تركيا.. حضور.. ودور.. وتحد

 تعتبر تركيا من الدول التي تمتلك عناصر القوة الوطنية الشاملة حيث يصل عدد سكانها الى اكثر من 75 مليون نسمة اضافة الى نمو اقتصادي كبير ومساحة جغرافية هائلة تصل الى 1,680 مليون كم2 وموارد مائية هائلة وقوات مسلحة محترفة وحليف قوي للناتو واسرائيل رغم الخلافات الحالية.

اما العنصر القوي في تركيا فهو حزب العدالة الذي يقوده رجب اردوغان منذ عام 2003هذا الحزب الذي يحكم تركيا بائتلاف واحد ويوازن بين جذوره الاسلامية وبين متطلبات العلمانية مع الانفتاح على معظم دول الاقليم وخصوصاّ دول الشرق الاوسط التي تمر بتحولات وثورات شعبية.

تحاول تركيا استغلال هذه التحولات والظهوركلاعب رئيسي واقليمي انطلاقاّ من مصالحها فهي تقدم نفسها بقوة من خلال شخصية اردوغان الذي يقوم بجولات اقليمية اثارت حفيظة بعض دول الاقليم حيث تحاول تركيا تصفير المشاكل مع جيرانها حيث لعبت دور الوساطة بين سوريا واسرائيل قبل سنتين واليوم تحاول الضغط على اسرائيل للاعتذار بعد حادثة اسطول الحرية.

تنطلق الدبلوماسية في الاقليم من عدة ابعاد: البعد الجيوسياسي بعد سقوط العراق وعزل ايران بسبب سياساتها النووية اضافة الى محاولة التدخل في سوريا بما يخدم المصالح التركية والملفت للنظر ان تركيا حذرت ايران قبل ايام بعدم دعم سوريا.

والبعد الاخر هو البعد العسكري وهذا واضح خلال التلويح بالاستعراض في البحرالابيض المتوسط بسفن حربية ترافق السفن المتجهه الى غزة مستقبلاّ

اما البعد الاقتصادي فهو الاهم حيث تنظر تركيا الى المساهمة في اعمار ليبيا وتقديم مساعدات مصر وتونس والصومال والسودان لاْن تركيا تمتلك القدرة والخبرة في المجال الاقتصادي والتجاري واعتقد ان تركيا هي الدولة القادرة على منافسة وتحدي اسرائيل اقتصاديا في القارة الافريقية التي اصبحت جاذبة للاستثمارات الغربية اضافة الى ان تركيا تشكل تحديا عسكرياّ لاسرائيل في البحر المتوسط وخصوصاّ بعد التوترات الاخيرة بينهما ولكن هذا التحدي لن يرتقي الى مستوى التهديد لان العلاقات والتحالفات الاسرائيلية التركية راسخة وقوية ومضى عليها اكثر من 70 عاماّ كما ان تركيا من اوائل الدول التي اعترفت باسرائيل واقامت معها علاقات منذ عام 1955.

ان مبادرات الوساطة والحضور التركي في الاقليم واضحة وحققت امتيازات كبيرة ومتعددة وخصوصاّعلى المستوى الشعبي في الشارع العربي اما على المستوى الاقليمي والدولي فان تركيا مستمرة في التقارب والتعاون مع القوى الخارجية مثل الاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي ولكن الامور تغيرت بعد ثورات الربيع العربي وغياب معظم دول الاعتدال مما يجعل من تركيا دولة محور وارتكاز للشرق والغرب وخصوصاّ في مجالات الاقتصاد والسياسة والامن الاقليمي.

 

السابق
نقاط القوة والضعف في خيار أيلول
التالي
خيوط المؤامرة تتساقط بسرعة والعقوبات الدولية فقدت فعاليتها