البناء: حردان يؤكد ان زيارة البطريرك إلى الجنوب ولقاء دار الفتوى عزّزا الخطاب الانفتاحي والوحدة الوطنية

رسّخت القمة الروحية التي انعقدت أمس في دار الفتوى سياسة الانفتاح والوحدة الوطنية التي كرستها زيارات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى المناطق اللبنانية، وتوجها بجولة مطولة في مناطق الجنوب استمرت ثلاثة أيام وأكدت مجدداً أنه عندما تكون البوابة الجنوبية منيعة في وجه العدو "الإسرائيلي" يكون لبنان قوياً، وأنه عندما تكون بوابة الجنوب ضعيفة تنهار بوابة لبنان، وفق ما أكّده رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان.
وقد أكدت القمة الروحية تضامن اللبنانيين ووحدتهم في مواجهة محاولات إثارة الفتن ورفض كل أنواع التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للبنان والبلدان العربية.
مصادر روحية لـ"البناء"
وقد أكدت مصادر روحية شاركت في القمة لـ"البناء" مساء أمس أن الأجواء كانت إيجابية وأنه كان هناك حرص على الابتعاد عن إثارة أي مواضيع خلافية، وأن الهاجس الأكبر كان لدى الجميع هو ما يجري في العالم العربي.
وشدد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على أن ما يجري في العالم العربي لا يستهدف أقلية أو أكثرية، إنما هناك مشروع تفتيتي لتحويل هذه المنطقة إلى مجتمعات مذهبية متناحرة، تعود نتائجه إلى مصلحة "إسرائيل" وأن الولايات المتحدة تخلق هذا النوع من الخوف لدى الأقليات للتعمية عن مشروعها الأساسي.
وقالت المصادر: إن البطريرك من جهته، جدد ما قاله في فرنسا وخلال جولته الرعوية وكان ذلك مبعث ارتياح لدى الجميع خلال القمة.
وعلمت "البناء" أن شيخ العقل استأذن الشيخ قبلان بأن تكون القمة الروحية الثالثة في دار الطائفة الدرزية. فأبدى قبلان تجاوباً مع هذا الطلب، علماً أن مثل هذه القمم تعقد في العادة مداورة.
القمة الروحية
وكانت القمة الروحية قد التأمت في دار الفتوى أمس حيث ألقى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني كلمة في مستهلها أكد فيها أن دار الفتوى "تشهد على وحدة العيش المشترك بين اللبنانيين وأن لا خوف من أحد على أحد". وقال إن "المسيحيين في لبنان هم دائماً على العهد مع إخوانهم المسلمين".
أما البطريرك الراعي فتمنى في كلمته ألا تؤدي حوادث سورية إلى حرب أهلية وألا تنتقل إلى لبنان وقال: "نحن لا نريد أن تكون هناك حرب أهلية في سورية". أضاف ان الديمقراطيات في العالم العربي أدت إلى الدمار والحروب الأهلية وهناك نموذج العراق وما حصل فيه من قتل وتهجير للمسيحيين".
وأعلن الراعي، وفق الكلمة التي بثتها "إذاعة القرآن الكريم" التابعة لدار الفتوى، انه "طلب مساعدة فرنسا لتقوية الجيش لنزع مبررات سلاح حزب الله، لأنه عندها فقط نستطيع القول لحزب الله إننا لم نعد بحاجة إلى سلاحك".
وأكد الراعي أخيراً أن "زيارته إلى أميركا رعوية، والبطريركية تفصل بين الدين والدولة، وأن السياسة متروكة لرجال السياسة".
بيان القمة ورفض الفتنة
وقد أكد البيان الذي صدر بعد الاجتماع على متانة العيش المشترك والتفاعل بين المسلمين والمسيحيين، وشدد على استقرار لبنان على ثوابت العيش المشترك ومرجعية الدولة والدستور، كما شدد على الوقوف سداً منيعاً في وجه كل المحاولات الخارجية التي تستهدف زرع الفتنة.
