البرغش يفتك بأهالي الزهراني

في الأيام الأخيرة، توافد إلى عيادة الطبيب محمد خروبي في الصرفند في قضاء الزهراني، عشرات الأشخاص يعانون تورّماً واحمراراً واحتقاناً في الجلد وارتفاعاً في درجة الحرارة. بعد معاينتهم، تبيّن أن سبب هذه الحالات تعرّضهم لـ«عقصات» البرغش. إحدى المريضات، لا تزال تعاني منذ أكثر من أسبوع تورّماً في أنحاء جسدها المحتقن والمحمر مع ارتفاع في الحرارة. وقد أشارت السيدة إلى أن هذه العوارض بدأت من «عقصة برغشة»، قبل أن تتطوّر بسرعة لتتمدّد إلى كامل جسدها، وتصيبه بنوع من الخمول والوهن. بداية، عمد الطبيب إلى معالجتها بمضادّ الالتهابات والحساسية وأدوية لخفض حرارة الجسم، لكن هذه الأدوية لم تنفع في وقف التورّم والعوارض الأخرى، ما اضطرّه أخيراً إلى استخدام حقنات من الكورتيزون لمواجهة الحالة. من «العقصة» تسمّم جسم السيدة، وأصيب العديد من المواطنين بعوارض صحية، فلماذا تزايدت أعداد الحشرات، ولا سيما البرغش والذباب، وباتت مؤذية إلى هذا الحد؟

يوضح خروبي أن أسباباً عدة تجعل من منطقة الزهراني مكاناً «مثالياً» لتكاثر ظاهرة الحشرات الضارة، وخصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة. «أوّلها المكبات العشوائية المنتشرة بين المنازل السكنية والحقول والنفايات المرمية على جوانب الطرقات. وثانيها الاستخدام غير المدروس للمبيدات الزراعية في البساتين والأراضي الزراعية بين البيوت، إلى جانب غياب الرقابة على عمل المسالخ والملاحم، ولا سيما تجمع المسالخ في البيسارية». كل هذه العوامل تجعل البيئة مثالية لتكاثر الحشرات الضارّة والسامة.

هذه المشكلة التي تتكرّر مطلع كلّ صيف، تترافق مع أسئلة يطرحها المواطنون عن السبل الأنجع للقضاء على الحشرات الضارة، ومواجهة عدوانها عليهم، ولا سيما ليلاً، في ظلّ انقطاع الكهرباء. فهم كانوا يعمدون سابقاً إلى رشّ بيوتهم ومحيطها بأدوية خاصة للفتك بها. لكن هذا الأسلوب لم يعد ينفع؛ إذ يشير الكثيرون إلى أن الحشرات باتت أقوى من المبيدات التي لا يمكنها الفتك بها أو طردها إلا لوقت قصير. وتحدّث آخرون عن أن الرشّ الفردي أثبت عدم فاعليته أيضاً؛ «لأن الحشرات تهرب من البيت المرشوش إلى البيوت المجاورة».

الأنس المفقود في السهرات، وخلال النوم، بسبب «عقصات» البرغش وإزعاج الذباب، إلى جانب «فتكها» بالناس، رفع أصوات المطالبين بقيام البلديات بحملات رشّ شاملة في البيوت ومحيطها حتى «إسقاط البرغش». إلا أن الدعوة التي كانت تمثّل سابقاً إحدى مهمات البلديات، لم تلق تجاوباً كاملاً من البلديات؛ إذ لم تبادر الكثير من بلدات الزهراني إلى تنظيم حملات رش بسبب كلفتها العالية التي تتطلب شراء مبيدات خاصة، بعدما أقلع معظم العاملين في هذا المجال عن اعتماد الطريقة القديمة القائمة على الرش بالمازوت؛ لأنها سبب الكثير من الأمراض والضرر، وباتوا يستوردون منتجاتهم من الخارج.

مبادرات بلدية

أعلنت بلدة البابلية أنها ستطلب مؤازرة وزارتي الصحة والزراعة في قمع هجوم الحشرات. وأشار رئيس بلديتها، حسن حطيط، إلى أن تحمّل البلدية لمهمة الرش بدعم من الوزارات المعنية ينقذ المواطنين من التكلفة المرتفعة التي يتكبدونها في رش بيوتهم، وخصوصاً أن رشّ البلدية يفترض أن يكون أكثر تنظيماً ومحافظة على البيئة.

كان اتحاد بلديات قضاء صور يخصّص عند بداية كلّ صيف منحاً خاصة لأعضائه من الأدوية والمبيدات، إضافة إلى التكلفة المالية لتنظيم حملات رش في كلّ منها، إلا أنه لم يفعل ذلك هذا الصيف، وبات على كلّ بلدية أن تتدبر أمرها. وكانت مدينة صور أولى البلديات التي نظمت فرق الأشغال فيها حملة رش مبيدات حشرية في شوارعها وشواطئها وفي حديقتها العامة.

السابق
المستقبل: أحمد كرامي يرفض أن يختار “حزب الله” الوزير السنّي السادس
التالي
من يغطي مرملة كفرشوبا؟