قبلان: للابتعاد عن الحساسيات والتأثيرات الخارجية

 ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان خطبة الجمعة التي استهلها بالقول "شهر شعبان، شهر الخير والبركة والتقرب من الله، ففي مثل هذا الشهر المبارك ولد الإمام الحسين، فولادته أدخلت السرور على قلوب المؤمنين والموالين والمحبين، وعم نور مولده الخافقين، ولا يمكننا في ذكرى ولادته الا ان نعيش تضحيته واستشهاده، فحياته فيها العبر، ولها وقع خاص على العلماء والحكماء، ويفتخر الخلق بالحسين وعطاءاته، فهو سيد في الدنيا والآخرة، يجذب الأخيار بمحبته وسيرته وكرامته، فالامام الحسين مصباح الهدى، نحبه لأصله وفصله وحسبه ونسبه، فالامام الحسين مع اخيه الامام الحسن سيدي شباب أهل الجنة، فهذا البيت المعمور بالمناقب الحميدة والاخلاق الحسنة يمتد مع التاريخ والتاريخ له اصول وفروع، ونحن اليوم نستوحي من الامام الحسين الاصول والفروع التي استمدها من رسول الله".

أضاف: "في هذا الشهر المبارك تتوافد الجموع الكريمة لكربلاء وزيارة الامام الحسين واخيه العباس لتجديد المحبة والولاء، فزوار كربلاء يعبرون المسافات من اجل ان يقولوا لبيك يا حسين يا من رفعة رأس الأمة ووقفة بالمرصاد للطاغين والظالمين والمنحرفين، ورغم كل التحديات والحروب التي كانت معلنة على الامام الحسين والحصار المضروب حوله ومنعهم من الماء والحركة والرجوع إلى مدينة جده، فكان قوله والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل، هذا الانسان العظيم الذي حارب الظلم والطغيان، وواجه العتات، وحفظ الدين، هذا الكريم الاصيل في نسبه وحسبه، نحبه لانه واهل بيته احبوا الله وعظموه ورفعوا رايته، فعلينا جميعا مراجعة حساباتنا والعودة لتعظيم شعائر أهل البيت من جديد، فهم عصمة لمن اعتصم وملاذ لمن التجأ اليهم وتمسك بحبلهم، وعمل عملهم، فنكون ممن يقتدون بسيرتهم ويسلكون مسلكهم، فالله سبحانه خص أهل البيت بمحبته وولايته، فعلينا التمسك بهذه الولاية، وإتباع أهل الحق واهل الصدق، ونستثمر هذه الولاية لتكون الغطاء والدثار والشعار لنا، فولايتنا لأهل البيت عز وافتخار، والتمسك بولايتهم نبل واعتزاز، والسير على طريقهم تمجيد وتعظيم وافتخار، فالملايين من الناس يتوافدون من كل حدب وصوب، ويبذلون الجهد ليتمسحوا بعتبات أهل البيت، ليكونوا معهم في الشدة والرخاء والسر والعلانية، هذه الجاذبية التي تشدنا باستمرار إلى ان نكون في رحاب أهل البيت، فهنيئا لمن والى، واحب، وعمل ليحظى بمحبتهم وقربهم، علينا ان نكون من طلاب الآخرة لا من طلاب الدنيا، فنحن مع الولاء المطلق والمحبة الخالصة والثقة باهل البيت، لذلك نعمل باستمرار لنحظى بحبهم وشفاعتهم، نعمل باستمرار لنكون قدوة وفئة صالحة، هذه المحبة ناتجة عن طهارة المولد، فالطريق معبدة امام أهل الحق والابرار والأخيار والأطهار".

ودعا الجميع الى "بناء مجتمع مثالي يتخلق بأخلاق الانبياء والرسل، ويكون في رحاب الله وفي خندق المواجهة ضد الشيطان، فلا نفرح بزينة الدنيا ولا نحزن على ما فات منها، نسير بخطى ثابتة لنكون مع الرعيل الاول من الأخيار والأبرار وأهل الحق وأهل الكياسة والعقل والدراية، وعلينا ان نختار من تربى في بيئة صالحة، فالرسول يقول: "اختاروا لنطفكم فان العرق دساس"، فعندما نختار الصالح تأتي النطفة الصالحة، فعلينا ان نختار لنطفنا التي تربت في بيئة صالحة لنبني جيلا صالحا ومجتمعا مثاليا، الإنسان يصطحب معه العمل الصالح، ان للمرء المسلم ثلاثة أخلاء، خليل يفارقك عند الموت، وخليل يتركك عند القبر، وخليل يصطحبك في الحياة والممات، الاول هم المال، فهو ينتقل إلى الورثة، واما الثاني فهم اخلاء يرجعون عند دخولك القبر، اما الثالث الذي يبقى هو العمل، واما ان يكون صالحا فتنعم فيه في جنات الخلد، او شرا فتتقلب فيه في الجحيم، وأهل البيت هم الشفاعة والرجاء نحبهم لان الله احبهم واختارهم من بين العباد وجعلهم ادلة وطريق، وهم العمل الصالح الذي يوصلنا إلى طريق الجنة، فعلى المرء ان يعرف من يختار وبمن يقتدي، أهل البيت لم يحاربوا من اجل الدنيا بل وقفوا في وجه البدع والتيارات المغرضة والانحرافات، فلا يغري أهل البيت إلا محبة الله والتواصل معه".

وقدم الشيخ قبلان النصيحة للجميع "بسلوك الطريق المستقيم، والابتعاد عن الحساسيات والعصبيات والتأثيرات الخارجية، التي لا تريد لبلادنا الخير، وتعمل على شرذمة أللبنانيين، ضعوا ايديكم بأيدي بعض، واحفظوا بلدكم من كل شر".

ورأى "ان لبنان كاد ان يكون على مفترق طرق، ولكن الله أنقذه بحكمة الحكماء وبتدبر أهل الرأي والعقلاء، ونهنئ اللبنانيين بتشكيل الحكومة، ونخص بالتهنئة الاستاذ نبيه بري الذي خاض المعركة بصدق وروية وحكمة، ونتمنى ان يستمر التعاون والتواصل بين كل اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم، فنحظى بالتوفيق، ونبلسم الجراح، ونكون دعاة خير".

ودعا اللبنانيين إلى "العودة إلى الطريق الصحيح والسليم، والاقتداء بعمل الانبياء، وسيرة الأتقياء، ونهج الأخيار لنصون أرضنا، ونحفظ شعبنا، ونخرج لبنان من الازمات فنكون على ارض صلبة عصية على الهزات والزلازل المفتعلة، ونكون مع الله لان الله أمرنا بالاعتدال والحكمة والدراية لان اعقل الناس من دار الناس". 

السابق
يوم عربي!!
التالي
السيد جعفر شرف الدين: الجعفري المشرقي المنفتح