الملك السعودي و خطة العدوان على سورية

تكشفت خلال الساعات الماضية ملامح الخطة الأميركية التي تستهدف سورية بصورة تلاقي التحذير الذي أطلقه مندوب روسيا في حلف الناتو من وجود مشروع لحرب كبرى في المنطقة تنطلق من التدخل العسكري في سورية بهدف السيطرة العسكرية على الساحل الشرقي للمتوسط وصولا إلى شن هجوم شامل على إيران والتخلص من القوى التي منعت الحلف الأميركي الإسرائيلي من الهيمنة على المنطقة طيلة السنوات العشر الماضية.

أولا: الموقف السعودي الذي عبر عنه الملك عبدالله بن عبد العزيز في خطابه ليل الأحد حول الأوضاع السورية يمثل انتقالا سافرا في الموقف السعودي نحو المجاهرة بالانخراط في خطة استهداف سورية بعدما كانت السعودية تتدخل لدعم خطة تخريب سورية بواسطة جهاز بندر بن سلطان الأمني و ربيبه سعد الحريري و من خلال احتضان زمرة خدام والشبكة الوهابية التكفيرية المتطرفة ، و حيث قامت السعودية بتقديم الدعم والمساندة ماليا وإعلاميا لجماعات التكفير ولتنظيم الأخوان المسلمين في سورية .

وضعت وسائل الإعلام السعودية وبصورة خاصة قناة العربية وجريدتا الشرق الأوسط والحياة في حال استنفار منذ شهر آذار الماضي لاستهداف سورية التي يشغل الهجوم عليها المساحة الرئيسية من الموضوعات والتقارير والتعليقات في هذه الوسائل وحيث أفسحت السعودية جميع المنابر التي تملكها أو تمولها للمجموعات السياسية السورية المقيمة في الخارج والمنخرطة في خطة التخريب وإثارة الاضطرابات ، و من العلامات الفارقة الدالة على تورط السعودية أن قناتي التكفير وصال وصفا موجودتان في الرياض وتحظيان بتمويل سعودي سخي وهما مكرستان للتحريض داخل سورية بينما يقيم شيخ التكفير عدنان العرعور في المملكة برفاهية وأمان وهو يدعو إلى عمليات القتل المنظمة والجماعية عبر قناته الفضائية.

ثانيا: كان البعض في المنطقة وفي سورية نفسها يعتقدون بأن كل تلك الأنشطة التي تستعمل أدوات سياسية وإعلامية وأمنية وأموالا سعودية لم تكن تحظى برضى الملك السعودي وربما تجري دون علمه وانتقال الملك إلى المجاهرة بموقفه العدائي، جاء ضمن خطاب تجاهل كليا وجود عصابات مسلحة تعتدي على الآمنين وعلى القوى الأمنية وتقتل الناس وتقيم سلطة إرهابية حيث تنتشر و تدفع الأهالي إلى النزوح عن بيوتهم و بدلا من التضامن مع سورية في مكافحة الإرهاب و الفوضى تحرك الملك لنجدة الإرهابيين و ميليشياتهم قبل تصفية معاقلهم الأخيرة على الأرض السورية .

لا يمكن لأحد في البلاد العربية أن يصدق أن المملكة السعودية راغبة في نشر الديمقراطية والانتخابات والتعدد السياسي والحزبي في البلاد العربية ، و الأولى بتلك الصحوة الملكية هم أهل الجزيرة العربية ، بينما يقود الملك نظاما استبداديا ينتمي إلى القرون الوسطى يحميه السيافون والمطاوعة وتتحكم المخابرات الأميركية في مفاصله ، ولا يمكن لأي عاقل في العالم أن يصدق ذلك الحرص المزعوم على حقن الدماء في وجه تمرد عسكري ضد الدولة الوطنية من نظام تخصص في إبادة المعترضين والمحتجين وحيث لا مكان لمعارضيه من أبناء الجزيرة العربية سوى المنافي أو السجون التي هي كناية عن مقابر مضمرة يمنع التحدث عنها في أي من وسائل الإعلام وحيث يحتل مشايخ التكفير كصالح اللحيدان مواقع قيادية في الدولة محصنة بأمر ملكي ضد أي انتقاد.