وأكد البيان على احترام كرامة الإنسان وحرياته الأساسية، موضحاً أن لبنان جزء من العالم العربي هوية وثقافة ومصيراً. وقال إن الحراك الجاري في البلدان العربية المطالب بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية يتيح فرصاً تقتضي الاستفادة منها حماية هذا الحراك ومنعه من الانزلاق إلى ما يتجه به اتجاهات تنحرف عن غاياته الأصيلة وتكون سبباً في إثارة الهواجس مع التأكيد على رفض كل أنواع التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية.
وقال إن لبنان القوي بوحدته الوطنية يلتزم رفض التوطين للاجئين الفلسطينيين ويتمسك بحقهم بالعودة إلى أرضهم عملاً بالقرار 194.
وأكد البيان العمل على تحرير بقية الأراضي اللبنانية والعربية المحتلة وتحرير المقدسات الإسلامية والمسيحية مما تتعرض له من انتهاك واعتداء، الأمر الذي يعتبر واجباً وطنياً وعربياً جامعاً وينسجم مع قرارات الشرعية الدولية. وهو يهيب بالأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
حردان لـ«البناء»
وفي دردشة مع رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، أكد لـ"لبناء" أن «الخطاب الانفتاحي الذي نشهده اليوم هو خطاب مسؤول يُعزّز مسار الوحدة الوطنية ويُعزّز الجمع بين اللبنانيين ويضعف الخطاب التصادمي والغرائزي لمصلحة الاستقرار الذي يُسقط الرهانات المجنونة على الخارج، ونحن نُحمّل أصحاب هذه الرهانات المسؤولية عما قد يحصل في لبنان لاحقاً».
وأكد النائب حردان لـ«البناء» أن «زيارة البطريرك الراعي إلى الجنوب والمناطق الأخرى تؤكّد أنه بطريرك الانفتاح، إذ حمل بكركي إلى مناطق لبنان بخطاب منفتح، واستمع في زياراته الرعوية إلى مواطنين من كل الانتماءات، وهذا ما يعزز الوحدة والتكامل والحوار، والشراكة والمحبة، بما يُطمئِن الجميع، وبالتالي فهذا الخطاب شهد للمحبة التي سمعها في الجنوب الذي قاتل دفاعاً عن لبنان، وأعطى التزاماً بالاستمرار بها، لأنه عندما تكون بوابة الجنوب ضعيفة تنهار بوابة لبنان، فمنها يستهدف العدو «الإسرائيلي» لبنان». وأضاف: «البوابة الجنوبية القوية تنعكس على كل لبنان، وزيارة البطريرك إلى الحدود الأمامية بخطابه الوحدوي أعطت هذه البوابة المزيد من المنعة».
وبشأن نظرته إلى لاجتماع دار الفتوى أمس، أكد حردان « نعتقد أن اجتماع دار الفتوى يصب في هذا السياق الانفتاحي، وتأكيداً لذلك، لم يهاجم البطريرك السنّة عندما تحدث عن التطرّف، وحتى السعودية عندما تلاحق التكفيريين والإرهابيين الذين يشكلون خطراً على المجتمع السعودي لا تستهدف السنّة، لذلك فالبطريرك لم يقصد طائفة معينة عندما تحدث عن التطرّف، بل قصد هؤلاء الإرهابيين والمتشددين الذين يمثّلون خطراً على السنّة أنفسهم، وعلى هذا الأساس نعتقد أن مؤتمر دار الفتوى هو مؤتمر تضامني يخدم الخطاب الانفتاحي والوحدة الوطنية وثوابت المنعة الداخلية والاستقرار.

عون: الأقليات في خطر
في هذا السياق، أكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل "أن الاقليات في سورية بخطر وهذا الامر اقر به الاميركيون الذين هم من سبّب المشاكل"، لافتا الى ان "البطريرك الراعي تكلم عن واقع معين ولم يتخذ موقعا سياسيا"، متمنيا ان "يلتزم كل واحد حده". وانتقد كلام سمير جعجع بهذا الخصوص وقال "من أين اخترع جعجع قصة الأقليات؟".
