اللواء: نصر الله يربط استقرار لبنان بتطوّرات الأزمة في سوريا

بصرف النظر عن مصير خطة الكهرباء التي يربط وزراء تكتل الاصلاح والتغيير مصيرهم بها، وبصرف النظر عما اذا كانت تبحث في ما وراء الكواليس، فإن الثابت ان الحدث السوري المرتبط بمسار الاحداث العربية الاخرى، بات المحرك الرئيسي لمسار السياسات الداخلية والخلافات، وربما العنصر الابرز لتقرير مصير الحكومة، بالاضافة الى الترابط مع تداعيات القرار الاتهامي الذي يعمق هوة التباعد بين <حزب الله> وتيار <المستقبل>·

فبعد الموقف الايراني الاخير من الازمة السورية الذي عبر عنه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، والمساعي التي قام بها امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والتي يبدو انها لم تتقاطع مع الموقف الايراني بما يؤسس لمبادرة، عزز انعدامها موقف وزير الخارجية التركي احمد داوود اوغلو الذي اختار الانحياز للشعب السوري وليس للحكومة، دعا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى وجوب <ان نقف جميعاً مع سوريا حتى لا تتنازل وتبقى في موقعها القومي وتتمكن من تحقيق الاصلاح بثقة وطمأنينة وهدوء وتعاون وحرص على الوحدة الوطنية>، محذراً من يساعد من لبنان على توتير الاوضاع في سوريا ويرسل السلاح ويحرض بقوله: <هؤلاء لن يبقوا لان لبنان لن يبقى بمنأى، والتطورات في سوريا ستطال المنطقة كلها، وأي تطور سلبي سيطال المنطقة كلها، واي تطور ايجابي سيكون لمصلحة المنطقة كلها>، مطالباً اصدقاء سوريا <العمل على تهدئة الاوضاع، ودفع الامور الى الحوار والمعالجة السلمية>·
واتهم نصر الله اطرافاً في لبنان تعمل لصالح الخارج وتساعد في آلية تديرها اميركا واسرائيل لضرب معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وتفكيكها، وتدبير فتنة بين المقاومة وشعبها، وفتنة بين الجيش والمقاومة، قائلاً <ان كل من يحرض على المقاومة والجيش يخدم اسرائيل من حيث يعلم او لا يعلم>، مواصلاً <هجومه على المحكمة الدولية>، معتبراً ان كل ما يصدر عنها لا قيمة له، في اشارة الى القرار الاتهامي، واصفاً <المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأنهم <مظلومون>·

وفي تقدير مصادر سياسية ان دفاع نصر الله القوي عن النظام السوري، واتهام قوى 14 آذار بالعمل لخدمة اسرائيل، وإن لم يتهمها صراحة بالعمالة، من شأنه ان يزيد من حدة التجاذب السياسي الحاصل بين الحزب وهذه القوى، والذي اشتدت وتيرته بعد نشر القرار الاتهامي، وتوقعت هذه المصادر ان يكون لكلام نصر الله مزيد من ردود الفعل·
وكان رئيس كتلة <المستقبل> النيابية الرئيس فؤاد السنيورة قد استبق خطاب نصر الله، باتهام الحزب بحماية المتهمين الاربعة ورفض تسليمهم الى السلطات اللبنانية، لافتاً، خلال ندوة صحافية عقدها في صيدا، بعيد عودته فجراً من زيارة إلى تركيا مع عضو الكتلة النائب نهاد المشنوق، إلى أن من يُؤكّد أن المقابلة التي أجرتها مجلة <تايم> الأميركية مع أحد المتهمين، بأنها لم تجر، معنى ذلك انه على صلة ومعرفة بهؤلاء المتهمين الذين أكدوا ان المقابلة لم تجر، وبذلك اثبتوا انهم لا يريدون التعاون مع المحكمة وانهم يخالفون القانون، داعياً إلى أن هناك منبراً لكل من يريد ان يوجه انتقادات واتهاماته، وهو المحكمة·
وأوضح الرئيس السنيورة أن جولته الأخيرة في المنطقة والتي شملت الكويت والمملكة العربية السعودية وقطر والامارات وتركيا، تناولت الظروف الدقيقة التي تعيشها المنطقة العربية، والتي بدأت مع فجر الربيع العربي، مشيراً إلى انه لمس من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود اوغلو اهتماماً كبيراً بما يجري في المنطقة والتزاماً بالمسار الذي طالما دافعوا عنه، وهو مسار اعتماد الوسائل السلمية في معالجة الأمور، مؤكداً ان وجهات النظر كانت متطابقة حيال رفض استعمال العنف في سوريا، وضرورة سحب الجنود وعدم استعمال الجيش لمقاومة المواطنين والتعامل مع الناس بطريقة تؤدي الى القيام بالاصلاحات التي تحتاجها سوريا·
وتطرق الرئيس السنيورة، في ندوته الصحفية إلى موضوع الكهرباء، الذي بات جزءاً من التجاذب السياسي، أقله إلى حين عودة مجلس الوزراء إلى الالتئام مجدداً في السابع من أيلول المقبل، ملاحظاً أن الصورة التي يحاول وزير الطاقة جبران باسيل ان يرسمها خاطئة وليست صحيحة، مشيراً إلى أن الوزير المذكور حاول أن يصور انه وفريقه يريدان الكهرباء، وان الفريق الآخر من اللبنانيين لا يريد الكهرباء، معتبراً ذلك تجنياً حقيقياً وخطيئة وخطأ، داعياً اياه إلى ان يقدم مشروعاً إلى الحكومة وليس اقتراحاً من ورقتين يقول فيه انه يريد من الحكومة ان تعطيه مبلغ 1200 مليون دولار للقيام ببناء محطات انتاجية بـ700 ميغاوات، نريد مشروعاً واضحاً تتبين فيه كل الخطة التي يريد ان يقترحها على مجلس النواب ليأخذ منه التفويض لتتولى الحكومة تنفيذ المشروع·

