أوساط دار الفتوى تستغرب الحملة الحريرية على قباني

توقفت أوساط دار الفتوى باستغراب امام «الحملة الناعمة» التي بدأتها بعض الأطراف المحسوبة على الرئيس سعد الحريري ضد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، منذ أعلن دعمه تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة.

ولاحظت الاوساط ان الحملة بدأت منذ اشهر لكن المفتي لم يشأ الرد لكن تصاعدها، تزامن هذه المرة مع التصريح الذي أدلى به قباني في الاسبوع الماضي وتمنى فيه للحكومة ولرئيسها «التوفيق في ما يقدم الخير للبنان واللبنانيين، واعتبر ان ميقاتي هو «رجل علم وسياسة وخلق ودراية وحكمة»، لكن يبدو ان هذا التوصيف البسيط من المفتي لرئيس الحكومة استفز بعض المحسوبين على «البطانة الحريرية»، ومنهم من هو مقرب جداً من الرئيس فؤاد السنيورة، فانتقدوا بشدة كلام المفتي، معتبرين «ان المسلمين الذين هضمت كراماتهم لهم موقف آخر من ميقاتي».

كما جاءت هذه الحملة بعد التوجهات الجديدة التي بدأ تنفيذها قباني في دار الافتاء وفي بعض المؤسسات التابعة لها، والتي اريد لها ان تضع الدار وصاحبها في موقع جديد على كل المستويات الادارية والدينية والارشادية، وذلك في إطار مراجعة المرحلة الماضية وما تخللها من انقسامات خطيرة داخل الطائفة السنية ذاتها، وصولاً الى بلورة قناعة بوجوب ان تكون دار الفتوى على مسافة واحدة من كل الاطراف في الطائفة وفي الوطن، لذلك فهو لم يقم بأي زيارة منذ نحو سنة لأي مرجعية في الطائفة، كما جاءت التعليمات لكل خطباء الجمعة بعدم مقاربة اي موضوع سياسي خلافي.

وأكد المفتي قباني في تعليماته على وجوب ان تندرج الخطب ذات ضمن الاطار الوطني والاسلامي العام، وأن تركز على معيشة الناس واحتياجاتهم وتصويب أي خطأ في كل امر يُعنى بهموم الناس ومصالح الوطن والمواطنين، اضافة الى التركيز على الارشاد الديني.

وتؤكد اوساط دار الفتوى ان هناك تجنياً على المفتي باتهامه بالانقلاب على موقفه الداعم لبيت الحريري، واوضحت ان قباني لم يخرج عن الثوابت الوطنية والسنية التي مارسها طيلة عمله، وانه لا زال يكن لبيت الحريري كل المحبة والود والتبني لقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكنها تساءلت هل يمكن ان يقاطع مفتي المسلمين والسنة منهم بصورة خاصة، مقام وموقع رئيس الحكومة وشخصه؟ وهل مسموح ان يؤم المفتي صلاة الجمعة في السرايا الحكومية دعماً للرئيس فؤاد السنيورة ايام الاعتصام الذي نفذته المعارضة السابقة في مواجهة السرايا الكبيرة، او ان يدعم تكليف الرئيس سعد الحريري ومسيرة حكومته، فيما ممنوع عليه ان يقف الى جانب الرئيس ميقاتي او اي رئيس حكومة آخر؟
وتقول اوساط مقربة من المفتي قباني انه مسؤول عن موقع وعن طائفة لا عن شخص او طرف، وجميع زعماء الطائفة واركانها هم بمثابة الابناء للمفتي، عدا عن ان الرئيس ميقاتي هو حكماً عضو في المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى الذي يرأسه المفتي، فهل يقاطعه المفتي كرمى لفلان او فلان؟
واضافت: المفتي قد يصيب او قد يخطئ لكنه لا يفرط بالثوابت بل لديه مواقفه المتمايزة ولا يجوز أن يُعامل على قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا او على انه تابع لهذا الفريق او ذاك، والمفتي يفتح أبوابه أمام الجميع، وواجبه حفظ وحدة الطائفة والوطن والعيش الوطني المشترك، وهو لن يقفل دار الفتوى بوجه اي طرف كرمى لطرف آخر، ثم أي ثوابت انقلب عليها المفتي، لا سيما في ما خصّ قضية المحكمة الدولية او الحفاظ على موقع رئاسة الحكومة بوجه المتهجمين عليها او الذين حاولوا مصادرة دورها او تجاوزه، عدا عن ان ميقاتي لم يفرّط بهاتين الثابتتين، بل تمسك بهما بعد تكليفه وظهر ذلك في مواقفه خلال فترة تشكيل الحكومة وفي بيانه الوزاري.

واشارت الاوساط ان الجميع سيلمس توجهاً جديداً في دار الفتوى بعد معالجة كل الاشكالات والالتباسات التي كانت قائمة، وقد بدأت تباشير ذلك في التعيينات الجديدة التي أجراها المفتي في هيئات الدار، وفي تعيين بعض المفتين في المناطق، مع ان بعضهم تم تعيينه ارضاء لآل الحريري.

السابق
المسيحيون وسورية
التالي
الوقت الضائع والبلد السائب…