رؤساء العرب: شر البلية ما يضحك!

البلاء الذي أصاب عالمنا العربي بلاء عظيم، وهذا البلاء يتمثل برؤساء وحكام ذوي مواصفات وتصرفات وتصريحات عجيبة غريبة، فمنهم من يضحك ويبكي في نفس اللحظة، ويقود هذه الفئة المخلوع معمر القذافي فأنت عندما تستمع لخطاب من خطاباته ينتابك الضحك وحتى القهقهة من كلامه أولا ومصطلحاته ثانيةاوتعابير وجهه إن كان الخطاب متلفزا أو تعابير الشاشة التي تتأثر بخطابه إن كان الخطاب عبر الهاتف.
فما أعجب ملك ملوك أفريقيا وعميد الرؤساء العرب وزنجة زنجة وقائد الثورة منذ أكثر من أربعين عاما وأبو السيوف وقهقهته عندما سئل هل سيغادر ليبيا، لقد رأيت وسمعت قهقهة لم أر ولم أسمع مثلها من قبل، أقرب وصف لها أنها قهقهة صفراء خبيثة وحتى عباراته الغريبة باللغة الإنكليزية التي تحدث فيها عن أن شعبه يحبه ومستعد للموت من أجله، بدليل أنهم يموتون يوميا ولكن ليس من أجله بل من أجل التخلص منه.
تحتاج من يترجمها من الإنكليزية القذافية إلى الإنكليزية البريطانية أو الأمريكية قبل أن تترجم إلى لغة ثالثةن ومن غرائبه المضحكة عندما يطلب من الذين يحبونه بالخروج والانطلاق إلى الأمام، فيجعلني أضحك وأقول ها هم قد سمعوه ودخلوا إلى البيوت وتراجعوا إلى الخلف، هذا جانب مما يضحك. أما ما يؤلم ويبكي فهو الفجور والظلم والإرهاب الذي يتوعد ويهدد به شعبه وينفذه، فهو صادق في وعيده، لقد توعد بأنهار من الدم ولم يقصر فإلى متى سيبقى الشعب الليبي الشقيق مضطرا للتعامل مع شخص مجنون لا يحسب أي حساب لدماء تسفك ولحرمات تستباح.

إن مظهر القذافي الهزلي والمضحك ليس مظهــــرا عبثيا، وإنما مظهر مدبر وجنون مصطنع، الغرض منه إخافة شعبه وزرع الحــيرة في عقلية كل من يفكر في التعامل معه، حتى المظهر الكوميدي والتصرفات الكوميدية هي تصرفات مصطنعة، الغرض منها تغليف شخصية القذافي بنوع من الغموض يجعل التصرف معه بطرق تقليدية تصرفا غير مجد وقد نجح القذافي بهذا الأسلوب بالبقاء أكثر من غيره من الرؤساء العرب.
والرئيس اليمني صالح هو الرجل الثاني ضمن هذه المجموعة، فهو صانع الوحدة والآتي بما لم يأت به الأوائل، وتيس الضباط والكثير الكثير من الألقاب، ولكن ليس له مظهر مميز كالقذافي، ولا يعتمد على المظهر فمظهره شبيه ببقية الرؤساء، ولكن خطاباته أخطر من خطابات القذافي بكثير وإن كانت في هذه الأيام وتحت ضغط تسارع الأحداث بدأت تفقد حبكتها ورزانتها، فكيف للرئيس صالح المعروف بذكائه في اختيار كلماته وحبك خطاباته أن يتهم أمريكا بأنها من تقف وراء تحركات الشعوب العربية، وأنها تدير هذه التحركات من داخل تل أبيب، خصوصا أنه قال هذا الكلام داخل جامعة صنعاء وأمام شريحة يستحيل أن تصدق مثل هذا الكلام، وكان الأجدر بالرئيس صالح أن لا يقول هذا الكلام على الإطلاق وأن يظل يتحدث عن الوحدة والأمن والامان، كما هي عادته، وإن كان لا بد من الحديث عن أمريكا وإسرائيل فكان يكفي أن يتكلم بهذا الخطاب أمام مجموعة من الناس العاديين البعيدين عن السياسة والثقافة، وأكثر ما يفهمونه لقمة العيش، كأن يتحدث في هذا الأمر أمام جمع من أبناء القرى ممن هم أكبر من الستين في العمر ولكن لا لوم على الرئيس، فالأحداث متسارعة وتفقد كثيرا من الأشخاص الأذكياء وغير الأذكياء التركيز والإجادة.
 
أما الفئة الثانية فهي فئة الذين يبكون شعوبهم دائما وليس لهم القدرة على أن يضحكوهم وأمثال هؤلاء، الراحلين بن علي وحسني مبارك، ولأنهم يتعاملون مع شعوبهم بنسق واحد ولا يجيدون أسلوب التنفيس والمداعبة للجماهير فقد كانت جماهيرهم بدرجة كبيرة من الاحتقان لم تسمح لرؤسائها بالمناورة أو اللعب.
أما الفئة الثالثة فهي الفئة التي تبكي وتسعد فئة الملوك الذين يتكلمون بالدولارات والوظائف والهبات، فكلما ضاقت بهم شعوبهم أدخلوا أياديهم إلى جيوبهم وأخرجوا قلما وورقة وأمروا بصرف مساعدات وتوظيف الآلاف وإنشاء مئات المشاريع، وتهدأ الساحة قبل غروب شمس ذلك اليوم وفي حالة المطالبة بإصلاحات سياسية فلا بأس بإنشاء مجلس شورى يشيد بإنجازات الملك والسلطان ويدعو لهم بطول العمر وتمام العافية. 

السابق
الراعي: انسوا ما صدر من اجتزاءات ربما متعمّدة
التالي
طريق الثورة الشائك