ثالثا: جاء كلام الملك عبدالله مباشرة بعد بيان مجلس التعاون الخليجي وبعد تصريحات رجب طيب اردوغان العدائية ضد سورية وذلك كله يتم بالأمر الأميركي الذي بلغ مكتب أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي المنضم إلى جوقة التحريض ضد سورية في ندائه الدبلوماسي الذي أصدر في التوقيت نفسه.

الهدف المباشر هو تحضير الأجواء للتدخل في سورية و ذلك في ضوء العناصر التالية :

1- تبين أن الجيش السوري عصي على العبث بوحدته وتماسكه وبولائه للرئيس بشار الأسد وهو ما عبرت عنه الخيبة الأميركية والتركية من الرهان على حدوث انشقاق في المؤسسة العسكرية والأمنية السورية طيلة الأشهر الماضية .

2- تمكنت الدولة الوطنية السورية بفضل اليقظة الشعبية داخل البلاد من إغلاق جميع المنافذ التي توسلتها الميليشيات العميلة لتأمين رأس جسر للتدخل الأجنبي و قد عبر الشعب السوري بغالبيته الموصوفة والمشهودة في الميادين والساحات عن رفضه للفتنة وإدانته لعصابات الإجرام والقتل .

3- باشرت المؤسسات الدستورية السورية العمل على تنفيذ الإصلاحات التي تتخذ ذريعة لإثارة الاضطرابات في البلاد و ذريعة موازية للتدخلات الأجنبية و بالتالي فإن إحدى الغايات التي تحرك مشاريع التدخل هي قطع الطريق على الإصلاحات .

4- بؤر الإرهاب والتخريب التي أقامتها الميليشيات المسلحة لما يسمى بالمعارضة السورية تلفظ أنفاسها الأخيرة في حماه وحمص ودير الزور و التدخلات الحريرية المنطلقة من لبنان عبر شحنات السلاح وعبر ضخ الأموال باتت تحت عين وقبضة السلطات الأمنية اللبنانية والسورية بينما انتشر الجيش السوري على جميع المنافذ الحدودية و أجهض جميع محاولات إنشاء جيب للتدخل العسكري.

5- من الواضح لذلك كله أن التمهيد للتدخل الخارجي في سورية قد انطلق بإشارة من واشنطن والغاية المباشرة هي تأمين غطاء من الجامعة العربية لتدخل تركي عبر اجتماع ثلاثي أميركي ـ سعودي ـ تركي علم أنه سيعقد قريبا في حين تهدف محاولة استصدار موقف من الجامعة العربية إلى كسر الجدار الروسي والصيني داخل مجلس الأمن الدولي.

التدخل في سورية سيثير موجة واسعة من المقاومة الشعبية فالسوريون متمسكون بوطنيتهم وبعروتهم وبسيادتهم على بلادهم وسيكون الجيش والشعب بقيادة الرئيس الأسد في مجابهة أي عربدة عسكرية تركية أم أطلسية وما لم يضعه الغرب في حسابه هو شراسة المقاومة التي سيلقاها أي تدخل في سورية والكلفة الكبيرة التي سوف تلحق بالمعتدين وبالمتدخلين والتي لن تنجو منها القاعدة الغربية المعتدية إسرائيل.

الحلف الذي يتحرك ضد سورية دوليا وإقليميا له غاية واحدة هي ضرب قوة المقاومة التي تمثلها سورية والنيل من مناعتها ومن صمودها والفصل الجديد من خطة التخريب يتوسل التدخلات الخارجية بعدما تكفل الشعب والجيش السوريين طيلة الأشهر الماضية بإفشال محاولات التخريب في الداخل التي يدعمها ذلك الحلف ويقدم لها كل الإمكانات والاحتضان السياسي والإعلامي في السر والعلن و الحرب التي يغامر بها الأميركيون و عملاؤهم في المنطقة ستكون وبالا عليهم بدون استثناء و سوف تشكل إعلانا مكرسا لولادة الشرق العربي الحر الذي انبثق في انتصار تموز 2006 .

السابق
بدء الجلسة التشريعية العامة
التالي
ابراهيم كنعان: سندعم حلا يؤمن السلامة في المنصورية ولا نحرم من الكهرباء