بولونيا تمنح ميشال إده

لم تكن باقة الورود الحمراء والبيضاء أكثر إشراقاً ونضارة من وجه الوزير السابق ميشال إده، أمس. فالتجاعيد لم تقو على الملامح التي طالما غرقت في البحث والقراءة. حتى يمكن القول إن ما ظهر منها ليس سوى خطوط شقتها الابتسامة الدائمة على محياه. وهي ابتسامة قويت، في احتـــفال تقليده «وســــام صليب الاستحقاق البولوني المذهّب»، من قبل جمهـــورية بولونيا، على «تعب»، أبلغ إده الحضور بنفسه أن «مصدره سرطانان وقلب ضعيف».

لا بدّ أن يتبادر إلى ذهن أي امرئ سؤال عن سبب تكريم دولة بولونيا لميشال إده؟ لكنّ استرجاعاً بسيطاً لنشاط إده ومسيرته السياسية والثقافية والإعلامية والحقوقية على حدّ سواء، يؤكد أنه «ممثل لامع للنخبة السياسية والثقافية اللبنانية»، كما لفت سفير بولونيا في لبنان توماز نيغودزيش خلال نقله عرفان الرئيس البولوني برونيسلاو كوموروسكي لجهود المكرّم الكبيرة. وإليه، يضيف السفير سيلاً من الأسباب التي تقف خلف التكريم، فيبدأ بترؤس إده مجلس إدارة أعرق صحف لبنان L’orient Le jour والتزامه منذ سنين في التقارب اللبناني البولوني، «وتنمية التعاون بين بلدينا». كما كان له إسهام في جعل الثقافة البولونية أكثر فهماً في لبنان، وخاصة في إنجازات الآثار البــــولونية، لا سيـــما حين تسلّم إده حقيبة الثقافة في العامين 1992 و1996.
وإلى تلك الأسباب مجتمعة، يضيف نيغودزيش تنشيط المكرّم للحوار الإسلامي المسيحي، وهو «المسيحي الماروني الورع»، وقد شهد على ذلك رئيس جمهورية بولونيا السابق ليش فاليسا، حين دعاه إده إلى المشاركة في اللقاء الإسلامي المسيحي في لبنان في الخامس والعشرين من آذار الماضي. كما سلطّ إده الضوء خلال عمله الصحافي، على وجود لاجئين بولونيين في لبنان خلال الحرب العالمية الأولى، وقد دعا عدداً من الشباب البولونيين مؤخراً إلى لبنان للتعرّف إليه.

كان قد سبق السفر البولوني في تعداد ميزات إده، في الحفل الذي شهدته مدرسة سيدة الجمهور، مساء أمس الأول، الأمين العام لرابطة قدامى مدرسة سيّدة الجمهور ناجي الخوري، فقال: «لقد شاهدته بأم عيني يربّت على كتف إحدى الشخصيات المسلمة مؤكداً له، كما لو كان يكافئه، بالقول: أنت جيّد لدرجة أنك تستحق أن تكون مارونياً.
ولا أظنّ أن أحداً آخر يمكنه أن يطلق عبارة كهذه، ويتلقى كجواب عليها ابتسامة صداقة محببة». كما روى: «رأيته يحرر شيكاً لإحدى مجلات «حزب الله»، على حساب الجمعية التي أسسها مع أبنائه «المسيح القائم، لبنان القائم من بين الأموات». وعلى ذكر «حزب الله»، لا أظنّ أنه خـــصّ أحداً بالتـــكريم والتنويه كميشال إده، إثر حلقاته الخمس والستين حول إسرائيل واليهود في تلفزيون المنار».

وهو أهدى، بحسب خوري، أيقونة الميدالية العجائبية إلى رئيس «مجموعة بنك بيبلوس» فرنسوا باسيل، كما أهداها إلى السيد حسن نصر الله منذ سنوات.
هكذا هو ميشال إده.. مؤسسة بحدّ ذاته، وهو يواجه «سرطانين بقلب مريض»، كما يحلو له أن يردّد ببرودة أعصاب، مكرراً صلاته اليومية: «لتكن مشيئتك».

ولهـــذا كله، استحق ميشـــال إده الوسام، كما قال الرئيس العام للـمدرسة برونو ســـيون.

أمس الأول، لم يخف ميشال إده تأثره، وهو يضيف إلى أوسمة العرفان والتقدير وساماً جديداً. وقد أشار إلى قوة الشعب البولوني في نيل استقلاله واسترجاع سيادة أرضه، وذلك بعدما تمّ محو بلدهم عن الخريطة الدولية لعقدين من الزمن. وأكد على الدور السياسي الذي أدته الكنيسة البولونية، كما الكنيسة المارونية اللبـــنانية، «التي ساهمت في تثبيت كيان لبنان». وهو استـــعاد أيام وجود لاجئين بولونيين في لبنان خلال الحرب العالمية الأولـــى، ثم الوفود التي زارته لمرات، والتـــي يــتذكّر منـها، كما قال ممـــازحاً، «البولونيات».

بعدها، انتقل الحضور إلى شرب نخب المناسبة، ومن بينهم كان حاضراً السفير البابوي غابريال كاشيا، ومطران بيروت بولس مطر، وأعضاء من لجنة القدامى التي ترأسها إده لفترة من الزمن.

السابق
رئيس مستشفى جزّين: هل بدأت الكيدية ؟
التالي
توقّف عن العمل الثلاثاء لخمس دقائق