ليس لهما سلطة

  ان صفقة اطلاق مختطف بالنسبة لقيادة ذات تصميم تشبه قطعة حلوى تنتظر على الرف. ان توقيت الصفقة بخلاف السلام وسائر الامور، متعلق بالقيادة الاسرائيلية. وتأثر الجمهور مضمون. فما ان يُلفظ لفظ واحد هو نعم حتى تُنفذ الصفقة. فليس عجبا ان صفقة الحنان تننباوم حُدد وقتها في اليوم الذي قُدمت فيه لائحة اتهام بسبب رشوة على دودي آفل التي كان يفترض أن تليها لائحة اتهام على اريئيل شارون.
ان صفقة شليط لا تقف من تلقاء ذاتها. وقد عُد للتوقيت ثلاثة اسباب: الاول هو الاحتجاج الاجتماعي. ومما يؤلم ان هذا ليس سببا مهما. فنتنياهو بعيد عن ان يرى الاحتجاج تهديدا. واستطلاعات الرأي التي يحبها وضعها جيد. هناك سبب حقيقي أكثر من ذلك هو الاضرار برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وباحتمال تسوية وانسحاب. فالصفقة تعزز حماس وتضعف عباس والاحتمال السياسي. وهذا هدف مناسب لنتنياهو لكنه ليس الأساس. فهو يرى ان رئيس السلطة الفلسطينية جلدته الـ "ايباك" في الولايات المتحدة والانجليكان ومجلس النواب الذين أخضعوا رئيس الولايات المتحدة براك اوباما. يبدو ان الامر الرئيس هو مهاجمة ايران.
ان من تحدث عميقا مع صاحبي القرار – نتنياهو واهود باراك – كان يستطيع ان يرى منذ وقت ان صفقة شليط هي مقدمة للهجوم. والسبب العملياتي الذي يقول ان الرد على الهجوم سيأتي من غزة ايضا ويفضل ألا يكون شليط هناك – هامشي. فالأساس في الشرعية.
فالقيادة المتطرفة ايضا حينما تُعرض عشرات الآلاف من مواطنيها للخطر تحتاج الى شرعية. والمصدر الرئيس لذلك هو موافقة شاملة من قادة الأذرع الامنية على المغامرة كتلك التي وجدت في صفقة شليط. بيد انه توجد مشكلة وهي انه لا توجد موافقة، بالعكس. فبرغم حملة محادثات شخصية من وزير الدفاع اهود باراك، يعارض عشرات الجنرالات وقادة اجهزة الامن في مستوى رؤساء الاركان ورؤساء الأذرع في الماضي والحاضر، يعارضون الهجوم الآن وبقوة. هناك شخص ضئيل الشأن واحد هو أمين السر العسكري لنتنياهو، لا يعارض حقا.
والسبب بسيط: بحسب التقديرات الأشد تفاؤلا فان هجوما ناجحا سيفضي الى تأخير المشروع الذري الايراني سنتين في الأكثر. لكن الهجوم سيقوي جدا الجناح المسيحاني لرئيس ايران محمود احمدي نجاد الموجود الآن في طريقه الى الخارج ويعزز التصميم على المضي المكشوف الى القنبلة. وهكذا سيُقصر الهجوم الاسرائيلي فقط الزمان حتى انتاج القنبلة. وسيزيد الباعث على استعمال القنبلة ويتضرر التأييد الغربي للردع الذري الذي يحمي اسرائيل.
والمصدر الممكن الثاني للشرعية هو شعور مواطني اسرائيل والغرب بأن القيادة الاسرائيلية فعلت كل شيء لاحراز اتفاق يُقر الاوضاع في الشرق الاوسط. كان هذا الاتفاق سيخفض البواعث المتطرفة في المنطقة بصورة حادة. وكان الاتفاق أو السعي الصادق اليه سيجعلان الغرب يؤيد اسرائيل من جهة استراتيجية. ان التأييد حيوي من اجل الانتقال الى ردع ذري مكشوف والى مظلة حلف شمال الاطلسي والى الاقلال من رشقات آلاف الصواريخ التي تتلو الهجوم الاسرائيلي، وهي رشقات قد تستمر أشهرا وربما سنين كما يرى اشخاص مثل رئيس الموساد السابق افرايم هليفي. لكن العكس هو الموجود – فاسرائيل تُرى متطرفة وأكثر عزلة مما كانت من قبل.
بقيت محاولة إحداث شرعية شبه غامضة تميز نظما غير ديمقراطية. وكانت صفقة شليط ترمي الى توضيح ان نتنياهو زعيم متزن أبوي يصنع العظائم. فحينما يحتاج الامر يهتم بجندي واحد وحينما يحتاج الامر الى تعريض عشرات الآلاف للخطر يفعل ذلك بمسؤولية. هذا هو المزاج النفسي الدقيق لشخصي العناوين الصحفية.
يجب ان يوضح كل واحد من المعارضين في المؤسسة الامنية لهذين الزوجين أنه لا يمكن البقاء على هذه الحال. لا يمكن تعريض شعب كامل للخطر سنين طويلة بعمل خاطيء. لا تحت جنح الظلام ولا باقناع خاطف لرجال دين طاعنين في السن ولا معارضة للجهاز الامني كله ومعارضة لجميع رؤساء الاركان ورؤساء الموساد و"الشباك" و"أمان" ولجنة الطاقة الذرية. ولا معارضة الولايات المتحدة. ولا حينما يضعف احمدي نجاد ومجموعته المسيحانية. ولا حينما تلوح اجراءات امريكية في أعقاب محاولة اغتيال السفير السعودي وتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية القريب. ولا قُرب مجيء الغيوم، لا ببساطة. توجد امور لا يستطيع شخصان مهما يبلغا من القدرة والشجاعة فعلها وحدهما. لا سلطة لهما. لا الآن، ولا على هذا النحو. 

السابق
تأكل أسراها
التالي
لبنان يشارك في جلسات الاتحاد البرلماني الدولي