وقال: <لدينا قانون وعليه أن يطبقه، ومن ضمنه إنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء، وعلى الحكومة أن تعمل سريعاً لتعيين هذه الهيئة التي تفتح افاقاً إضافية من أجل التعامل والتعاون مع القطاع الخاص في عملية توليد الطاقة·
ولاحظ أن باسيل يريد تمويل المشروع عبر الخزينة اللبنانية، وفي ذلك خطآن كبيران، فالتمويل من الخزينة يعني أنه سيقترض بمعدلات تصل إلى 8 أو 9 بالمئة ولفترات قصيرة، بينما التمويل المتاح من الصناديق العربية والبنك الأوروبي للاستثمار هو في معدل 2.5 في المائة، أي أن القرض على 1200 مليون دولار سيكلف الخزينة في الحد الأدنى ما لا يقل عن 70 مليون دولار زيادة غير مبررة·

أما الخطأ الثاني، فهو أن باسيل لا يريد أن تكون هناك رقابة على عمله، لأن الصناديق العربية والدولية تواكب الحكومة في عملها وفي عمليات التلزيم للمحافظة على سلامة المشروع وشفافيته·
ومهما كان من أمر، فإن الأيام المقبلة على صعيد أزمة الكهرباء، تبدو ميتة، بفعل الإجازة التي أخذتها الحكومة لنفسها، مستغلة عطلة عيد الفطر السعيد، وهو ما لفت إليه أمس وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور بعد زيارته للرئيس نبيه بري عندما كشف بأنه لم تجر في أعقاب الجلسة الأخيرة في بعبدا أي اتصالات بين المعنيين في شأن التفاهم على خطة الكهرباء، لكنه أكد في المقابل، انفتاح <جبهة النضال الوطني> على أي اقتراحات أو حلول للمسألة، داعياً إلى عدم إضاعة البوصلة فالمطلوب أساساً إيجاد علاج لأزمة الكهرباء، قائلاً: <نحن على استعداد للاستماع ولتلقف أي حلول أو مبادرات>·

غير أن مصدراً في الحزب التقدمي الاشتراكي كشف أن رئيس الجبهة النائب وليد جنبلاط أبلغ اجتماعاً لكادرات حزبه أنه يرفض أي مساومة على موضوع الكهرباء، مشدداً عل? ضرورة أن تكون هناك رقابة على عملية صرف الأموال وتنفيذ الخطة، وردّ على فريق النائب ميشال عون الذي طالب بشمول اللجنة أو الهيئة التي اقترحها وزراء الحزب الاشتراكي لمعاونة وزير الطاقة، سائر الوزارات الأخرى بالقول أنه لا يجوز مقارنة وزارة الطاقة بالوزارات الأخرى، لأن هذه الوزارات تنفق من داخل الموازنة، فيما الوزير باسيل يريد أن ينفق 1200 مليون دولار من خارج الموازنة·
وخرجت أوساط سياسية من كلام جنبلاط بانطباع مفاده بأن الأخير وجّه ضربة سياسية قاضية لمشروع عون ربما يكون لها انعكاسات سلبية على العلاقة المستقبلية بين الرجلين·

السابق
هل يذهب ملفّ الكهرباء بحكومة ميقاتي؟
التالي
حيِدوا النفط الليبي