ليست خطوة صغيرة

بعض الصحافة الغربية وصف قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز إعطاء السعوديات حقوقهن السياسية، بأنه «خطوة صغيرة»، وسأل بعد هذا الوصف «لماذا لا تقود النساء السيارة».

الخطوة ليست صغيرة، والصحافة الغربية لم تفهم أبعاد القرار، ونظرت الى المسألة من زاوية ان مجلس الشورى غير منتخب، فضلاً عن أن الصورة التي رُسِمت عن هامشية دور المجلس في الحركة الاجتماعية، عززت هذا الاعتقاد، رغم ان المجلس بات اليوم يلعب دوراً مهماً في حياة السعوديين، وأصبح يتدخل في صوغ أنظمة كثيرة، ودوره يتسع مع الوقت.

القضية الأهم التي فاتت الصحافة الغربية هي أن القرارات التي أعلنها الملك عبدالله الأحد الماضي، كانت فتوى دينية مدعومة بقرار سياسي، وهنا الفرق. ومن يقرأ تاريخ حقوق المرأة في العالمين العربي والإسلامي سيجد ان دولاً كثيرة عرفت تجارب ديموقراطية في وقت مبكر، لكنها ظلت تتجاهل حقوق المرأة. ولعل الكويت أبرز مثال، فالحياة البرلمانية فيها التي مضى عليها اكثر من ثمانين سنة، لم تعترف بالحقوق السياسية للمرأة إلا قبل سنتين، فضلاً عن أن دولاً مثل الأردن واليمن، وحتى لبنان، بقيت المرأة فيها تتمتع بنصف اعتراف، بسبب نظرة المجتمعات التي تتعامل معها عبر تقاليد مستندة الى فتاوى دينية.

اليوم تغيّر الوضع. السعودية بموقعها الديني، وباعتبارها مركز «السلفية» التي غالباً ما توصف بأنها الأكثر تشدداً في إعطاء المرأة حقوقها، قالت نعم لهذه الحقوق، واتخذت القرار استناداً الى فتوى من هيئة كبار العلماء. ولهذا فإن النظر الى الخطوة التي اتخذها الملك عبدالله، من زاوية دور المجالس البلدية، ومجلس الشورى، أو غياب المرأة عن مقود السيارة، قراءة قاصرة، وإن شئت خاطئة.

صحيح أن الجانب العملي، أو التطبيقي لهذا القرار يبدو الآن عادياً، في نظر بعضهم، لكن الحقيقة تقول إن القرار خطوة دينية وثقافية وحضارية كبيرة، وأثرها لن يظهر اليوم أو بعد سنة، وهو أكثر عمقاً وتأثيراً من قضية قيادة السيارة والتي نفخت فيها الصحافة الغربية وصدقت حجمها. فالقرار سيعاود، على المدى البعيد، صوغ المفاهيم التي استندت الى فتاوى دينية، وسيصبح مع الوقت قاعدة لتطوير حقوق المرأة والاعتراف بوجودها في كل الميادين والصعد.  

السابق
تعلّموا من حزب الله!
التالي
الانباء: بري مستقبلاً سليمان والراعي في المصيلح: نحذّر من تمويل وتسليح الاحتجاجات السورية