السفير: أوروبـا تشـدّد لهجتـها ضـد سـوريا وتفـرض حظـراً نفطيـاً … مؤجـلاً

واصلت الدول الغربية إجراءاتها التصعيدية ضد دمشق، حيث أقر الاتحاد الأوروبي، أمس، حظراً على واردات النفط السوري بسبب استمرار «قمع حركة الاحتجاجات»، لكنه أجل، وتحت ضغط إيطالي، إلى 15 تشرين الثاني المقبل وقف تنفيذ العقود النفطية الراهنة. ووسع الاتحاد العقوبات لتشمل سبعة أفراد وكيانات سورية جديدة.
في هذا الوقت، مع تزايد الحديث والتحركات من اجل محاولة لملمة صفوف المعارضين على ألوانهم، أعلنت باريس عن رغبتها في «تطوير» اتصالاتها مع المعارضة، فيما أعلن نشطاء «مقتل 16 شخصاً بنيران القوات الأمنية خلال تظاهرات جمعة الموت ولا المذلة». وأعلنت دمشق مقتل «ثلاثة من عناصر قوات حفظ النظام، وإصابة عدد آخر بنيران مجموعات إرهابية، بالإضافة إلى مقتل أربعة إرهابيين».
وقال وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في مقابلة مع وكالة انباء الشرق الاوسط في باريس، إن «موقف مصر واضح في هذا الصدد وسبق أن تم التأكيد عليه، بأنه لا يوجد حل عسكري أو أمني للأزمة وأن سفك الدماء يجب أن يتوقف وأن الحوار بين كافة الأطراف هو الحل الوحيد».
وجددت موسكو وبكين معارضتهما للتدخل الأجنبي في الشأن السوري وضرورة «وقف العنف». وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، بعد اجتماع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والسفير الصيني في موسكو لي هواي، إن «الطرفين أكدا على موقف دولتيهما المبدئي الرافض لأي تدخل أجنبي في الشؤون السورية، وعلى ضرورة وقف العنف في البلاد بشكل كامل واتخاذ خطوات عاجلة لتحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية اللازمة، وإجراء حوار وطني واسع من أجل إعادة السلام والوفاق إلى البلاد بأسرع ما يمكن».
وأعلن الاتحاد الأوروبي، في بيان بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في مدينة سوبوت البولندية، أنه «بالنظر إلى خطورة الوضع في سوريا، قرر تشديد العقوبات بحق هذا البلد وفرض حظر على واردات النفط السوري إلى الاتحاد الأوروبي». وأوضح أن «الحظر يشمل شراء واستيراد ونقل النفط ومواد نفطية أخرى مصدرها سوريا».

