة نفسها وفي اليوم نفسه كان معلق آخر يصف السجناء الفلسطينيين الذين أفرج عنهم بأنهم «مجموعة قتلة»، وهي صفة تكررت في تعليقات المتطرفين الإسرائيليين والليكوديين الأميركيين الذين وصفوا الأسرى بأنهم إرهابيون.

الإرهابيون الوحيدون في الشرق الأوسط هم أعضاء الحكومة الفاشستية الإسرائيلية وجنود الاحتلال والمستوطنون المجرمون.

هناك إرهاب آخر من نوع ما تمارس القاعدة إلا أنني أحمل إسرائيل وحدها المسؤولية عنه فلولا الاحتلال وجرائمه لما قام أي إرهاب مضاد يبرر أصحابه جرائمهم بما تمارس إسرائيل.

في المقابل الأسرى الذين أطلق سراحهم مقابل جلعاد شاليت أبطال تحرر وطني، ومثلهم حوالى ستة آلاف فلسطيني لا يزالون في سجون إسرائيل، فيما العدالة تصرخ إلى السماء للانتقام من حكومة نازية جديدة تواصل الاحتلال وسرقة البيوت والقتل في إسرائيل وخارجها.
 
لن أُدخِل القارئ معي في متاهة أرقام، وإنما أركز على جانب واحد منها لا يقبل الجدل. منذ 29/9/2000 قتل حوالى 1500 ولد فلسطيني قاصر، أي دون الخامسة عشرة، مقابل 135 ولداً إسرائيلياً، ونسبة عشرة إلى واحد هي نسبة نازية بامتياز، مع رجائي ألا يغيب عن ذهن القارئ أن المقاومة الفلسطينية، بما فيها العمليات الانتحارية، غير منظمة يقوم بها أفراد بأقل قدر من التدريب أو من دون تدريب، وينتظر منهم أن يخطئوا في اختيار أهدافهم.

أما الجيش الإسرائيلي الذي يقوده نازيون جدد فحَسن التدريب جداً بشهادة الجميع وإذا قتل ولداً فالأرجح أنه قتله عمداً، وليس كمقاوم فلسطيني خرج «على عماها» ينتقم لوطنه وأهل بيته.

حماس حققت نصراً عظيماً بإنجاز صفقة الأسرى، ونهنئ قيادتها ونشكر مصر على دورها في تسهيل العملية. ولا ينتقص من حجم النصر الحمساوي أن تكون القيادة عجلت بقبول صفقة عرضت عليها في السابق ورفضتها لتسترد مواقعها الشعبية بعد حسن أداء أبو مازن في الأمم المتحدة وتركيز الأضواء العالمية عليه، فحتى لو كان هذا صحيحاً يظل إنجاز حماس نصراً كاملاً في المعركة المستمرة مع إسرائيل.

اليوم أقرأ أن الرباعية تريد الاجتماع بالفلسطينيين والإسرائيليين، كل على حدة، الأربعاء المقبل لدفعهم نحو استئناف المفاوضات، وأرى أن المفاوضات مع حكومة نتانياهو عبثية، وأن الإدارة الأميركية لا تريد شيئاً سوى وقف التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي حتى لا يحرج الرئيس باراك أوباما أمام العرب والمسلمين باستعمال الفيتو.

العرب، والفلسطينيون في مقدمهم، أساطين في تحويل النصر إلى هزيمة والحذر واجب. 

السابق
مشيمش…سجين رأي في عهدة القضاء
التالي
هل خطف النظام السوري شبلي العيسمي؟