وعن الموقف الاميركي من البطريرك الراعي ورفض تحديد مواعيد له في واشنطن، تساءل: "هل هم رفضوا او هو رفض الذهاب بشروط؟"، لافتا الى أن " مواقف الراعي فيها توصيف لواقع معين ولا تعبر عن موقف سياسي"، معتبرا أن " الحرب ليست دينية لكن الاقليات تُضرب والمشروع القائم وضع الجميع بخطر ونرى ما يحصل في العراق".
ورداً على سؤال عن تأكيد الرئيس ميقاتي في مجلس الأمن من أن لبنان يلتزم تنفيذ القرارات الدولية بتمويل المحكمة قال: إن الرئيس ميقاتي وشقيقه يمتلكان 5 مليارات دولار، ولا يمنع أن يدفع منهم مبلغ 35 مليون دولار للمحكمة.
 
جلسات مجلس الأمن حول "دولة فلسطين"
في هذا الوقت، تتواصل الاجتماعات والمداولات في مجلس الأمن الدولي حيث يرأس لبنان بشخص رئيس الحكومة جلسات المجلس لكونه رئيسه الدوري هذا الشهر حول طلب السلطة الفلسطينية الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة في ظل تمسك الإدارة الأميركية بموقفها الرافض لهذا الطلب إرضاء لحليفتها "إسرائيل" وهي تبقي "الفيتو" سيفاً مصلتاً فوق جلسات مجلس الأمن والمسعى الفلسطيني لتأمين تصويت تسعة أعضاء من أصل 15 عضواً إلى جانب طلب عضوية دولة فلسطين.
كلمة ميقاتي
وقد ألقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلمة أمام مجلس الأمن أكد فيها أن فلسطين تفي بجميع المعايير المطلوبة لاعتبارها دولة بموجب القانون الدولي، من شعب وأرض وحكومة وقدرة على إقامة علاقات مع الدول الاخرى، ولكن فلسطين دولة محتلة، وعليه يكون لزاماً علينا أن نساند جهود دولة فلسطين وشعبها في إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال وعودتهم الى أرضهم".
وأشار الى أن "المفاوضات لا تزال تصدم بسلبية "إسرائيل" وتعنتها"، مشددا على أن "أخطر ما يهدد مستقبل السلام على أرض فلسطين هو ما تمارسه "إسرائيل" من انتهاكات للقانون الدولي ولقرارات الامم المتحدة".
وجدد تأكيد التزام لبنان القرارات الدولية بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية، ومؤكدا تمسك لبنان بحقه في ترسيم حدوده البحرية.
وشدد ميقاتي على أن لبنان، وإزاء ما تعيشه سورية من أحداث اليوم، يهمه أن يؤكد مجدداً حرصه على وحدة أراضيها وشعبها وأمن جميع أبنائها وسلامتهم.
وكلمة المعلم في الأمم المتحدة
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد تحدث في وقت سابق، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث ألقى كلمة مطولة عن الوضع داخل سورية، مؤكداً أن سورية تمسكت وبشكل صارم بالسيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني.
وأوضح أن المشكلة التي تتعرض لها سورية لها وجهان: الوجه الأول هو أن البلاد بحاجة الى إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، والوجه الثاني ما تتعرض له حالياً من استغلال الحاجات والمطالب الشعبية.
وشدد المعلم على المضي في الإصلاحات، وأوضح أن استهداف الاقتصاد السوري بفرض العقوبات التي اتخذت من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو إضرار بمصالح الشعب السوري ومعيشته.
وأكد تصميم الشعب السوري على رفض كل أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية ومواصلة العمل على تحقيق الأمن والاستقرار وتنفيذ برنامج الإصلاحات الشامل عبر الحوار الوطني حتى تصبح سورية خلال بضعة أشهر نموذجاً للتعددية السياسية.
وأكد المعلم من جهة أخرى، أن التوجه إلى المجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس هو أمر مشروع ويشكل خطوة إيجابية على الطريق لاسترجاع الحقوق الفلسطينية كاملة".
موقف مبهم للعربي!