وأضاف البيان إن الاتحاد الأوروبي قرر أيضا توسيع عقوباته في مجال تجميد الأرصدة وحظر منح تأشيرات لتشمل أربعة أشخاص وثلاث شركات، لافتاً إلى أن قرار حظر الأسلحة المطبق منذ 9 أيار الماضي لا يزال سارياً. وقالت مصادر دبلوماسية إن الأشخاص الأربعة الذين شملتهم عقوبات الاتحاد الأوروبي هم رجال أعمال متهمون بتمويل النظام السوري، موضحة أن بين الشركات الثلاث مصرفاً.
وقالت مصادر دبلوماسية إن الحظر لن يدخل حيز التنفيذ إلا في 15 تشرين الثاني المقبل بالنسبة إلى العقود النفطية الراهنة. ومن المقرر أن يصدر القرار اليوم في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
وحصلت إيطاليا على ترتيب خلال المفاوضات، بحيث يمكن لعقود الشحنات الجارية الموقعة من قبل الشركات النفطية الأوروبية مع سوريا وشركتين تخضعان للدولة (سيريا بتروليوم وسيترول)، أن تبقى قائمة حتى 15 تشرين الثاني. في المقابل، تقرر إرجاء الخيار التكميلي إلى وقت لاحق والمتعلق بحظر أي استثمار أوروبي في قطاع النفط السوري. وهذه الإمكانية جزء من مروحة جديدة من العقوبات الإضافية قيد الدرس والتي بدأت بشأنها محادثات على خط مواز بين الدبلوماسيين في الدول الأعضاء الـ27 في بروكسل.
وعقوبات أمس هي الأولى التي يستهدف فيها الاتحاد الأوروبي قطاع النفط في سوريا، لكن محللين يقولون إن العقوبات لا تصل إلى حد حظر الاستثمارات الذي فرضته الولايات المتحدة. وشركات مثل «رويال داتش شل» الانكليزية ـ الهولندية و«توتال» الفرنسية من المستثمرين الرئيسيين في سوريا. يشار إلى أن دمشق تصدر 150 ألف برميل يومياً فقط من بين نحو 400 ألف برميل تنتجها. ومعظم الصادرات تذهب إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا. وقال المتحدث التجاري باسم الاتحاد الاوروبي، جون كلانسي، إن سوريا جنت 4,4 مليارات دولار من بيع النفط الى أوروبا عام 2010.
ودافع وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني عن طلب روما فترة سماح، مشيراً الى انه يجب على الشركات الايطالية ان تتكيف مع الموضوع. وقال «انه طلب تقني»، مضيفاً «إن ايطاليا تستورد 30 في المئة من الصادرات النفطية السورية لأوروبا. نحتاج الى اسابيع للالتزام بهذه العقوبات التي ندعمها».
واعتبر وزير الخارجية الفنلندي، اركي تيوميويا، أن مثل هذا التأخير يضعف من تأثير العقوبات. وقال «أشعر ان الوقت تأخر جداً..اذا كنا جادين فيجب ان نتخذ اي خطوات بشكل فوري».
وجادل وزير الخارجية الهولندي اوري روزنتال قائلا إن العقوبات ستمارس ضغوطاً حقيقية. وقال «ستصل إلى قلب النظام مباشرة. سيؤدي هذا إلى الضغط على النظام»، لكنه أضاف ان المطلوب هو قرار من الامم المتحدة واتخاذ موقف مشدد تجاه الأسد من قبل الجامعة العربية، فيما قال نظيره السويدي كارل بيلدت إن الإجراء «سيكون له تأثير فعلي». وقال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي «الرئيس الأسد يرتكب مذابح في بلاده. المجتمع الدولي بأسره يدعوه إلى التخلي عن السلطة».
وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله، الذي كانت بلاده تستورد حتى الآن القسم الأكبر من النفط السوري الذي يشتريه الاتحاد الأوروبي، «الهدف هو عزل النظام ودفعه إلى البدء بحوار مع المعارضين».
وأكد نظيره الفرنسي آلان جوبيه ان الاتحاد الأوروبي «يظهر عبر هذه الرزمة السادسة من العقوبات تصميمه في مواجهة السلوك غير المقبول للقادة السوريين»، واعداً بمواصلة الضغط على سوريا «وخصوصا في إطار الأمم المتحدة».
وكان جوبيه قال، في المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا في باريس، «سنطور اتصالاتنا مع المعارضة» السورية، مؤكداً انه «في سوريا لن نوفر جهودنا للتوصل الى إنهاء القمع وبدء حوار ديموقراطي». ولم يوضح كيفية تطوير الاتصالات مع المعارضة السورية، كما لم يوضح هوية الشخصيات المعارضة التي سيتم الاتصال بها.  
وأضاف إن «هدفنا هو الحصول في مجلس الأمن على قرار يدين استخدام العنف ضد السكان ويبلور نظاماً من العقوبات. إنها معركة صعبة لكننا لن نستسلم». ودعا الى «استخدام الأداة الفاعلة لعقوبات الاتحاد الاوروبي في شكل افضل، ما يتيح معاقبة النظام السوري حين لا يتمكن مجلس الامن من ذلك»، معتبراً أن هذه الأداة مارست «ضغطا كبيرا على البرنامج النووي الايراني وساهمت في العزلة المالية لنظام (معمر) القذافي».
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، لهيئة الاذاعة البريطانية، ان الدول العربية اقل استعداداً للتحرك مثلما كانت في حالة ليبيا، لكنه أضاف أنه لمس لهجة أكثر تشدداً ضد الأسد أثناء مناقشات مع زعماء عرب في اجتماع «اصدقاء ليبيا» في باريس امس الاول. وقال «أعتقد أن موقفهم يشتد لأنهم أدركوا أن ما يفعله، أمر مروع». وأضاف «يدركون أنه كانت أمامه فرصة لإظهار أنه يؤيد الاصلاح، وأنه لم يفعل ذلك البتة».
ميدانيات
ميدانياً، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان «مقتل 16 شخصاً في جمعة الموت ولا المذلة». وذكر إن «ثمانية أشخاص قتلوا برصاص رجال الأمن أثناء تفريق تظاهرات في مدن عربين وكفربطنا ودوما وحمورية» في ريف دمشق. وأضاف «كما قتل خمسة أشخاص في منطقة حمص، وثلاثة في دير الزور».
وتابع المرصد انه «يجري إطلاق نار كثيف في حي باب السباع في حمص على كل من يتحرك أو يخرج من منزله من الحواجز المحيطة»، لافتاً إلى «تجدد إطلاق النار في بلدة تلبيسة من الجهة الشمالية من جهة الحاجز وبشكل عشوائي وكثيف على المنازل». وذكر أن «القناصة انتشروا في المنطقة الواقعة بين شارع الحمرا والغوطة في مدينة حمص، حيث خرجت تظاهرتان في احياء الوعر والخالدية وصل عدد المشاركين فيهما إلى نحو 40 ألف شخص».
وأشار نشطاء إلى «تظاهرات حاشدة في مناطق في دمشق وريفها، وريف حماه وحمص ودرعا وريفها».
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «ثلاثة من عناصر قوات حفظ النظام قتلوا، وأصيب عدد آخر بنيران مجموعات إرهابية مسلحة هاجمت حواجز هذه القوات في حمورية وعربين وتلبيسة». وأضافت «كما قتل أربعة من المسلحين خلال رد الأجهزة المختصة على عناصر تلك المجموعات الإرهابية بعد اعتدائها على حواجز قوات حفظ النظام في المناطق الآنفة الذكر».
وأضافت «شهد عدد من المناطق في حمص وريف إدلب عقب صلاة الجمعة تجمعات للمواطنين انفضت من تلقاء نفسها». وأشارت «سانا» الى ان «مجموعة إرهابية مسلحة في مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب قامت باختطاف النقيب وائل العلي من قوى الأمن الداخلي واقتادته إلى جهة مجهولة». 

السابق
قلب العرب على سوريا وقلب الأسد على السلطة
التالي
ميقاتي وتبادل رسائل مباشرة ومبطنة