السفير: المحكمة تمهّد لاتهامات جديدة ضـد حزب الله!

شهد لبنان، أمس، نموذجا فاقعا للاستثمار السياسي والإعلامي لحادثة وقعت صباحا في محلة انطلياس، فاذا بها تستهدف أولا قاضيا ومن ثم أقحم «حزب الله» على قاعدة انتماء الضحايا إليه، قبل أن يثبت أن لا هذا ولا ذلك صحيح، وأن المسألة وقعت نتيجة خلاف مادي وشخصي بين عدة أشخاص، بعضهم من تجار السيارات، ذهب ضحيته اثنان منهم أثناء سحب الصاعق المربوط بالقنبلة اليدوية التي كانت بحوزة احد الضحيتين والبالغ وزنها 150 غراماً» حسب التقرير الذي قدمه وزير الداخلية مروان شربل الى مجلس الوزراء عصر أمس.

وقد سارع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى تلقف الحادثة بدعوته المجلس الاعلى للدفاع للاجتماع اليوم «لاتخاذ الاجراءات المناسبة لتنفيذ سياسة مجلس الوزراء في الدفاع والحفاظ على الامن»، محذرا من ارتداد ما يجري من تطورات في المنطقة على الواقع الأمني اللبناني. أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فقد أكد أن «الوقت اليوم لا يسمح لأي منّا بمغامرات ورهانات تفوق قدرة اللبنانيين على تحمّل تبعاتها وخسائرها، لأن وجود رابح وخاسر في هذه الرهانات سيؤدي إلى انفعالات وردات فعل لا يمكن تدارك مخاطرها على الوحدة الوطنية».

وبالتزامن مع حادثة انطلياس، ومع انتهاء مهلة الثلاثين يوما المحددة لتوقيف الواردة اسماؤهم كمتهمين في القرار الاتهامي الصادر عن مدعي عام المحكمة الدولية دانيال بيلمار في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، برزت الى الواجهة السياسية، مسألتان، أولاهما تحويل رئيس المحكمة الدولية القاضي أنطونيو كاسيزي مقالة نشرت له، أمس، في صفحة «الرأي» في الزميلة «الحياة»، الى بيان صادر عنه راحت تبثه الفضائيات اللبنانية والعربية والمواقع الالكترونية بصفته «خبرا عاجلا»، وثانيتهما، توجه المحكمة الدولية لتوجيه مزيد من الاتهامات في اتجاه «حزب الله» في جرائم أخرى، تبعا لمجريات اللقاءات التي جرت في مكتب المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بين فريق من المحققين الدوليين وكل من النائب مروان حمادة والوزير السابق الياس المر والزميلة مي شدياق.

وأعطت الاجتماعات مؤشرات واضحة حول ماهية القرارات الاتهامية التي اعلن مدعي عام المحكمة انه سيلحقها بالقرار الاول في وقت قريب، وفي مقدمها، كما عكس الثلاثة المذكورون، ايجاد ترابط بين قضايا رفيق الحريري ومروان حمادة والياس المر وربما قضية اغتيال الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، كما رجحت بعض المصادر المواكبة.

وفيما قال حمادة لوكالة «فرانس برس» انه تبلغ ان اعلانا سيصدر قريبا في قضيته وقضية المر، اشار الى «ان المعلومات التي قُدِّمت لنا (من المحققين) مؤسفة، وتكشف حجم المؤامرة»، أما المر فقد أعلن انه تبلغ من المحكمة الدولية هوية الذي حاولوا اغتياله، الا انه وجه اصبع الاتهام الى «حزب الله» من دون ان يسميه بقوله «في المبدأ المتهمون باغتيال الرئيس رفيق الحريري من المفترض ان يكونوا هم وراء محاولة اغتيالي»، وأعلن أن قضيته ستضم الى ملف اغتيال الحريري.

وقالت الزميلة مي شدياق، بحسب ما تبلغت من وفد المحكمة، ان قضيتها ليست مرتبطة بقضية اغتيال الحريري، مشيرة الى ان ما سيتم كشفه قريبا، وفي غضون ايام، يتعلق بالترابط العملي بين اغتيال الحريري وبين قضيتي المر وحمادة، وبين جريمة ثالثة تكتمت عليها. واشارت شدياق بناء على ما سمعته من وفد المحكمة الى انه في غضون ايام سيتم ايضاح التفاصيل المتعلقة بالاشخاص الاربعة المتهمين من قبل المحكمة الدولية، «وبالتالي التحقيق سوف يركز على هؤلاء».

وذكرت مصادر قضائية أن الاستماع إلى افادتي المر وحمادة يدخل في اطار إجراءات نقل قضية محاولة اغتيالهما من القضاء اللبناني إلى المحكمة الدولية لترابط محاولتي اغتيالهما، مع جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من ناحية الاشخاص والجهات التي نفذتها.

«أبو مازن» في بيروت الاسبوع المقبل
من جهة ثانية، اعلن في بيروت امس ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيزور لبنان في السادس عشر والسابع عشر من الشهر الجاري. وقالت مصادر فلسطينية لـ«السفير» ان عباس سيلتقي رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الثلاثاء في 16 الجاري، حيث سيقيم رئيس الجمهورية مأدبة افطار على شرفه، وفي اليوم التالي سيلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ان يزور ايضا مقر السفارة الفلسطينية. واشارت المصادر الى ان الغاية الأساسية من الزيارة هي التشاور في الاستحقاق المنتظر في الامم المتحدة في ايلول المقبل والمتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكذلك بحث ما يجري في فلسطين في ظل سياسة الاستيطان الاسرائيلي والتهويد الجارية للمدن الفلسطينية، كما سيشكل وضع الفلسطينيين في لبنان بندا اساسيا في المباحثات بين عباس والمسؤولين اللبنانيين.

وعشية زيارة «ابو مازن»، قرر مجلس الوزراء «بدء الاجراءات الآيلة الى تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطين»، وناقش المجلس من خارج جدول الأعمال الموضوع الكهربائي، وتم التوافق على أن تبادر الحكومة في الجلسة المقبلة (الخميس في 18 الجاري)، الى تقديم مشروع قانون حول الكهرباء، يستند للاقتراح النيابي الذي تمت مناقشته في جلسة مجلس النواب يوم الاربعاء الماضي، ولكن مع تعديلات طفيفة في الصياغة، وهو الأمر الذي سيتطرق اليه وزير الطاقة جبران باسيل في مؤتمر صحافي يعقده ظهر اليوم في الوزارة.

واعقب جلسة مجلس الوزراء مأدبة افطار اقامها رئيس الجمهورية ميشال سليمان وألقى خلالها كلمة اكد فيها ان الاستقرار والتوافق العام في لبنان يحتاجان الى اطر حوارية والتوافق على قانون انتخابي جديد ووضع تصور شامل لموضوع اللامركزية الادارية .

يذكر أن العماد ميشال عون اتصل بدوائر القصر الجمهوري وأبلغها أنه لن يشارك في الإفطار لأنه يرفض الجلوس على طاولة واحدة مع «بعض الحرامية وسارقي المال العام».

السابق
خيارات القيادة السورية أمام العزلة الدولية
التالي
الشرق الأوسط: واشنطن تدعو العالم للعمل على رحيل الأسد