وفي الشأن السوري أيضاً، تحدث الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بشكل مبهم عن سورية ما طرح علامات استفهام حول الدور السلبي الذي تلعبه الجامعة في دفع الوضع داخل سورية نحو التأزم وحتى الدفع باتجاه الضغوط الأميركية والغربية. ورأى العربي أن الرئيس الأسد وعده بأنه سيجري الإصلاحات اللازمة، ومَرَّ شهران ونصف الشهر ولم تجر الإصلاحات اللازمة! موضحاً أن الوزير المعلم أبلغه بأنه جرى البدء بالإصلاحات، معتبراً أن "خلافات عربية ـ عربية في الشأن السوري هي التي توقف اتخاذ موقف"؟
أردوغان والعزف على اللحن الأميركي
وبدوره، واصل رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان "العزف على اللحن نفسه" الأميركي والغربي تجاه سورية في محاولة مكشوفة لإظهار نفسه على أنه إلى جانب جهات طائفية معينة. وزعم أردوغان أن مفتاح سورية بيد إيران، مدعياً "أن طهران هي العامل الوحيد في مد عمر سلطة الرئيس الأسد".
وأبدى أردوغان اعتقاده بأن سورية لا تقف وراء تصاعد العمليات الإرهابية داخل تركيا. وأضاف: إذا لجأ أعضاء من حزب العمال الكردستاني إلى سورية وبدأوا هجماتهم الإرهابية من هناك، آنذاك سيكون هذا التطور مصدر قلق لدمشق.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "ميللييت" التركية ان اردوغان حذّر طهران خلال لقائه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في نيويورك من "استمرار دعمها لدمشق"، محذراً مما وصفه بـ "تعميق الشرخ السني ـ العلوي في المنطقة"!
.. وضبط كميات كبيرة من السلاح
وعلى الصعيد الأمني، ذكرت "سانا" أيضاً ان "الجهات المختصة ضبطت في محافظة حمص فجر أمس سيارة من نوع بيجو 404 محملة بكميات من الأسلحة بينها أسلحة "إسرائيلية" وعبوات ناسفة وذخائر وبدلات عسكرية مسروقة في شارع الزير في حي الخالدية".
وذكر مصدر عسكري لمراسل "سانا" في حمص أنه أثناء تفتيش السيارة عثر بداخلها على رشاش آلي "إسرائيلي" الصنع و 6 قنابل يدوية هجومية ودفاعية بينها قنبلة "إسرائيلية" الصنع ومجموعة من العبوات الناسفة اثنتان منها مجهزتان للتفجير عن بعد تزن إحداهما 5 كغ والثانية 5ر3 كغ إضافة الى أربع عبوات ناسفة تزن كل منها 2 كغ.
ولفت المصدر الى أن متابعة المجموعات الإرهابية المسلحة في حمص أسفرت عن إلقاء القبض على مجموعة من المطلوبين ولا تزال التحقيقات جارية للكشف عن عناصر أخرى متوارية.
وفي درعا، ضبطت الجهات المختصة صباح أول من أمس كمية من الأسلحة والذخائر والعتاد العسكري كانت موضوعة في براميل بلاستيكية وخزان ماء معدني في حديقة أحد المنازل وسط بلدة نصيب الواقعة على الحدود الأردنية السورية في محافظة درعا.
كما عثرت وحدات الهندسة صباح أول من أمس على عبوة ناسفة بالقرب من دوار البانوراما المحاذي للمدينة الرياضية بالقرب من جامعة درعا حيث يتواجد مئات الأشخاص يومياً.
وتحريض لقنوات الفتنة
في المقابل، لم تتوقف القنوات الفضائية المرتبطة بالخارج والتي تعمل لمصلحة جهات مشبوهة مثل "الجزيرة" و"العربية" عن بث الأخبار الكاذبة والترويج لحصول أعمال عنف وقمع، فادعت قناة "العربية" نقلاً عمن يدعون أنفسهم بأنهم "ناشطون حقوقيون" أن القوى الأمنية اقتحمت قصر العدل في دير الزور. كما ادعت نقلاً عن "ناشطين" أيضاً سقوط قتلى وجرحى في معارك في مدينة الرستن، زاعمة أن الجيش السوري قام باقتحام المدينة بالدبابات والمروحيات! 

السابق
اللواء: القمة الروحية…توازنات في التفاهمات والخلافات
التالي
كيف ينظر المسلمون إلى كلام جعجع؟